31-مارس-2018

عاش رودريغز بين الذئاب أكثر من عشر سنوات (Elpais)

نشرت صحيفة إلباييس الإسبانية قصة مثيرة لـ"ماوكلي" حقيقي، هو رجل إسباني عاش وتربى بين الذئاب حتى بلغ الـ19 من عمره. المزيد من التفاصيل ننقلها لكم هنا حيث ترجمة القصة.


كان ماركوس رودريغز بانتوخا، "ماوكلي" الحقيقي، في منطقة سييرا مورينا الجبلية بإسبانيا، لكن حياته تغيرت للغاية منذ أن انتُشل من بين الذئاب ليُعاد إلى حياة البشر، حيث يحيا الرجل البالغ من العمر الآن 72 عامًا، في منزل صغير بارد بقرية رانت في مقاطعة أورينسي الغاليسية شمال غرب البلاد، حيث كان الشتاء المنصرم قاسيًا عليه، وعادة ما يقطع حديثه السعال الحاد الذي ينتابه.

ماركوس ردوريغز، من إسبانيا، هو ماوكلي الحقيقي، حيث عاش وتربى بين الذئاب حتى بلغ الـ19 من عمره

تدور آخر ذكرياته السعيدة حول طفولته مع الذئاب، إذ قبلته صغار الذئاب كأخٍ لها، بينما أطعمته الذئبة الأم وعلّمته معنى الأمومة، ونام في كهف بجوار الخفافيش والثعابين والغزلان، مستمعًا إليها بينما تتبادل الصراخ والصياح. ومعًا علمته هذه الحيوانات كيف ينجو. وبفضلها، تعلم رودريغز أي أنواع النباتات بوسعه تناولها ليعيش.

اقرأ/ي أيضًا: "زمان وأيام زمان".. تجليات النوستالجيا في حياتنا اليوم

أمّا اليوم فيعاني رودريغز من برودة وقسوة العالم الإنساني، منذ اكتشفه أحد أفراد الحرس المدني، وكان رودريغز في الـ19 من عمره حينها، ليعيده للحياة مع الإنسان. لم يكن رودريغز يعاني من تلك البرودة أو القسوة حين كان يركض في أنحاء الغابة، حافي القدمين وشبه عارٍ مع الذئاب. يتذكر قائلًا: "لم أُغطِ قدمي إلا إذا شعرت بالألم بسبب الثلج. كانت بشرة قدمي قاسية حتى أن ركل صخرة كان أشبه بركل الكرة".

انهار عالم رودريغز بعدما اُقتلع من عالم الأدغال، ولم يتمكن من التعافي تمامًا. وأُسيئت معاملته وخُدع، وجرى استغلاله على أيدي أرباب العمل في قطاعات التشييد والضيافة، ولم يندمج بشكل كامل مع البشر. إلا أن جيرانه في قرية رانت على الأقل، يعتبرونه "واحدًا منهم". كما تجمع المجموعة البيئية "Amig@s das Arbores" المال من أجل إقامة العزل الحراري لمنزله وشراء غلاية صغيرة له، وهي الأشياء التي لا يكفي معاشه للقيام بها.

ويُعد رودريغز أحد الحالات القليلة المُوثقة في العالم لطفل ربته الحيوانات بعيدًا عن البشر. وُلد رودريغز في أنورا بمقاطعة قرطبة، عام 1946. توفيت والدته حين كان في الثالثة من عمره، ثم غادر والده ليعيش مع امرأة أخرى. ولا يتذكر رودريغز سوى تعرضه للإساءة أثناء هذه الفترة من حياته.

أخذوه للجبال، ليقوم مقام أحد رعاة الماعز المسنين، الذي يتولى مسؤولية العناية بـ300 حيوان. علمه الراعي كيفية استخدام النار وصناعة الأدوات، إلا أنه توفي أو اختفى فجأة، تاركًا رودريغز وحيدًا في السابعة من عمره، عام 1954.

يعيش رودريغز حياة شديدة التواضع على قدر معاشه القليل
يعيش رودريغز حياة شديدة التواضع على قدر معاشه القليل 

وحين عثرت السلطات على رودريغز، كان قد استبدل الكلمات بهمهمات، إلا أنه كان مازال بوسعه البكاء، إذ يقول: "الحيوانات تبكي أيضًا".

اعترف رودريغز بأنه حاول العودة للجبال، إلا أن "الوضع لم يعد كما كان"، فالآن لا تراه الذئاب شقيقًا لها. يقول: "يمكنك أن تشعر بتواجدها، وسماع لهاثها المُرعب، لكن ليس من السهل رؤيتها. هناك ذئاب وإن ناديتها ستستجيب، ولكنها لن تقترب مني"، مضيفًا: "تبدو رائحتي مثل رائحة البشر، أضع عطرًا". وقد عبر عن حزنه أيضًا لوجود أكواخ وبوابات كهربائية ضخمة في محل كهفه القديم حيث عاش لأكثر من عشر سنوات.

وكانت قصة رودريغز وتجربته، موضوعًا للعديد من الدراسات الأنثروبولوجية والكتب، مثل غابرييل جانر، والفيلم الصادر عام 2010 (بين الذئاب – Among the Wolves) أو "Entre lobos" بالإسبانية، للمخرج غيراردو أوليفاريس.

كانت قصة رودريغز وتجربته موضوعًا للعديد من الكتب الدراسات الأنثروبولوجية، ومنها اقتبس فيلم "Among the Wolves" الصادر عام 2010

ويصر رودريغز على أن حياته باتت أكثر صعوبة بعدما أُعيد إلى العالم الحديث. وقال ذات يوم: "أعتقد أنهم يسخرون مني لأني لا أعرف عن السياسة أو كرة القدم"، ليخبره طبيبه: "اسخر منهم كذلك، لا أحد يعلم مثلما تعلم".

قابل العديد من الأشخاص السيئين على مدار حياته كما يقول، إلا أنه تلقى الدعم والتضامن كذلك. فعلى سبيل المثال، ينظم حارس الغابة، زوز سانتوس، والعضو في مجموعة "Amig@s das Arbores"، جلسات في المدارس حيث يُمكن لرودريغز الحديث عن حبه للحيوانات وأهمية العناية بالبيئة. يقول سانتوس: "من المدهش رؤية كيف يأسر الأطفال بتجربته الحياتية"، فالأطفال في النهاية هم أكثر البشر الذين يشعر روديغز معهم بالراحة.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

موت "سودان".. وحيد القرن الشمالي الأخير وصراع "ترميز" الهوية السودانية

قصة القط "ماو".. معبود الفراعنة الذي يربّيه المصريون اليوم