18-يونيو-2021

مشهد من بيروت يوم 17 حزيران/يونيو 2021 (Getty)

لم تكتفِ القوى الحاكمة في لبنان في تعطيل الحياة السياسية وإيصال البلاد إلى شفير الهاوية في ظل تردّي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية إلى مستوى غير مسبوق، بل تداعى البعض منها إلى دعوة أنصاره  للتظاهر في الشارع رفضًا للوضع الحالي، ما شكّل مادة للتندر والسخرية لدى ناشطي وسائل التواصل الاجتماعي، وناشطي المجتمع المدني والمجموعات الثورية التي أطلقت انتفاضة 17 تشرين، والتي وجدت فجأة أحزابَ السلطة المسؤولة الأساسية عن الحال التي وصلت إليها، ترفع شعارات الانتفاضة، وتتقاذف المسؤولية فيما بينها، وتستخدم أنصارها وجمهور بيئتها، وتستغل الأوضاع البائسة التي يعيشونها، لتصفية الحسابات السياسية بين الأحزاب الحاكمة.

عبّر الناشطون في لبنان عن غضبهم وسخريتهم من دعوات أحزاب السلطة للتظاهر على الأوضاع التي تعيشها البلاد

وفي خضم الهرج والمرج الذي شهده الشارع اللبناني، مع اختلاط الحابل بالنابل، حيث لم يعد مفهومًا من يتظاهر في وجه من، توجهت الأنظار إلى تصريح وزير الطاقة ريمون غجر، الذي قال في أن الدعم سيرتفع عن مادة البنزين، ما يعني أن سعر الصفيحة الواحدة سيتضاعف خمس مرات، وزاد الطين بلّة أسلوب الوزير الاستفزازي، حيث قال إن المواطن الذي لا يستطيع دفع ثمن البنزين، عليه ببساطة أن يتوقف عن استخدام سيارته.

وقد عبّر الناشطون في لبنان عن غضبهم من تصريح الوزير المنتمي إلى تيار رئيس الجمهورية ميشال عون، وأطلقوا وسم #عهد_الذل للتعبير عن سخطهم من الذل اليومي الذي يعيشه المواطن، في ظل انقطاع البنزين والأدوية وعديد أصناف المواد الغذائية، بالإضافة إلى الارتفاع الجنوني في أسعار السلع والمواد بشكل يفوق القدرة الشرائية للمواطن، والتي انهارت مع انهيار سعر صرف الليرة في مقابل الدولار الأمريكي.

ضمن هذا الإطار نشر الناشط أنطوني كيروز صورة لطوابير مصطفّة أمام إحدى محطات الوقود، وقال إن مشهد الذلّ هذا أصبح يوميًا، فيما تساءلت الناشطة ريتا كيف يمكن لبلد عاجز عن تأمين لتر بنزين واحد للمواطن، أن يؤمّن له مستقبله، وقالت الصحفية مريم سيف الدين إنه من العار على المواطنين الذين لا يجدون البنزين لسياراتهم، أن يسمحوا لمواكب الوزراء والمسؤولين بالمرور على الطرقات. 

وللسخرية من تحركات أحزاب السلطة، أطلق الناشطون وسم #السلطة_تنتفض، في محاكاة لعبارة "لبنان ينتفض" التي انتشرت خلال انتفاضة 17 تشرين، وأطلقوا من خلاله النكات ضد الأحزاب التي دعت أنصارها للتوجه إلى الشوارع الخميس في الـ 17 من حزيران \ يونيو. 

الناشط علي فواز قال إن الأحزاب التي خرجت للتظاهر الخميس، تمتلك الرئاسات الثلاث، ثلثي مجلس النواب، السلطة التنفيذية، وقد حكموا البلاد طوال ثلاثين سنة، ووصف لبنان ببلد العجائب، واستغربت الناشطة بولينا جحا من أن الفاسدين والمجرمين الذين تسببوا بتدمير مدينة بيروت، يتظاهرون اليوم ضد أنفسهم، فيما الناس المتضررون من سياساتهم يلتزمون بيوتهم، وسألت إن كان هذا الواقع مقبولًا. 

واعتبر الناشط ريك مطر أن أحزاب السلطة حاولت استعادة شيء من شعبيتها المفقودة، عبر دعوة أنصارها إلى الشارع، وأن مشاهد الحشود الهزيلة وعدم تجاوب الناس معهم، أظهرت أنهم فشلوا بشكل ذريع في ذلك، بينما اعتبرت الناشطة ساندرا أن لبنان بات مثالًا واضحًا للعبثية، حيث يقوم أهل السلطة بالتظاهر ضد أنفسهم، وقالت إن المسؤول عن الوضع الكارثي في البلاد، ليس سوى أولئك الذي يمتلكون القوة، أي أحزاب السلطة. 

ومن باب التهكم والسخرية، توقّع الناشط عباس علوية أن يقوم الناشطون من أنصار السلطة، بإحراق صور الثوار الحقيقيين، بينما اعتبرت ناشطة أخرى أن أهل السلطة في لبنان "قتلوا القتيل ومشوا في جنازته"، فيما نشر أحد الناشطين صورة ساخرة للرؤساء الثلاثة وهم يحرقون الإطارات احتجاجًا على الأوضاع في البلاد، وقال إنهم يعتصمون ويعبّرون عن غضبهم بسبب تعطّل مؤسّسات الدولة. 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

تضامن لبناني واسع مع الناشطة ياسمين المصري وانتقادات لسياسة وأسلوب جبران باسيل

دراسة إحصائية لرويترز تربط بين ظروف المسلمين في فرنسا وارتفاع وفيات كوفيد-19