28-يناير-2023
gettyimages

رغم فشل الدور الأول من الانتخابات يستكمل قيس سعيّد مساره بالانقلاب على البرلمان (Getty)

تستعد تونس لتنظيم الدور الثاني من الانتخابات البرلمانية، يوم الأحد، على أن يتم الإعلان عن نتائجها الأولية في مطلع شباط/ فبراير القادم، وهي الجولة الثانية التكميلية من الانتخابات التي عقدت منتصف شهر كانون أول/ ديسمبر من العام الماضي، وتأتي الانتخابات استمرارًا لمسار الرئيس التونسي قيس سعيّد، بالانقلاب على السلطات المنتخبة بعد عقده استفتاءً جديدًا للدستور ومن ثم انتخابات برلمانية لاستبدال البرلمان المنتخب الذي قام بحله.

تستعد تونس لتنظيم الدور الثاني من الانتخابات البرلمانية، يوم الأحد، على أن يتم الإعلان عن نتائجها الأولية في مطلع شباط/ فبراير القادم

ورغم أن الدورة الأولى من الانتخابات شهدت مقاطعةً واسعةً، وبلغت نسبةً المشاركة فيها 11.2%، إلّا أنّ سعيّد يسعى إلى رفع نسبة المشاركة، رغم تزايد دعوات المقاطعة والعزوف الشعبي عن الانتخابات، خاصةً مع وضع سعيّد نظامًا انتخابيًا بديلًا يقوم على الاقتراع وفقًا للنظام الفردي، بدلًا من القوائم وهو نظام بحسب المعارضة التونسية أضعف كثيرًا من حضور الأحزاب والبرامج الانتخابية.

واعتبرت الأحزاب وقوى المجتمع المدني التونسي أن ضعف نسبة المشاركة يعكس رفضًا شعبيًا لمسار قيس سعيّد، الذي انطلق منذ انقلاب 25 تموز/ يوليو 2021، بعد حل البرلمان المنتخب، وإلغاء دستور 2014، في مقابل تمرير دستور جديد في استفتاء 25  تموز/ يوليو 2022.

وفي استمرار للرفض الشعبي لمسار سعيّد، توقعت منظمات مراقبة الانتخابات في تونس نسبة مشاركة ضعيفة بالدور الثاني للانتخابات البرلمانية المقررة يوم 29 من الشهر الجاري.

getty

وقالت منظمة عتيد لمراقبة الانتخابات، إن نسق "الأنشطة الميدانية للحملة [الانتخابية] منعدم تمامًا في عدد كبير جدًا من المعتمديات [الدوائر]، خاصةً التي لم يصعد منها أيّ مترشح للدور الثاني". ولاحظت المنظمة أن أغلب البرامج والوعود والبيانات الانتخابية في الحملات الميدانية اتسمت بالبعد المحلي والجهوي كما هو الحال في حصص التعبير المباشر بوسائل الإعلام.

من جهتها، قالت منظمة شاهد لمراقبة الانتخابات ودعم التحولات الديمقراطية إن، "معظم الأنشطة الانتخابية التي قام المرصد بتغطيتها تمت وسط حضور ضعيف من قبل الناخبين، وفي كثير من الأحيان في غياب المترشحين أنفسهم عن أنشطة الاتصال المباشر بالمواطنين"، وتابع المرصد أن "المناخ العام تسوده اللامبالاة في ظل رقابة من هيئة الانتخابات".

وتوقع المدير التنفيذي للمنظمة ناصر الهرابي، أن نسبة المشاركة في الدور الثاني قد لا تتعدى 18%، مشيرًا إلى أن "الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وقانون الانتخابات ستساهم في عزوف الناخبين".

سياسيًا، وقّع عدد من الشخصيات الوطنية وجمعيات المجتمع المدني والأحزاب التونسية، بيانًا مشتركًا، أكدوا فيه على "ضرورة العمل بكل الوسائل السلمية والمشروعة لإيقاف مسار 25 تموز/ يوليو، واعتبار المسار الانتخابي الحالي فاقدًا لكل مشروعية شعبية، ومعمقًا للأزمة السياسية، مؤكدين رفضهم منظومة 24 تموز/ يوليو وما قبلها".

وأكد الموقّعون على أنّ بيانهم يأتي في إطار "توحيد جهودهم من أجل إيجاد السبل الديمقراطية والآليات الضرورية لتجاوز الأزمة الحالية، واعتبار مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل بمعية الهيئة الوطنية للمحامين والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، مبادرةً إيجابية من شأنها الدفاع عن مكتسبات الشعب التونسي وحقوقه الاقتصادية والاجتماعية من ناحية، وعن دولة القانون الضامنة للتداول السلمي على السلطة ولدور منظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية في الحياة العامة والكفيلة باحترام الحريات العامة والفردية من ناحية ثانية".

وأشار البيان إلى أنه "يتم العمل على صياغة رؤى تشاركية وبدائل موحّدة في المجالين السياسي والاقتصادي، تساهم في إنقاذ البلاد من الأزمة الخطيرة التي تعيشها وتعيد الثقة والأمل للتونسيين في المستقبل وذلك ضمن لجان مشتركة تشرف على إدارتها كفاءات وطنية".

وبعد صدور نتائج الدور الأول من الانتخابات، قلّل الرئيس التونسي من أهمية المقاطعة الشعبية الواسعة للانتخابات في الدور الأول، قائلًا إن "الانتخابات ولئن شابتها بعض التجاوزات، إلا أن مشاركة 9 أو 12% من المقترعين، أفضل من نسبة مشاركة بـ 99% كما كان يحدث في السابق، وكانت تتهاطل برقيات التهاني من الخارج، وتعلم تلك العواصم أن الانتخابات مزورة"، وردًا على انتقادات قوى المعارضة فيما يخص ضعف المشاركة، قال الرئيس التونسي "التركيز على نسبة المشاركة في الدور الأول فقط شبيه بالإعلان عن نتيجة مقابلة رياضية في شوطها الأول"، داعيًا إلى "انتظار الدور الثاني لتبيّن حقيقة نسبة المشاركة".

getty

وتسعى السلطات التونسية إلى رفع نسبة المشاركة في الدور الثاني، حيث دعت مبادرة "لينتصر الشعب" الداعمة لسعيّد، جميع التونسيين إلى التوجه بكثافة إلى صناديق الاقتراع يوم الأحد 29 كانون الثاني/ يناير الجاري للإدلاء بأصواتهم خلال الدور الثاني، ونقلت إذاعة موزاييك الخاصة، عن الأمين العام للتيار الشعبي وعضو المبادرة زهير حمدي قوله: "لينتصر الشعب تدعو إلى ضرورة الانتباه من مخاطر تسلل لوبيات شراء النواب وصناعة الكتل".

ورغم فشل سعيّد في مساره، من كافة النواحي وبالأخص الاقتصادية ، اعتبر عضو المبادرة منجي الرحوي، أن "البرلمان المقبل سيعمل على معالجة كل الملفات الاقتصادية والاجتماعية التي ما زالت مفتوحةً"، وأضاف "نريد أن تكون الامتيازات المالية لها علاقة مباشرة بالتشغيل والمستوى الاجتماعي"، مشددًا على أن "مبادرة الشعب يريد ستعمل من خلال كتلتها البرلمانية المرتقبة على تكثيف العمل على المقدرة الشرائية للمواطن، والتشغيل ومراجعة قانون المنافسة والأسعار، والتحكم بها وفي السوق ومراجعة قانون الاستثمار".

بدوره، توقع نائب رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ماهر الجديدي، تسجيل نسبة مشاركة في الدور الثاني للانتخابات التشريعية المقرر يوم الأحد القادم 29 كانون الثاني/يناير، بنسبة تتراوح ما بين 20 و30%.

وخلال حضوره في برنامج  لإذاعة '' شمس أف أم '' الخاصة، أوضح الجديدي أنه، "لن يكون هناك شوط أول وشوط ثانٍ في احتساب نتائج الانتخابات"، مشيرًا إلى أن "نسبة المشاركة في الدورة الثانية هي التي سيتم اعتمادها عند إعلان النتائج النهائية". وبخصوص البرلمان القادم، أفاد ماهر الجديدي أن "الشروع في إرسائه سيكون نهاية شهر آذار/ مارس القادم".

قالت منظمة شاهد لمراقبة الانتخابات ودعم التحولات الديمقراطية إن معظم الأنشطة الانتخابية التي قام المرصد بتغطيتها تمت وسط حضور ضعيف من قبل الناخبين، وفي كثير من الأحيان في غياب المترشحين أنفسهم

يذكر أن الانتخابات التي جرت الدور الأول دارت في 154 دائرة انتخابية من بين 161، إذ لم تشهد 7 دوائر انتخابية ترشح أي مرشح، ويتوقع إجراء انتخابات جزئية بعد تشكيل البرلمان الجديد.