هنا ترجمة للحوار الذي أجراه موقع "the talks" مع الفنانة الأمريكية جوليان مور.
- سيدة جوليان، قلتِ مرّة إنّ مهنة الممثل قد "تتبخّر" في لحظة واحدة. هل تخافين من حصول ذلك؟
أعتقد أنّني ذكرت أنّ هذا الأمر حصلَ من قبل ولا يزال يحصل. قد تفكّر أحيانًا بممثّل ما وتقول: "ما الذي جرى معه؟ أين اختفى؟". لا شكّ أنّ بعض الظروف تهوّن من رؤيتنا لما يحصل، فلكلّ شيء تفسير عادةً، ولكن العواقب ليست مضمونة. التمثيل وظيفة حرّة كبقيّة الوظائف الحرّة الأخرى. وحتّى في هذه الأيام، قد تبدو وظيفة ما طويلة المدى، ولكنّك قد تتفاجأ بأنّها ليست كذلك. يقال أحيانًا إنّ على المرء أن يجرّب ست أو سبع وظائف في حياته، لذا فكل شيء ممكن.
جوليان مور: الأمر الممتع في التمثيل هو أنّك كلما شعرت أنّك قد اكتفيت منه، يخرج شيء آخر جديد
- لا شكّ أنّك تجاوزت مرحلة القلق على مستقبلك المهنيّ، ولكن هل تتصورين نفسك تعملين في مهنة أخرى؟
يصعب ذلك الآن لأني لم أعد شابّة (تضحك).. فلا أتخيّل أنّني قادرة على البحث عن شيء جديد. الأمر مضحك، حين كان ابني يبحث عن جامعة مناسبة، ذهبت معه أنا وزوجي لزيارة بعض الجامعات. وكنّا في كل مرّة ندخل إلى جامعة ما نشعر بشوق للعودة للدراسة! حين تكون أكبر سنًّا ستبدأ تفكّر بتعلّم وفعل أشياء جديدة. وقد قلت لزوجي فعلاً إنني قد أنضمّ لأولئك السيّدات اللواتي يلتحقن ببرامج تعلّم الكبار. من يدري؟
اقرأ/ي أيضًا: وودي ألين: الحياة برمّتها أمرٌ تراجيدي
- ألم تمرّ عليك لحظة ما شعرت بها أنّك تودّين ترك التمثيل؟
الأمر الممتع في التمثيل هو أنّك كلما شعرت أنّك قد اكتفيت منه، يخرج شيء آخر جديد. هذا أجمل شيء في هذه المهنة، ففيها قدر كبير من التعلّم، فعليّ في كلّ فيلم أن أتعلم أشياء جديدة، أن أتقن لهجة مختلفة، أو أتعلم شيئًا من لغة أخرى، أن أدرس سلوكًا ما، أو أكتسب مهارات جديدة. تعلّمت في أحد الأفلام مثلاً أن أقود السيارة على سرعة عالية جدًا وأن أدور بها دورة كاملة! يستحيل أن أفعل ذلك قطعًا في حياتي العادية، ولكن في الأفلام، لا مانع أبدًا! (تضحك). ربّما لأنّ الأمر يتعلق بالعمل فإني أكون قادرة على تقبّل الأمر وأن أقنع نفسي به وأقول: "أنا أتعلّم هذا لأنّه جزء من عملي". ومع ذلك لا تزال مثل هذه التجارب توتّرني كثيرًا.
- وكيف تتجاوزين هذا التوتّر؟
عليك أن تجد طريقة لتستجمع تركيزك، وأن تكون مدركاً للشيء الذي تقوم به والكاميرات الموجّهة عليك وما يحدث حولك في المشهد، وهذا يتطلّب قدرًا هائلًا من التركيز.
- هل تعتبرين القدرة على التركيز أهمّ مهارة يلزم الممثل تعلمها؟
أعتقد أنّ القدرة على التعرّف على مشاعر الآخرين هي السمة الأكثر أهمّية، فعلى الممثل أن يعرف كيف يشعر الآخرون، وهذا أصعب أمر أواجهه حين أتجهّز لفيلم جديد، وأنا أهتمّ كثيرًا بهذا الجانب، بل وأعتقد أنّ التمثيل مهنة عظيمة لأنه يمنحك الفرصة للغوص عميقًا في هذه الأمور. ففي فيلم (Freeheld) مثلاً، وهو فيلم قائم على قصّة حقيقية، أديتُ دور لوريل هاستر، وهي محققة تعاني من مرض السرطان، وتُحرم حقّها في منح منافع تقاعدها من العمل إلى صديقتها، ستيسي أندري. ولأنّي هنا أحاول تقمّص شخصيةٍ ما، طلبت اللقاء بستيسي أندري الحقيقية، وكانت كريمة معي ومنحتني بعض الوقت معها في بيتها. شعرت بامتنان كبير، ولكنّها كانت تجربة مليئة بالعاطفة وشعرت بثقل تلك الثقة التي حصلت عليها.
جوليان مور: كل نوع من الأفلام يفرض تحديات مختلفة، وقد تكون الأفلام الكوميدية أصعب أحيانًا
- هل تمثيل الأفلام الكوميدية أقل ضغطًا وصعوبة؟
كل نوع من الأفلام يفرض تحديات مختلفة، وقد تكون الأفلام الكوميدية أصعب أحيانًا لأنّك لا تعرف حقًّا إن كنتَ مضحكًا أو لا، فلا أحد يضحك أثناء تمثيل المشهد، فالجميع يلتزمون بالهدوء، ولو ضحك أحدهم فربّما تظنّ أنّه يحاول أن يكون لطيفًا وحسب (تضحك).
اقرأ/ي أيضًا: كريستيان بيل: لا أعتقد أنّي خلقت من طينة المشاهير
- ما الذي يجب أن يتوفّر في الشخصيّة كي تتحمّسي لأداء دورها في فيلم ما هذه الأيام؟
يجب أن أقرأ هذه الشخصية، فالشخصية لا وجود لها إلا في النصّ، فإن لم أقرأ النصّ لا أستطيع أن أتخيّل الشخصيّة هكذا في الفراغ، فأنا أتأثّر كثيرًا باللغة والقصّة.
- إذًا أنت لا تبحثين عن شيء منك في الشخصيات التي تؤدينها
أرجو أن لا يكون لشخصيتي أثر في الأدوار التي أؤديها، فحياتي الشخصية أمر منفصل عن التمثيل. كلما تقدمت في العمر ازددت رغبة في أن أكون على سجيّتي الحقيقية. يحبّ الناس الحديث عن شخصيّة النساء القويات، ولكن ليس بالضرورة أن تكون الممثلة قويّة، فالذي يمثّل دور سوبرمان لا يحتاج أن يكون قويًا، كل ما تحتاجه هو القدرة على أن تتقن شعور الشخصيّة التي تؤديها. وكل مرّة تتاح لك أن تختبر مشاعر جديدة فإنّ هذه فرصة عظيمة.
- هل تتأثّرين كثيرًا بالتجارب التي تؤدينها أثناء التمثيل؟
أحاول دائمًا أن أترك التمثيل ورائي حين أعود للمنزل، لأنّي أشعر أنّ أطفالي يستحقّون أن أكون حاضرة معهم بشكل كامل. ثمّ إنّي أتظاهر أثناء التمثيل، فالتجربة لا تمسّني شخصيًا. ولكنّي أقدّر أنّ موقفًا ما حدث مع أحدهم، أنّه فقد شيئًا عزيزًا، أو مات أحد أحبابه. أفهم تمامًا ما معنى أن تخسر شخصًا ما وأعرف الألم الذي يعنيه ذلك للإنسان، ومن الضروري أن نتحدث عن ذلك.
جوليان مور: أحاول دائمًا أن أترك التمثيل ورائي حين أعود للمنزل
- حتى لو كان هذا الأمر صعبًا جدًا؟
مخيف أن تموت أحاسيسنا. الحياة في الواقع ليست سهلة دومًا، وليس في الإمكان أن نحصر النظر على الأشياء الجيّدة فيها. ولكن كون تجربة ما صعبة لا يعني أنّها ستنهيك. أحد الأسباب التي تدفعنا للقراءة أو مشاهدة الأفلام أو الذهاب إلى المتنزهات والسفر إلى أماكن جديدة هو تلك الرغبة في ضخّ حياة جديدة فينا. نحتاج دومًا إلى الإحساس بشيء ما.
اقرأ/ي أيضًا: