28-سبتمبر-2019

تواجه محافظة حضرموت أطماعًا سعوديًا إماراتية (فيسبوك)

يتواصل الصراع الإماراتي السعودي للسيطرة على محافظة حضرموت، في الوقت الذي يحاول أبناء المحافظة تجنب الصراع والنأي ببلدتهم من أي مواجهات عسكرية بين القوات الشرعية التي تتمركز في وادي حضرموت والقوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي المدعومة من أبوظبي التي تتمركز في الساحل.  وتسعى كل من أبوظبي والرياض للسيطرة على المحافظة، فالإمارات تريد الموانئ والسعودية تريد المناطق النفطية في المحافظة الأكبر في البلاد.  

في الوقت الذي تطالب فيه الحكومة برحيل القوات الإماراتية من اليمن ووقف تدخلها في شؤون البلاد، يقدم البحسني شكره لولي عهد الإمارات من جهة ويزورها من جهة أخرى

ويحاول وجهاء وزعامات المحافظة خلق توازن بين الانتقالي الجنوبي والحكومة الشرعية من جهة، وبين الرياض وأبوظبي من جهة أخرى، من أجل المحافظة على المدينة وكسب ود جميع الأطراف، فالمحافظة لم تعلن دعمها للانتقالي خلال انقلاب عدن، ولم تؤيد حكومة هادي، غير أنها بدت أكثر ميلًا نحو الإمارات، وهو ما تعززه الأحداث في الأيام الأخيرة. يأتي ذلك وسط دعوات لبناء دولة مستقلة في محافظة حضرموت بعيدًا عن الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي، بالإضافة إلى دعوات أخرى لإعلان المحافظة إقليمًا مستقلًا ضمن الدولة الاتحادية في التقسيم المتفق عليه خلال مؤتمر الحوار الوطني.

اقرأ/ي أيضًا: سلفيون ومرتزقة وطامعون بالانفصال.. أبرز ميليشيات الإمارات في اليمن

فوكيل محافظة حضرموت لشؤون مديريات وادي حضرموت والصحراء التي تضم 16 مديرية، عصام حبريش الكثيري، أكد في تصريح جديد وقوف أبناء وادي حضرموت مع مشروع الدولة الاتحادية بستة أقاليم والحكومة.

تعمل السلطة المحلية في حضرموت على تلبية رغبات أبناء المحافظة في توفير الخدمات من جهة، وإرضاء الأطراف الخارجية من جهة أخرى، بشيء من الدبلوماسية القلقة، المنحازة في كثير من الأحيان إلى أبوظبي. في السياق أوقف محافظ حضرموت تصدير النفط الخام للضغط على الحكومة لكي تلبي طلبات المحافظة في توريد حصتها من صادرات النفط، وعلى إثر ذلك خرجت مظاهرات مؤيدة لقرارات المحافظة، هاتفة ضد الحكومة ورافعة أعلام ما كانت  تسمى بدولة الجنوب العربي، إلى جانب أعلام دولة الإمارات.

وكان المحافظ فرج سالمين البحسني قد وصل إلى الإمارت خلال الأيام القليلة الماضية، في زيارة غير معلنة لم تكن بالتنسيق مع الحكومة، ما اعتبره مراقبون  تمردًا على الشرعية.

لكن المحافظ نشر عقب ذلك تغريدة على تويتر برر فيها سفره إلى خارج البلاد بإصابته بوعكة صحية، بعد وصوله إلى ألمانيا في رحلة علاجية بحسب تعبيره.  

غير أن ناشطين يمنيين يؤكدون أن البحسني بات اليوم أقرب إلى الإمارات أكثر من أي وقت مضى، ففي الوقت الذي تطالب فيه الحكومة برحيل القوات الإماراتية من اليمن ووقف تدخلها في شؤون البلاد، يقدم البحسني شكره لولي عهد الإمارات من جهة ويزورها من جهة أخرى.

يأتي هذا أيضًا بعد أسبوع من أحداث دامية شهدتها المحافظة، كان ضحيتها التواجد السعودي، حيث أودى تفجير عبوة ناسفة بحياة قائد قوات التحالف في منطقة الوادي والصحراء العقيد الركن بندر العتيبي وعسكريان، وسعوديين آخرين وعسكريين يمنيين من المنطقة الأولى، بالإضافة إلى إصابة ستة عسكريين يمنيين مواليين للحكومة في مدينة شبام حضرموت.

جاء ذلك بالتزامن مع مقتل جنديين سعوديين وثلاثة مدنيين يمنيين في منطقة الوديعة الحدودية مع السعودية، بانفجار عبوة ناسفة انفجرت في باص نقل مدني، بالإضافة إلى عدة أحداث شهدتها المحافظة خلال الأسابيع الماضية.

ما هو مستقبل حضرموت؟

تعد حضرموت المحافظة الغنية بالنفط والحدودية مع السعودية كبرى المحافظات اليمنية، وتتمتع بساحل طويل على بحر العرب، وبقيت بعيدة عن الصراع بين الحكومة وجماعة أنصار الله الحوثيين خلال السنوات الماضية.

وتسيطر أبوظبي على سواحل حضرموت عبر النخبة الحضرمية، والتي تم دمجها ضمن قوات المنطقة العسكرية الثانية التي يقودها المحافظ فرج سالمين البحسني، وتسيطر الحكومة عبر قوات الجيش الوطني بدعم من الرياض على ما يعرف بحضرموت الوادي والصحراء بدعم من القوات السعودية.

المجلس الانتقالي هو الآخر فشل في السيطرة على كامل المحافظة، بعد أن هددت القوات الحكومية بدعم من أبناء حضرموت بالتصدي لأي زحف نحوها، بالإضافة إلى الدخول في مشاورات مع الحكومة في مدينة جدة. إلا أن أبوظبي بدأت في تفكيك السلطة الرافضة لدخول الانتقالي وتواجد الإمارات عبر شراء الولاءات وتحسين صورتها أمام أبناء المحافظة من خلال دعمها بالمساعدات النفطية، حسب تقارير عديدة، ناهيك عن نشر الفوضى عبر العمليات الإرهابية وإدخال حضرموت في صراع عبر تعبئة الشارع وتفجير الأوضاع الأمنية.

لم تعد الحكومة اليمنية وبعد أن خسرت عدن إثر انقلاب الانتقالي، قادرة على تحمل خسارة محافظة أخرى، فهي تعمل على تهدئة الأوضاع في المحافظة، مؤكدة التزامها بدفع حصة المحافظة (20 بالمئة من صادرات النفط الخام)، بالإضافة إلى توفير الخدمات الأخرى.

وفي خطاب هادي بمنسابة العيد الـ57 لثورة السادس والعشرين من سبتمبر دعا أبناء حضرموت إلى ألا يتركوا فرصة لمن يريد أن يجر المحافظة إلى أتون الصراع والفوضى، دون أن يسمهم، مؤكدًا تلبية مطالب أبناء حضرموت العادلة. لكن البحسني بات يتجاهل وجود الحكومة وصراعها مع أبوظبي، وسارع للعمل معها، وهو ما يجعل إدارة هادي في قلق مستمر خوفًا من انقلاب آخر يقوده البحسني بدعم من الإمارات عليها في حضرموت، بحسب مراقبين.          

السعودية التي تتغطى بدعم الحكومة هي الأخرى تعمل في المحافظة على تعزيز تواجدها في وادي حضرموت، لكن الإمارات تعمل على تقويض وجودها عبر استهداف قواتها المتواجدة في من جهة واستهداف القوات التابعة للحكومة المدعومة من الرياض من جهة أخرى.

اقرأ/ي أيضًا: غراميات السعودية والقاعدة في اليمن.. حنين إلى مظلة بريجنسكي

ويرى مراقبون أنه في حال لم تغير الحكومة بعض قيادات السلطة المحلية المواليين للإمارات وعلى رأسهم محافظ حضرموت، ولم تلب طلبات أبنائها خلال وقت قصير، سيعمل الانتقالي الجنوبي على تنفيذ تهديداته، من خلال اسغلال تردي الخدمات وحالات الفقر والجوع في إشعال الشارع ضدها من جهة ونشر الفوضى من جهة أخرى.

تسيطر أبوظبي على سواحل حضرموت عبر النخبة الحضرمية، والتي تم دمجها ضمن قوات المنطقة العسكرية الثانية التي يقودها المحافظ فرج سالمين البحسني

وفي الوقت الذي تحاول فيه الحكومة حلحلة الأزمة الاقتصادية، وتشاور الانتقالي من أجل العودة إلى العاصمة المؤقتة عدن، تحضر الإمارات لاستكمال السيطرة على كامل المحافظات الجنوبية، تارة تحت زعم محاربة الإرهاب، واتهام الحكومة بالفساد والفشل في إدارة البلاد تارة أخرى.