30-يناير-2023
المعارضة تطالب بانتخابات رئاسية مبكرة لتجاوز انقلاب قيس سعيّد (Getty)

المعارضة تطالب بانتخابات رئاسية مبكرة لتجاوز انقلاب قيس سعيّد (Getty)

عقب إجراء جولة الإعادة في الانتخابات التشريعية التونسية توالت ردود الأفعال الداخلية من طرف المعارضة السياسية وجمعيات مراقبة الانتخابات، حيث اعتبرت أحزاب المعارضة الانتخابات مهزلة، ملعنةً عدم الاعتراف بالبرلمان القادم والتشكيك في نسبة المشاركة المعلنة من طرف لجنة الانتخابات والتي بلغت حسب اللجنة 11.3% فحسب، في حين انصبّ تركيز المنظمات التي راقبت الانتخابات على التنديد بالعنف المسلط على مراقبيها وحجب المعلومات حول عدد المقترعين. وتأتي الانتخابات ضمن آخر خطوات مسار قيس سعيّد الذي انطلق منذ انقلابه في تموز/ يوليو 2021.

اعتبر رئيس الجبهة أحمد نجيب الشابي أنّ نسبة المشاركة المتمثلة في 11.3% تعني عزوف نحو 90% من التونسيين عن المشاركة في هذا المسار، مشككًا في هذه النسبة التي أعلنتها الهيئة

وفي أولى ردود الفعل المعارضة، عقدت جبهة الخلاص الوطني مؤتمرًا صحفيًا، مساء الأحد 29 كانون الثاني/يناير الجاري، لإعلان موقفها من النتائج الأولية للدور الثاني من الانتخابات التشريعية، حيث اعتبر رئيس الجبهة أحمد نجيب الشابي أنّ نسبة المشاركة المتمثلة في 11.3% تعني عزوف نحو 90% من التونسيين عن المشاركة في هذا المسار، مشككًا في هذه النسبة التي أعلنتها الهيئة.

وأضاف الشابي "هذا البرلمان القادم سيزيد الطين بلّة وسيزيد الأزمة السياسية تعمقًا وتنازعًا في الشرعيات، ولن يعترف به أحد من المواطنين والقوى السياسية".

وتابع الشابي انتقاداته قائلًا: "البرلمان القادم مسخ، بلا صلاحيات رقابية ويتقاسم الصلاحيات التشريعية مع رئيس السلطة المستبدّ، ونحن نرى سعيّد مهتمًا فقط بمحاولة تشديد قبضته على الحكم بدل اهتمامه بمواضيع اجتماعية تخص المواطن مثل ارتفاع الأسعار".

المعارضة تطالب بانتخابات رئاسية مبكرة لتجاوز انقلاب قيس سعيّد (Getty)

وتوجّه الشابي بخطابه إلى الاتحاد العام التونسي للشغل والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والهيئة الوطنية للمحامين التونسيين والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، بقوله: "نحن في مركب واحد، ونرجوهم أن يكفوا عن تقسيم التونسيين بين سياسيين وغير سياسيين، لأن الحل الوحيد إما سياسي أو لا يكون، أيّ عبر قيادة سياسية جديدة".

وطالب الشابي الحركة المدنية "إلى التحدي الذي بعث به التونسيون في هذا اليوم، وبعد صدور هذا الحكم النهائي والبات بفشل الانقلاب وبعدم شرعيته، يجب أن نضع أيدينا في يد بعض لإحداث التغيير، وندعو إلى رحيل قيس سعيّد والذهاب إلى انتخابات رئاسية مبكّرة".

في الأثناء أيضا أعلنت خمسة أحزاب تونسية، في بيان مشترك، أن "البرلمان المنبثق عن هذه المهزلة فاقد للشرعية بل وعنوان من عناوين الأزمة، وهو برلمان صوريّ بلا صلاحيات تشريعية ولا رقابية فعلية ومكوّن من أفراد معزولين بلا برامج ولا تصورات، لن يكون إلا ديكورًا".

والأحزاب الخمسة التي وقعت هذا البيان هي حزب التيار الديمقراطي وحزب العمال وحزب القطب والحزب الجمهوري وحزب التكتل الديمقراطي، وأكّد بيان الأحزاب المذكورة "إدانتها للمناخ المشبوه الذي تمت فيه الانتخابات في غياب واضح لقواعد التنافس النزيه وفي تعتيم كبير على ما يدور داخل مكاتب الاقتراع تمهيدًا لإصدار نتائج على مقاس السلطة".

كما أدانت هذه الأحزاب، في السياق نفسه، ما وصفتها بـ"سياسة الهروب إلى الأمام التي انتهجتها سلطة الانقلاب"، وحمّلت المسؤولية القانونية والسياسية لما انجر عنها من إهدار للوقت والمال العام لقيس سعيّد و"لهيئة انتخاباته المنصّبة".

وطالب الخماسيّ الحزبي في بيانه "الوقف الفوري لمسار الانقلاب وإلغاء الأمر 117 وكل ما ترتب عنه"، داعيًا سائر القوى الديمقراطية والتقدمية إلى مواصلة العمل المشترك على الخروج من الأزمة وتقديم بديل جدي يغير واقع التونسيين، مشيرًا إلى مقاطعتهم الواسعة "لهذا العبث في رفض مدني سلمي لهذا المسار المشوه ونزع حاسم لكل شرعية عن قيس سعيّد ودكتاتوريته الرثة".

للمرة الثانية تسجل تونس نسبة المشاركة الأقل في تاريخ انتخاباتها 

وأشار البيان إلى أنّ الهيئة المنصبة للانتخابات عمدت إلى "التضييق على وسائل الإعلام والمنظمات المهتمة بمراقبة الانتخابات عبر منع التواصل مع رؤساء مكاتب الاقتراع والتعتيم على نسب المشاركة في كل مكتب مما يهيئ للتلاعب بالنتائج وتزييفها".

هذا فيما يخص مواقف الأحزاب السياسية، أما يخص الردود القادمة من منظمات مراقبة الانتخابات، فقد أشارت المنظمات إلى العنف الذي صاحب الجولة الثانية ومن حجب للمعلومات من طرف لجنة الانتخابات، فقد أكّدت شبكة مراقبون (وهي منظمة تونسية مختصة في مراقبة وملاحظة الانتخابات في تونس إبان الثورة)، أنها ومن خلال ملاحظتها لسير يوم الاقتراع، قد رصدت تعمّد رؤساء مكاتب الاقتراع حجب المعطيات المتعلقة بعدد المقترعين، وذلك في أغلب الدوائر الانتخابية، وفقها، وهذا يعد مسًّا صارخًا لمبدأ الشفافية وإتاحة المعلومة، مما يضعف من الثقة في العملية الانتخابية"

وتابع بيان الشبكة: "يؤثر هذا التضييق بشكل مباشر على عمل مكونات المجتمع المدني، ويحول تبعًا لذلك دون تقديم شبكة مراقبون تقديراتها لنسب المشاركة طيلة يوم الاقتراع كالمعتاد".

للمرة الثانية تسجل تونس نسبة المشاركة الأقل في تاريخ انتخاباتها 

وفي بيان آخر، نددت عدّة منظمات لمراقبة الانتخابات بحجب هيئة الانتخابات نسب الاقتراع في الدور الثاني من الانتخابات التشريعية في تونس، والعنف المسلط على ملاحظي المنظمات، يتعلق الأمر بكل من مرصد شاهد لمراقبة الانتخابات ودعم التحولات الديمقراطية، وشبكة مراقبون، والمركز التونسي المتوسطي، وائتلاف أوفياء للديمقراطية ونزاهة الانتخابات، وجمعية شباب بلا حدود، ومنظمة عتيد، حيث أكدت كل هذه المنظمات "على خطورة التضييق على المجتمع المدني التونسي".

وقالت الممثّلة عن مرصد شاهد أحلام الهمامي، "هذه الجمعيات الشريكة تشتغل عبر تقسيم الأدوار بينها، وبالتالي فإنّ حجب الأرقام على مراقبون، يعتبر حجبًا على باقي الجمعيات، وإنّ أي تعطيل لأي عملية من عمليات الملاحظة، هو ضرب للمجموعة ككل"، مطالبةً هيئة الانتخابات "بتسهيل عملية الملاحظة، منددة بشدة هذه السابقة التي تحدث لأول مرة".

كما استنكرت رئيسة مرصد شاهد علا بن نجمة، من جانبها، حادثتي عنف طالت ملاحظي المرصد، حيث قالت "إنّ أعوان هيئة الانتخابات بمركز اقتراع بالبطان من ولاية منوبة اعتدوا ماديًا ولفظيًا على ملاحظة بما فيهم رئيس مركز الاقتراع نفسه، وذلك عبر دفعها وإسقاطها أرضًا ومحو صور من هاتفها حين كانت بصدد توثيق مغادرة أعضاء مكاتب الاقتراع مكاتبهم والتجمّع بساحات مراكز الاقتراع لغياب الناخبين".

وتابعت بن نجمة أنه "تم احتجاز هذه الملاحظة لأكثر من 20 دقيقة وتوجيه كلمات نابية لها، والتهكم عليها ومنعها من مغادرة مكتب الاقتراع"، مضيفةً القول: "أصبح العنف مصدره أعوان هيئة الانتخابات، فيا خيبة المسعى"، وفق تعبيرها.

استنكرت رئيسة مرصد شاهد علا بن نجمة، من جانبها، حادثتي عنف طالت ملاحظي المرصد

يشار إلى أن رئيس هيئة الانتخابات في تونس فاروق بوعسكر، أعلن يوم الأحد 29 كانون ثاني/ يناير 2023، أن العدد الجملي للناخبين الذين أدلوا بأصواتهم في الدور الثاني من الانتخابات التشريعية إلى حدود الساعة 18.00 مساء بتوقيت تونس بلغ 887638 ناخبًا بنسبة إقبال تعادل 11.3%، من العدد الإجمالي للمسجلين. كما أن نسبة المشاركة في الجولة الأولى من الانتخابات لم تتجاوز 11.22%.