28-يوليو-2023
gettyimages

تسعى الصين للهيمنة على الأقليات الدينية وصهرها في المجتمع الصيني (Getty)

كشف تقرير جديد معلومات عن واقع الانتهاكات في إقليم التبت في الصين،  حيث بيّن التقرير الذي أعدّه معهد أبحاث "راند يوروب" أنّ الصين وسعت فيما يبدو من استخدام السجون شديدة الحراسة كأداة للقمع في التبت.

واستند التقرير على صور للأقمار الصناعية فحصت أوضاع 79 مركزًا للاحتجاز في أنحاء إقليم التبت الذي يقع في منطقة نائية في الصين، ومعظم سكانه بوذيون. 

تتهم المنظمات الحقوقية الصين بقمع الحرية الثقافية والدينية في إقليم التبت، وغيره من المناطق في الصين

وتتهم المنظمات الحقوقية الصين بقمع الحرية الثقافية والدينية هناك، وذلك في إطار سياسة بكين الرامية إلى إدماج الأقليات الإثنية بشكل متزايد، ولو كان ذلك على حساب خسارة تلك الأقليات لإرثها اللغوي، والثقافي، والروحي على المدى البعيد.

وفي التفاصيل أفادت صحيفة الغارديان، التي اطلعت على تفاصيل التقرير الذي أعده معهد لاند يوروب، أنّ السنوات الأخيرة شهدت نشاطًا متزايدًا في مرافق الاحتجاز ذات الحراسة المشددة في التبت، ووفقًا لدراسة المعهد التي تقيس عبر الأقمار الصناعية استخدام الإضاءة ليلًا  في السجون، ثمّة دلائل علمية على "ارتفاع محتمل في عدد السجون التي تعامل المعتقلين بقسوة".

بودكاست مسموعة

وبحسب الفريق الذي أعد التقرير فإن النتائج المتوصل إليها "أضافت أدلة جديدة نادرة حول السياسات الأمنية التي تتبعها الحكومة الصينية للسيطرة في منطقة التبت ذاتية الحكم التي تخضع لقبضة أمنية قوية، والتي يجري وصفها دائما بأنها ثقب أسود للمعلومات".

وقال التقرير إنه "باستخدام تحليل صور الأقمار الصناعية العلوية وبيانات الإضاءة الليلية، سعت هذه الدراسة إلى تسليط الضوء  على الأوضاع المزرية للحريات في التبت على أمل أن تساعد وتشجع الآخرين على إكمال الصورة حول واقع الإقليم الذي بات منسيًا".

وفحصت دراسة راند 79 مركز احتجاز في جميع أنحاء التبت، ووجدت أن أنماط النمو في الإضاءة الليلية تتركز في 14 منشأة أمنية مشددة. ووجدوا زيادات في السجون في 2019-2020 ومراكز احتجاز شديدة الحراسة في 2021-2022".

getty

وبحسب التقرير فإن الضوء المنبعث من أماكن لاعتقال "يُرى من الفضاء ويُقاس بالمعدلات الشهرية"، وقال الباحثون إنه يمكن أن "يشير إلى إنشاءات جديدة - كما وجدت دراسات سابقة في شينجيانغ - أو إلى توسيع المباني القائمة، والتي كانت على الأرجح في التبت، ويمكن أن يكون النمو في الضوء المنبعث إشارة أيضًا إلى زيادة الأشغال أو استخدام المرافق، دون التوسع المادي في مراكز الاعتقال".

ويعتقد الباحثون أن النشاط المتزايد يشير على الأرجح إلى "تحول نحو الاعتقالات الأطول، على غرار ما لوحظ مؤخرًا في إقليم شينجيانغ، حيث قُدر أنه تم إرسال ما يصل إلى مليون شخص إلى مرافق إعادة التثقيف ومراكز الاحتجاز عالية الحراسة".

وتخضع التبت للسيطرة الصينية منذ أن تم ضمها قبل أكثر من 70 عامًا، فيما يصفه التبتيون بأنه غزو وتزعم بكين أنه تحرر سلمي من الحكم الديني. فالتبت من بين المناطق الحدودية، على غرار شينجيانغ ومنغوليا، وهي أقاليم تخضع لحملات قمع طويلة الأمد ضد الممارسات الدينية والثقافية للأقليات العرقية من غير الهان". وقد تسارعت سيطرة الحكومة  الصينية في التبت على وجه الخصوص بعد الاحتجاجات الجماهيرية في عام 2008.

getty

وكانت هناك موجات متتالية من حملات القمع الحكومية وما أسماه التقرير "القمع الوقائي"، آخرها تلك الحملة التي انطلقت في عام 2018 والتي استهدفت الجماعات والأفراد المشتبه في دعمهم للحكم الذاتي التبتي المتزايد وتعزيز هويتهم الثقافية واللغوية.

ويعرب النشطاء وجماعات حقوق الإنسان عن قلقهم المتزايد بشأن مضايقة واحتجاز وتعذيب النشطاء التبتيين والشخصيات الدينية والمثقفين ، فضلًا عن المراقبة الجماعية للسكان، وبرامج إعادة التعليم الإلزامي ونقل العمالة. 

وفي هذا الصدد، يقول خبراء الأمم المتحدة إن حوالي مليون طفل تبتي انفصلوا عن عائلاتهم وأرسلوا إلى "المدارس الداخلية" التي تديرها الدولة في محاولة  لاستيعابهم ثقافيًا ولغويًا  في مجتمع الهان المهيمن.

زكي وزكية الصناعي

وتعليقًا على معطيات التقرير الجديد قالت روث هاريس، مديرة الدفاع والأمن في راند يوروب، لصحيفة الغارديان: "تظل التبت ثقبًا أسود للمعلومات وأي محاولة لفهم المشهد الأمني هناك محفوفة بالصعوبات".

وأضافت: "يُمنع الباحثون الأجانب من الوصول إلى العديد من المصادر الصينية ويجدون أن الكثير من البيانات المتاحة غير موثوقة".

فحصت دراسة راند 79 مركز احتجاز في جميع أنحاء التبت، ووجدت أن أنماط النمو في الإضاءة الليلية تتركز في 14 منشأة أمنية مشددة

فيما قال تنزين تشويكي، الباحث البارز في مجموعة تيبت ووتش لحقوق الإنسان ومقرها المملكة المتحدة، إنه من المستحيل معرفة ما يجري داخل مراكز الاحتجاز ، وأشار إلى أن نمط النمو في ضوء الليل تزامن مع وباء كوفيد-19. 

وقال تنزين إنه حدث انخفاض مطرد في التغطية الإعلامية للتبت في العقد الماضي. معتبرًا أن ذلك يرجع في جزء كبير منه إلى نقص تدفق المعلومات، والذي يتزامن مع حظر السفر ومعاقبة "الحجاج" الذين يعبرون الحدود إلى الهند، ونمط من الأعمال الانتقامية وزيادة المراقبة ضد مجتمعات بأكملها بسبب أفعال ناشطين فرديين.