27-فبراير-2016

جبران مسعود

عند تصفح موسوعة "الأدب العربي: فنونه وعصوره وأشهر أعلامه" (دار نوفل، 2016)، لأستاذ الأدب العربي جبران مسعود، سوف تجد أنه لا يمكن تصنيفها إلا ضمن الأعمال الرائدة التي قدمها كل من شوقي ضيف وعمر وحنا الفاخوري.

تضم موسوعة جبران مسعود للأدب العربي تراتبية منذ عصر ما قبل الإسلام وحتى العصر الأندلسي

تضم الموسوعة في متنها ثماني مجلدات من القطع الكبير، جاءت ضمن تراتبية تاريخية لتاريخ الأدب العرب منذ عصر ما قبل الإسلام وحتى العصر الأندلسي، لتحاكي وتناقش مراحل تطور فنون الكتابة الأدبية عند العرب خلال تلك الحقب المتلاحقة، وتأثرها بترجمات اللغات الثانية، وكتابات الشعراء والمؤرخين غير العرب.

اقرأ/ي أيضًا: شارع المتنبي..ليس الكتاب وحده هناك

ويمكن اعتبار المجلد الأول للموسوعة "فنون أدب الجاهلية: أصحاب المعلقات"، بمثابة المدخل للموسوعة بشكلٍ عام، من خلال تطرق مسعود لأنواع الكتابة الأدبية المستخدمة في تلك الحقبة الزمنية، وإسقاط حياة الشعراء أمثال: امرؤ القيس، الحارث بن حلزة، على الحياة الاجتماعية خلال تلك الفترة التي عاصرها شعراء المعلقات السبع، مفندًا أنواع الشعر العربي المتداول حينها، بدءًا بالشعر الغنائي، وانتهاء بالشعر الموشح، والذي يعد مدخلًا لباقي المجلدات.

فيما قسم المجلد الثاني من الموسوعة إلى قسمين، القسم الأول تطرق للحديث عن عددٍ من شعراء ما قبل الإسلام، وتناول القسم الثاني زمن شعراء صدر الإسلام، علي بن أبي طالب، وكعب بن زهير، ومن المعروف أنه في مراحل الإسلام الأولى، كانت هناك ندرة في تواجد الشعراء، لذلك نجد أن قسم شعراء صدر الإسلام اقتصر على أربع شعراء فقط.

اقرأ/ي أيضًا: "مركز دراسات الجمهورية الديمقراطية".. مرصد الثورة

يذهب مسعود في مجلده الثالث، للحديث عن شعراء العصر الأموي، الذي عمل على تقسيمه إلى قسمين، القسم الأول خصَّ الشعراء أمثال الفرزدق وجرير، بينما ترك القسم الثاني لأصحاب الكتابة النثرية مثل أبو حمزة الخارجي.

وعلى عكس المجلد الثالث، الذي خصص للعصر الأموي شعرًا ونثرًا، نجد أن المجلد الرابع من الموسوعة خصص بشكل كامل لرحلة الشعر خلال في العصر العباسي، ومن نافل القول إن هذا العصر كان غنيًا بالفلسفة المترجمة عن لغات أخرى، ومؤسسًا لمفهوم الحركات السياسية المتمردة على حكم الخلافة الإسلامية، وهو ما يرجح كفة اختيار مجلدًا كاملًا للشعر في تلك الحقبة.

كان العصر العباسي غنيًا بالفلسفة المترجمة عن لغات أخرى، ومؤسسًا لمفهوم الحركات السياسية المتمردة 

ويعتبر الجزء الخامس، تتمًة لما بدأه مسعود في الجزء الذي سبقه، من خلال تقديمه لأصحاب الكتابة النثرية في العصر العباسي، مثل "كتاب البخلاء" للجاحظ، وكتابات أبو الفرج الأصبهاني، والقزويني، على سبيل المثال لا الحصر. وينتقل القارئ في المجلد السادس من الموسوعة إلى العصر الأندلسي، متناولًا مجموعة من الشعراء والمؤرخين والرحالة خلال تلك الحقبة، كابن زيدون، وابن بطوطة.

أما المجلد السابع فقسم إلى خمسة ملاحق، تحدث في ملحقه الأول عن الشعراء الصعاليك، والملحق الثاني لشعراء المروءة والوفاء، فيما كان الملحق الثالث مخصصًا لمنابع وعقائد وفرائض التصوف الإسلامي، وضم الملحق الرابع كوكبة من أصحاب اللغة أمثال أبو الأسود الدؤلي، والمبرد وغيره من الأسماء التي يحفظ لها مكانتها في تاريخ الأدب العربي، أما المحلق الخامس من المجلد، فقسم بين مؤرخي ونقاد المشرق العربي، ومؤرخي ونقاد الأندلس والمغرب العربي. في حين جاء المجلد الثامن والأخير فهرسًا مرجعيًا لأسماء العلم، والأماكن والحروب والقبائل العربية، كما هو متعارف عليه في كافة الموسوعات.

وفي قراءة سريعة لمضمون كتابة الموسوعة، نرى أن جبران مسعود اعتمد على منهجية واحدة في موسوعته، وهي اختيار النص، ومن ثم تحليله وفق عناصر "الجو العام" و"الشكل"، وهذين العنصرين هما ثابتين في جميع النصوص التي يطرحها للنقاش، بينما نجد أن العناصر الأخرى تختلف بين نصٍ وآخر، لأنها تعتمد على مضمون النص، والأحداث التي يرويها، ما يجعل من الموسوعة وجبًة شهية للقراءة.

اقرأ/ي أيضًا:

في إسطنبول.. معرض للكتاب العربي

مصر.. موسم السرقات الأدبية