10-يوليو-2022

تعقيدات جديدة تواجه مفاوضات الاتفاق النووي (رويترز)

في سياق وصلت فيه المفاوضات حول إعادة إحياء الاتفاق النووي الإيراني، إلى تعقيدات كثيرة، قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن إيران زادت من مستوى تخصيب اليورانيوم باستخدام أجهزة متطورة، في منشأة  فوردو الموجودة تحت الأرض، ما يزيد من العقبات التي يواجهها هذا الملف. من جهتها طالبت وزارات الخارجية في عدة دول غربية طهران بالتخلي عن شروطها الإضافية في المفاوضات.

يستمر الجدال بين طهران وواشنطن حول الطرف المعطل للعودة للاتفاق النووي بعدما أخفق الطرفان في إحراز تقدم في آخر جولات التفاوض غير المباشرة

وبينت الوكالة المعنية بالطاقة الذرية في تقرير سري وجه السبت للدول الأعضاء، إنه "في السابع من يوليو/ تموز 2022، أبلغت إيران الوكالة بأنها بدأت في نفس اليوم بتغذية السلسلة المذكورة أعلاه بسادس فلوريد اليورانيوم المخصب بنسبة تصل إلى خمسة بالمئة".

من جهتهم، دعا وزراء خارجية الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا بالإضافة إلى مساعد وزيرة الخارجية البريطانية، طهران إلى التنازل عما قالوا إنها مطالبها الإضافية التي لا تتصل بالاتفاق النووي المبرم في 2015 بشكل مباشر، فيما ناشدوا إيران بقبول الصيغة الحالية من الاتفاق بأسرع ما يمكن.

ويستمر الجدال بين طهران وواشنطن حول الطرف المعطل للعودة للاتفاق النووي بعدما أخفق الطرفان في إحراز تقدم في آخر جولات التفاوض غير المباشرة والتي عقدت في الدوحة قبل أكثر من أسبوع.

وتتركز النقاط الخلافية حول مطالب إيران برفع العقوبات المفروضة بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي ومختلف العقوبات التي فُرضت ضمن سياسة الضغوط القصوى الأمريكية، كما تطالب إيران أيضًا بضمانات سياسية وحقوقية وتجارية من الجانبين الأمريكي والأوروبي حتى لا يتكرر الانسحاب من الاتفاق، بالاضافة لمطالبها بإخراج الحرس الثوري من قائمة المنظمات الإرهابية الأمريكية. لكن هذا الطلب بحسب واشنطن يحتاج لمفاوضات أوسع تشمل ملفات أخرى أيضًا، وهو ما ترفضه طهران.

بالمقابل تقول الولايات المتحدة إن إيران تطالب بما هو خارج الاتفاق، وإنها يجب أن تستجيب للمخاوف التي تتجاوز الاتفاق النووي، كما أن الادارة الأمريكية أعلنت سابقًا أنه لا يمكن أن تقدم ضمانات لإيران بأن الإدارة القادمة لن تنسحب من الاتفاق النووي.

وفي تصعيد جديد يلقي بظلاله على سير مفاوضات إحياء الاتفاق النووي، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية عن "فرض عقوبات جديدة على شبكة دولية من كيانات وأفراد على ارتباط بقطاع النفط الإيراني". وقالت الوزارة إن "الشبكة عملت عبر شركات صورية في الخليج لتسهيل تسليم وبيع منتجات نفطية وبتروكيماوية إيرانية قيمتها مئات الملايين من الدولارات إلى شرق آسيا".

بدوره أشار وكيل وزارة الخزانة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية براين نيلسون إلى أنه "في الوقت الذي تلتزم فيه الولايات المتحدة بالسعي للعودة المشتركة إلى الاتفاق النووي مع إيران، فإنها تواصل استخدام جميع سلطاتها لفرض العقوبات على بيع النفط والبتروكيماويات الإيرانية".

هذا وشملت إجراءات وزارة الخزينة الأمريكية كل من شركة جام بتروكيميكال ومقرها إيران واتهمتها الوزارة  بتصدير منتجات بتروكيماوية بمئات الملايين من الدولارات إلى شركات في جميع أنحاء شرق آسيا. إذ قالت الوزارة إن "الكثير من تلك المنتجات جرى بيعها إلى شركة بتروكيميكال كوميرشال الإيرانية لشحنها إلى الصين"، بالاضافة لشركة "إدجار كوميرشال سوليوشنز" التي قالت عنها الوزارة إنها "اشترت وصدرت منتجات بتروكيماوية من شركات إيرانية خاضعة للعقوبات". واستخدمت إدجار شركة لاسترو إندستري ليمتد ومقرها هونغ كونغ لإخفاء دورها في الشراء بالجملة للمنتجات البتروكيماوية، وقد شملتها العقوبات أيضًا. كما استهدفت العقوبات شركة علي المطوع لتجارة البترول والبتروكيماويات التي تتخذ من الإمارات مقرًا لها. وقالت وزارة الخزانة إنها "واجهة لشركة تريليانس للبتروكيماويات المحدودة الخاضعة لعقوبات أمريكية".

من جهته وتعليقًا على فرض العقوبات الجديدة، قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إن "الكيانات موجودة في إيران وفيتنام وسنغافورة والإمارات وهونغ كونغ، تدعم تجارة الطاقة الإيرانية التي تدر عائدات غير مشروعة تقدر بملايين الدولارات". وأضاف بلينكن أن "واشنطن ثابتة في انتهاج مسار الدبلوماسية"، مشيرًا إلى أن "إيران فشلت حتى الآن في إظهار التزام مماثل بمسار الدبلوماسية لتحقيق عودة متبادلة إلى الاتفاق". وأكد بلينكن أن "واشنطن ستواصل استخدام العقوبات لاستهداف صادرات البترول والمنتجات البتروكيماوية إذا لم يطرأ أي تغيير في المسار الإيراني".

وفي سياق متصل، اقترح ثلاث وزراء بريطانيون سابقون اتخاذ إجراءات أكثر تشددًا تجاه إيران في المسودة الجديدة للاتفاق النووي الإيراني. وقدم الوزراء الثلاثة مقترحات تشمل "تطبيق نظام أكثر صرامة لمراقبة النشاط النووي الإيراني، وإعادة فرض العقوبات وتشديد الخناق الاقتصادي على طهران حتى تصبح مستعدة لقبول مقترحات جادة"، بالإضافة  لحظر بريطانيا "الحرس الثوري الإيراني وتصنيفه منظمة إرهابية كما فعلت الولايات المتحدة الأمريكية".

تأتي هذه الاقتراحات عقب إعلان طهران الأربعاء عن احتجاز عدد من الأجانب وعدد من الدبلوماسيين بينهم نائب رئيس البعثة الدبلوماسية البريطانية في إيران بتهمة التجسس. وكان الحرس الثوري قد أعلن أن استخباراته "اعتقلت عددًا من الأجانب، بينهم دبلوماسيون وأكاديميون، أثناء مغادرتهم البلاد، وبحوزتهم عينات من التربة والحجارة جمعت من مناطق محظورة وسط البلاد، حيث تُنفّذ تجارب صاروخية".

ويظهر شريط فيديو نشره الحرس الثوري أن مداخل منطقة شهداد التي كان فيها الدبلوماسي البريطاني تحتوي على لافتات بالفارسية والإنجليزية تصنفها من المناطق المحظورة، وتطلب عدم الدخول إليها من دون ترخيص. بدوره عرض التلفزيون الإيراني لقطات للدبلوماسي البريطاني جيل ويتكر وعائلته في وسط إيران، حيث بدا أنه يأخذ عينات من الأرض. وقال التلفزيون إنه "كان بالقرب من منطقة يجري فيها اختبار صاروخ"، وأضاف أن "هؤلاء الجواسيس أخذوا عينات من الأرض في صحراء وسط إيران، حيث كان الحرس الثوري يجري تجارب للصواريخ الفضائية".

اقترح ثلاث وزراء بريطانيون سابقون اتخاذ إجراءات أكثر تشددًا تجاه إيران في المسودة الجديدة للاتفاق النووي الإيراني

كما ذكر التلفزيون أن أحد المعتقلين هو زوج الملحقة الثقافية في سفارة النمسا في إيران، وعرض كذاك صورة لأجنبي ثالث قال إن اسمه ماتشي فالتشاك وهو أستاذ جامعي بولندي كان يزور إيران للسياحة، وتم اعتقالهم بعد رصد دقيق عبر الطائرات المسيرة وتوثيق جمعهم عينات من التربة والمياه والصخور في صحراء شهداد، ومدينة دامغان بالقرب من موقع للتجارب الصاروخية. وأضاف التلفزيون الرسمي أن السلطات الإيرانية ضبطت العينات. من جانبه رد المتحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية بخصوص المعلومات عن احتجاز دبلوماسي بريطاني بالقول إن "التقارير عن احتجاز دبلوماسي بريطاني في إيران غير صحيحة بالمرَّة".