02-نوفمبر-2015

كلية اللغات بجامعة عدن(ألترا صوت)

تتوسط رايتهم السوداء البيان تلو الآخر ويكتب بالخط العريض "الدولة الإسلامية ولاية عدن"، يبدؤون بياناتهم بالوعيد وينهونها بالتنكيل والاستبراء، وكلها علامات تثير المخاوف في أوساط طلاب جامعة عدن، جنوب اليمن، كبرى الجامعات في البلاد. وهي بيانات ساهمت في إقعاد العشرات في منازلهم. يقولون: هل صارت الدراسة في جامعة عدن ضربًا من الشجاعة أو طريقًا إلى الموت؟ 

تثير بيانات "الدولة الإسلامية ولاية عدن" خوف وقلق طلبة جامعة عدن

"يرعبنا الكلام الجاف الوارد في البيان وكذلك شعار الدولة الإسلامية وما يرعبنا خاصة التفجيرات الانتحارية التي تحدث دون سابق إنذار أو المذابح التي تقام في حق من يقع في أيديهم من المستهترين ببياناتهم، ولا نزال نتشاور حول إيقاف الدراسة إلى أن تحل الحكومة الموضوع"، هكذا عبّر طلبة جامعة عدن لـ"ألترا صوت".

ويوضح محمد، طالب في إحدى كليات جامعة عدن لـ"ألترا صوت": "لم نكن نأخذ التهديدات على محمل الجد، لكن حين جاء أفراد من هذه الجماعة إلى عمادة الجامعة وأبلغوا العمادة شخصيًا بضرورة فصل الذكور عن الإناث ومنع الاختلاط بينهم نهائيًا، ومنع أي حفلات تقام داخل الجامعة تتضمن غناءً، إضافة إلى إلزام الجميع من مسؤولين وطلاب بأداء الصلاة في وقتها حتى لو تزامنت مع محاضرة أو امتحان، مع هذه الإشعارات الأخيرة بدأنا نشعر بواقعية الأمر وخطره الملموس، وأخشى أن تتعرض الجامعة لأي تفجير انتحاري من قبل هؤلاء وفي أي لحظة".

تلقى "ألترا صوت" نسخة من البيان الأخير لتنظيم الدولة الإسلامية في عدن، الذي أكدوا فيه أنهم "سيضربون بيد من حديد كل من يخالف أمر الله ورسوله في مختلف كليات جامعة عدن".

بيان تنظيم الدولة موجه لطلبة جامعة عدن(ألترا صوت)

وتضيف مرام، طالبة في جامعة عدن، لـ"ألترا صوت" أنها "ستضطر إلى إيقاف دراستها في حال استمر الوضع الأمني تحت سيطرة الجماعات الإرهابية"، ولم تستبعد زميلتها منى أن "يقوم أنصار تنظيم الدولة بتنفيذ عقوبات الإعدام أو الذبح في حال صادفوا جلوس طالب مع طالبة، وإن كان الأمر برمته لا يتعدى مناقشة المنهج الدراسي، أثناء جولاتهم التي يقومون بها بصفة مفاجئة لمرافق الجامعة أو من خلال طلاب ينتمون إليهم ويكلفونهم بمراقبة الوضع".

تعد جامعة عدن أقدم جامعة يمنية. أنشئت في عهد جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية ما قبل العام 1970، وتم افتتاحها تزامنًا مع افتتاح جامعة صنعاء في جمهورية شمال اليمن مطلع العام 1971، ويدرس في جامعة عدن حاليًا ثمانية وثلاثون ألف طالب وطالبة في إحدى وعشرين كلية، اثنتي عشرة كلية منها في مدينة عدن وتسع كليات تتوزع على محافظات أبين والضالع ولحج وشبوة كما تضم جامعة عدن أحد عشر مركزًا علميًا.

وتواصل الجامعة "فصلها التعويضي" منذ قرابة شهر لاستكمال دروس العام الدراسي 2014 - 2015 بعد توقف دام ستة أشهر، بسبب الصراع بين الحوثيين والمقاومة الشعبية الجنوبية، وعلى الرغم من حضور ما نسبته تسعين في المئة من الدارسين بحسب رئاسة الجامعة إلا أن دخول الجماعات المتشددة على خط سير الخطة الدراسية في هذه الجامعة، بحسب أكاديميين، قد يدمر العملية التعليمية. وتتوالى تحذيرات جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التابعة لتنظيم الدولة، والتي استهدفت هيئة التدريس في جامعة عدن، وتتعلق بالسماح باختلاط الطلاب بالطالبات في الجامعة وتنذر بعقوبات صارمة وفق الشريعة الإسلامية في حال لم يتم الاستجابة لتعليماتهم.

تتوالى تحذيرات تنظيم الدولة ولاية عدن، والتي تتعلق بمنع الاختلاط في الجامعة وتنذر بعقوبات صارمة في حال لم يتم الاستجابة للتعليمات

يعلق حسين باسلامه، رئيس جامعة عدن، لـ"ألترا صوت": "ما يقع هذه الأيام مقصود ومرتب وبدعم من جهات معينة وهو يستهدف هذه الجامعة التي فاجأت الجميع بإعلانها بدء الدراسة رغم ما تعرضت له من دمار بسبب الاقتتال منذ ثلاثة أشهر". ويتابع: "جاءنا ثلاثة شباب مسلحين لا تتجاوز أعمارهم العشرين عامًا يلقبون أنفسهم بـ"جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، وحذرونا من المنكرات التي تحصل في جامعة عدن وعلى رأسها الاختلاط بين الطلاب والطالبات في القاعات الدراسية على الرغم من أننا أطلعناهم على تلك القاعات، والتي خصصت فيها مقاعد للطلاب بعيدة عن مقاعد الطالبات، لكنهم لم يقتنعوا وشددوا على ضرورة أن يكون للطلاب قاعات دراسية خاصة بهم منفصلة عن قاعات الطالبات، وأعطونا مهلة محددة لتنفيذ أوامرهم".

وخلص باسلامه إلى أن "إدارة الجامعة لا تستطيع أن تقوم بانتهاك حرمة طالب وطالبة يتحدثان مع بعضهما البعض سواء في شؤون دراسية أو غيرها حياتية، لأن ذلك يعد انتهاكًا للحقوق والحريات الشخصية". واستبعد رئيس الجامعة أن يتم حوار مع هذه الجماعة المتشددة "لعدم نضوجهم نظرًا لصغر سن أفرادها ولعدم امتلاكهم المعرفة الدينية المتكاملة"، مؤكدًا أن هناك خطة أمنية من قبل سلطات المدينة لتوفير حماية أمنية لكليات الجامعة المختلفة.

هكذا تحولت التخوفات من هواجس إلى واقع ملموس في جامعة عدن وتعالت الصرخات في كلية العلوم الإدارية بعد انفجار عبوة ناسفة قذفها مجهولون من على السور الخلفي للمبنى، ولم تؤدِّ لوقوع ضحايا، لكن قد يكون هذا الانفجار مقدمة لهجمات أخرى لا تخطئ المرات القادمة.

اقرأ/ي أيضًا:

منع الاختلاط في جامعة الكويت..الجدل متواصل!

طلبة الرقة في مواجهة "داعش"