24-نوفمبر-2023
خيرت فيلدرز الانتخابات في هولندا وصعود اليمين المتطرف في أوروبا

رغم الفوز عدم الحاسم لليمين في هولندا، إلّا أنه فوز يخالف كل التوقعات في أوروبا، كما يشكل قفزةً كبيرةً في تاريخ حزب "من أجل الحرية"، الذي حقق ضعف إجمالي مقاعده عن الانتخابات التي حدثت عام 2021 (Getty)

تتقدم أحزاب اليمين المتطرف في الانتخابات الأوروبية، ومع كل انتخابات جديدة في أوروبا، فإنها تفرز المزيد من فوز للأحزاب اليمينية، التي تبني حملتها الانتخابية على روايات شعبوية ومعاداة للهجرة والإسلام، فيما تشي بصعود متزايد لليمين في أوروبا.

ووفق مقال لمراسل صحيفة الغارديان للشؤون الأوروبية جون هينلي، فإن انتصار خيرت فيلدرز مؤسس حزب من أجل الحرية اليميني في الانتخابات العامة الهولندية، يؤكد "على المسار الصعودي الذي سلكته الأحزاب الشعبوية واليمينية المتطرفة في أوروبا، والتي تواصل مسيرتها الثابتة نحو التيار الرئيسي ــ مع تعرضها لانتكاسة بين حين وآخر".

ورغم الفوز عدم الحاسم، إلّا أنه فوز يخالف كل التوقعات في أوروبا، كما يشكل قفزةً كبيرةً في تاريخ حزب "من أجل الحرية"، الذي حقق ضعف إجمالي مقاعده عن الانتخابات التي حدثت عام 2021.

انتصار خيرت فيلدرز مؤسس حزب من أجل الحرية اليميني في الانتخابات العامة الهولندية، يؤكد على المسار الصعودي الذي سلكته الأحزاب الشعبوية واليمينية المتطرفة في أوروبا

ويضيف جون هينلي: "هناك الآن فرصة معقولة لأن يتمكن حزب من أجل الحرية، الذي تجنبه التيار الرئيسي لأكثر من عقد من الزمان بسبب آرائه المتطرفة المعادية للمهاجرين، في وقت ما من العام المقبل، من الانضمام إلى صفوف الأحزاب اليمينية المتطرفة التي تتقدم في معظم أنحاء أوروبا". مضيفًا: "من هلسنكي إلى روما وبرلين إلى بروكسل، تتسلق أحزاب اليمين المتطرف بشكل مضطرد في استطلاعات الرأي، وتعمل على تشكيل سياسات اليمين السائد لتعكس برامجها القومية والشعبوية، وتحتل أدوار وزارية مختارة في الحكومات الائتلافية".

انتعاشة اليمين المتطرف في أوروبا

ويظهر هذا الواقع، مع ترأس جورجيا ميلوني التي تأتي من حزب بجذور فاشية، حكومة اليمين المتطرف في إيطاليا، كما أن اليمين جزء من الائتلاف الحاكم في فنلندا، وكذا الأمر في السويد. وعلى صعيد آخر يتقدم حزب الحرية النمساوي بفارق كبير في استطلاعات الرأي للانتخابات التي ستعقد العام المقبل، كما ارتفعت أسهم حزب البديل من أجل ألمانيا، من اليمين المتطرف، في انتخابات المجالس المحلية. 

يضاف إلى ذلك، أنه إذا أجريت الانتخابات الرئاسية اليوم في فرنسا، تشير استطلاعات الرأي إلى أن مارين لوبان من حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف - التي سجلت رقمًا قياسيًا بنسبة 41.46% في الانتخابات الأخيرة، ستفوز. من المتوقع أن يحقق القوميون الفلمنكيون اليمينيون المتطرفون مكاسب كبيرة في الانتخابات البلجيكية في حزيران/ يونيو المقبل.

مظاهرة ضد اليمين المتطرف في هولندا

ومع ذلك، عانى اليمين المتطرف من بعض الانتكاسات هذا العام،  ففي الانتخابات البرلمانية الإسبانية في تموز/ يوليو، شهد حزب فوكس انخفاض حصته من الأصوات من 15% التي فاز بها في عام 2019 إلى 12%.

وفي بولندا، احتل حزب القانون والعدالة القومي الحاكم المركز الأول في انتخابات تشرين الأول/ أكتوبر، لكن -بينما يحاول تشكيل أغلبية- ليس لديه طريق قابل للتطبيق للوصول إلى الحكومة بعد أن فاز تحالف المعارضة الثلاثي بقيادة دونالد تاسك بأغلبية عامة.

ويضيف مراسل الغارديان: "لكن في سلوفاكيا، فاز روبرت فيكو -وإن لم يكن يمينيًا متطرفًا فهو شعبوي بكل تأكيد ومعجب صريح بأوربان- في انتخابات أيلول/ سبتمبر، وأوفى بوعد حملته الانتخابية بوقف المساعدات العسكرية لأوكرانيا، وأثار المخاوف بشأن سيادة القانون بشن هجمات على الصحافة".

ويشير جون هينلي: إلى أن "المحافظين البريطانيين يخضعون لنفوذ شعبوي يميني متطرف، مشيرين إلى الشعارات القومية المتطرفة لحملة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وخطاب الحكومة الشرس بشأن الهجرة".

ووفق التقديرات، فإن كل حزب يميني متطرف "يختلف عن الآخر، وكذلك الثقافات والأنظمة السياسية التي يعمل فيها. ولكن في مختلف أنحاء القارة، كانت الأحزاب الشعبوية واليمينية المتطرفة في صعود مضطرد مع انقطاع لعدة عقود من الزمن".

ما هي عوامل الصعود؟

أمّا عن عوامل الصعود، فهي مجموعة متشابكة تساهم بالدفع في تقدمهم، إذ كانت تجمعهم "معارضة الهجرة والإسلام والاتحاد الأوروبي هي الأسباب الأساسية لليمين المتطرف"، وفي الآونة الأخيرة، انضمت إلى القائمة الحروب الثقافية، وحقوق الأقليات، وأزمة المناخ والتضحيات اللازمة لمكافحتها.

ما يقرب من ثلث الأوروبيين يصوتون الآن لصالح أحزاب شعبوية أو يمينية متطرفة أو يسارية متطرفة. ويستمر الدعم الواسع النطاق للسياسات المناهضة للمؤسسة في الارتفاع في جميع أنحاء القارة، ويشكل تحديًا متزايدًا للاتجاه السائد

ووفق تقرير مراسل الغارديان :تعززت جاذبية اليمين، بفِعل أزمة تكاليف المعيشة العميقة الناجمة عن التعافي من الجائحة وحرب روسيا على أوكرانيا، وبسبب التغير الاجتماعي والرقمي السريع والمربك، وبسبب انعدام الثقة المتصاعد في الساسة المنتمين إلى التيار الرئيسي".

وعن جدلية صعود اليمين في أوروبا، فهي جاءت نتيجة بعض المساومة، إذ يقول: "تبنى يمين الوسط نقاط حوار معادية للمهاجرين وكان على استعداد لعقد صفقات ائتلافية، تعمل أحزاب اليمين المتطرف على تخفيف بعض وجهات نظرها الأكثر كراهية للناخبين. فيما، أصبح قسم كبير من يمين الوسط في أوروبا الآن متشددًا بشأن الهجرة مثل اليمين المتطرف -في حين تنشغل أحزاب اليمين المتطرف بإبراز الانضباط الاقتصادي، والتراجع عن التشكك في أوروبا، والتقليل من أهمية دعمها السابق لروسيا".

وتختم صحيفة الغارديان المقالة، بالقول: "خفف فيلدرز، الذي ركب موجة من المشاعر المناهضة للهجرة والإحباط من التحالفات الرئيسية المتعاقبة التي أدت إلى فوزه، من لهجته الأكثر تشددًا المناهضة للإسلام، على أمل الانضمام إلى ائتلاف على ما يبدو. وسواء كان سيقود الحكومة الهولندية المقبلة أم لا، فإن أدائه ليلة الأربعاء هو تذكير بأنه، ما يقرب من ثلث الأوروبيين يصوتون الآن لصالح أحزاب شعبوية أو يمينية متطرفة أو يسارية متطرفة. ويستمر الدعم الواسع النطاق للسياسات المناهضة للمؤسسة في الارتفاع في جميع أنحاء القارة، ويشكل تحديًا متزايدًا للاتجاه السائد".