22-نوفمبر-2023
صفقة تبادل الأسرى

صفقة تبادل الأسرى والهدنة لم ترتبط في الجبهة الشمالية (Getty)

وافقت الحكومة الإسرائيلية على صفقة تبادل للأسرى، تتضمن وقفًا لإطلاق النار في غزة، بعد شهر من المفاوضات والاقتراحات المتبادلة.

وقبيل التصويت على الصفقة، قال رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إن الموافقة عليها "صعبة، ولكنها صحيحة". واحتاج نتنياهو للتأكيد على استئناف الحرب بمجرد الانتهاء من تنفيذ الصفقة.

وتم الانتهاء من الصفقة، التي عرضت بملامح شبيهة قبل حوالي أسبوع، بعد موافقة المؤسسة الأمنية، أي الجيش الإسرائيلي والموساد والشاباك، والمستوى السياسي. فيما تأتي أقل من التقديرات التي كانت تدعو إلى صفقة تبادل كاملة، أي "الجميع مقابل الجميع"، ولكنه مخرج لنتنياهو الذي تكرر الحديث عن تجاهله لهذا الملف تمامًا.

في تعليقه على بنود الصفقة، قال الصحفي الإسرائيلي يوسي فيرتر، إن بنود اتفاق وقف إطلاق النار "لن تساعد إسرائيل من ناحية حربية"

في المقابل، عارض حزب "عوتسما يهوديت" الذي يتزعمه وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير، الصفقة وصوت ضدها. وكان حزب الصهيونية الدينية، الذي يتزعمه وزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتريتش قد عارض في البداية الاتفاق، لكنه وافق على دعمه بعد الاستماع إلى الحجج المقدمة خلال اجتماع الحكومة.

وقال سموتريتش: "كنا جميعا مقتنعين بأن عودة الأسرى من شأنها أن تعزز أهداف الحرب وأن الحكومة والمجلس الوزاري والجهاز الأمني ​​برمته ملتزمون دون تحفظ بمواصلة الحرب حتى القضاء على حماس".

وجاء تبرير الصفقة إسرائيليًا، باعتبار أن العدوان على غزة، ساهم في "الضغط" على حركة حماس، مما مكن من عقد صفقة التبادل، بالإضافة إلى كونها ضرورة في الفترة الحالية، مع محاولة التعتيم على بنود "إشكالية"، مثل إيقاف الطيران المُسيّر.

الصفقة والمسؤولية

وفي تعليقه على بنود الصفقة، قال الصحفي الإسرائيلي يوسي فيرتر، إن بنود اتفاق وقف إطلاق النار "لن تساعد إسرائيل من ناحية حربية"، لكنه أشار إلى أنه "لا يوجد خيار سوى الموافقة على الصفقة المعروضة".

وأضاف فيرتر، في مقال على صحيفة "هآرتس": "تفكيك حماس وقدراتها العسكرية والحكومية يمكن أن يتم لاحقًا، بما في ذلك قتل قادتها. هناك وقت لذلك. وما لم يتم إنجازه خلال العشرين سنة الماضية يمكن أن ينتظر. لكن المختطفين، ليس لديهم وقت. ولا يملك أحد في القيادة، السلطة الأخلاقية ليقرر تركهم هناك من أجل التقدم كيلومترًا آخر جنوب القطاع".

كما أشار فيرتر، إلى رفض نتنياهو السابق للصفقة، بالقول: "على حد علمنا، فإن الصفقة التي ناقشها مجلس الوزراء ليلة الثلاثاء، كانت مطروحة على الطاولة أيضًا قبل أسبوع، مع اختلافات طفيفة. وتردد رئيس الوزراء، ومن ثم رفض ذلك. هذا الأسبوع غير رأيه. إن تعرجات نتنياهو هي أمر طبيعي. ويبدو أن ما غير رأيه هو الضغط الشعبي ولقاؤه مع عائلات الرهائن ومواقف الجيش الإسرائيلي والشاباك والموساد. المسؤولية النهائية تقع على عاتقه، لكن من المريح دائمًا تقاسمها مع المؤسسة الأمنية".

نفس الصفقة بعد أسبوع.. لماذا؟

ووفق مقال للمعلق العسكري في صحيفة "هآرتس" عاموس هارئيل، فإن الصفقة "هي ثمن يرغب الجيش في دفعه"، موضحًا: "يبدو أن الجيش الإسرائيلي يمكنه أيضًا استغلال بعض الوقت للتنظيم – للسماح للقوات بالاستعداد للتحرك العسكري التالي"، وفق ما ورد نقلًا عن مصدر أمني رفيع.

أمّا عن سبب تأجيل الموافقة لمدة أسبوع على صفقة، وتغير موقف المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، قال هارئيل: "بفهم المؤسسة الأمنية فإن احتجاج عائلات الرهائن يثير دعمًا شعبيًا واسع النطاق، وأنه سيكون من الصعب الاستمرار في المناورة البرية في جنوب قطاع غزة إذا تزايد الغضب الشعبي بشأن ما سيُنظر إليه على أنه تخلى عن الرهائن".

فرصة انتقاد نتنياهو

من جانبه، انتقد المعلق العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت" يوسي يهوشوع، رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، وبدرجة أقل قادة المؤسسة الأمنية، مشيرًا إلى أن خطة قائد حركة حماس في غزة يحيى السنوار، تسير كما هو مخطط لها.

وقال في مقالته التي نشرت بعد إتمام الاتفاق على صفقة التبادل: "يُصرّ المستوى السياسي وقادة المؤسسة الأمنية على تغييب الواقع مرة أخرى. في مجلس الوزراء الحربي وهيئة الأركان العامة لا يوجد حتى مراقب واحد، أي وجهة نظر، من شأنها أن تتحدى المفهوم الخاطئ، ذلك الذي قادنا إلى الكارثة التي نحاول الخروج منها"، مشيرًا إلى أن الدعم غير المشروط من المؤسسة الأمنية كانت وراء إنجاز الاتفاق.

وتحدث يهوشوع، عن ما وصفه بـ"كبح الزخم الهجومي للجيش الإسرائيلي" خلال هدنة الأربعة أيام، معتبرًا أن ذلك "سيسمح للسنوار باستخلاص الدروس والبدء في سلسلة من التحسينات".

وتحدث عن جوانب أخرى في الاتفاق، قائلًا: "الجبهة الشمالية أيضًا تشكل لغزًا في ظل الاتفاق الذي يتناول غزة فقط وليس الحدود اللبنانية".

انتقد المعلق العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت" يوسي يهوشوع، رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، وبدرجة أقل قادة المؤسسة الأمنية، مشيرًا إلى أن خطة قائد حركة حماس في غزة يحيى السنوار، تسير كما هو مخطط لها

وختم مقالته، بالقول: "في ظل الظروف التي تجري فيها هذه المهمة حاليًا، فإن إسرائيل قد تضيع فرصة تاريخية لإحداث تغيير جذري في مشكلة غزة... نعرض الحرب الأكثر أهمية في العقود الأخيرة للخطر، وكل هذا بتوقيع شخص واحد: بنيامين نتنياهو".

الصفقة ومستقبل نتنياهو

من المعروف، أن نتنياهو خضع للكثير من الضغط حتى وافق على عقد صفقة التبادل، وخاصةً من ناحية داخلية، مع ظهور الكثير من الانتقادات ضده، المتعلقة في إدارة ملف صفقة تبادل الأسرى، من ناحية لقاء العائلات، أو الاستجابة لطلبهم بعقد صفقة تبادل سريعة.

ورغم تقديم نتنياهو التطمينات بشكلٍ متكرر، فإن الصفقة وما يتبعها من عدوان الجيش الإسرائيلي، قد تكون مقدمةً لنهاية ولاية حكومة نتنياهو، خاصةً مع تذمر داخل الائتلاف الحكومي وحزب الليكود، من صفقة التبادل، وهي محدودة حتى الآن، لكنها قد تتوسع، عند أي تعثر في قطاع غزة.