08-مارس-2022

قاسم سليماني كان أبرز الحاضرين في معرض بيروت للكتاب (تويتر)

في وقت تغرق فيه البلاد في الظلمة بسبب تقنين الكهرباء، وبينما تعود الطوابير لتظهر مرة أمام محطات البنزين ما يُنذر بأزمة وقود جديدة، وفي ظل تفاقم المعضلة الاقتصادية بسبب الأزمة الأوكرانية، توجّهت أنظار اللبنانيين خلال اليومين الأخيرة إلى منطقة البيال في بيروت، حيث يقام المعرض السنوي للكتاب، والذي يُنظم للمرة الأولى بعد ثلاث سنوات من التوقف بسبب جائحة كورونا والأزمة السياسية التي يشهدها لبنان. 

كان قاسم سليماني من أبرز الوجوه الحاضرة في معرض بيروت للكتاب في نسخته لهذا العام 

غير أن هذا الاهتمام بقصّة المعرض بين الناس لم يكن منصبًا على المعرض نفسه أو ما يحويه من كتب وناشرين وما يعقد على طرفه من فعاليات، وإنما كان متعلقًا بالجدل الكبير الذي أثاره تضمن المعرض هذا العام لجناحٍ يعرض صورًا وتماثيل للجنرال قاسم سليماني، القائد السابق لفيلق القدس الإيراني الذي قضى بغارة أمريكية على موكبه مطلع العام 2020.

مجسم سليماني يقسم اللبنانيين

وبعد ساعات من انتشار صور ومجسمات قاسم سليماني من داخل معرض الكتاب، برز جدل كبير على مواقع التواصل الإجتماعي، بين من أيّد حق دار النشر بوضع تمثال لرجل يعتبرونه "بطلًا" ساهم بشكل كبير وفعال في المعارك التي يشنّها محور الممانعة على أعدائه، وبين من رفض وضع المجسم، واعتبر أن القيّمين على دار النشر يحاولون تغيير وجهة معرض الكتاب، والمساهمة في فرض الثقافة والرموز الإيرانية على بيروت وعلى اللبنانيين، في وقت ينظر جزء من المتابعين إلى سليماني بصفته مجرمًا شارك في ارتكاب مجازر بحق الشعبين السوري والعراقي على امتداد السنوات الأخيرة.

فيديو من المعرض يشعل مواقع التواصل

وسرعان ما انتقلت المناوشات من مواقع التواصل الإجتماعي إلى أرض الواقع، إذ انتشر مقطع فيديو لشاب يدعى شفيق بدر، اقتحم جناح "دار المودة " التي تعرض صور سليماني، وقام بتمزيق إحدى الصور العائدة للجنرال الإيراني مطلقًا هتاف " إيران برا برا بيروت حرة حرة "، قبل أن تنقض عليه مجموعة من الشبان المتواجدين في المكان بالضرب المبرّح، ما خلق مرة أخرى ردّات فعل متباينة على مواقع التواصل الاجتماعي، وإدانات واسعة لتعرض الشاب للضرب بتلك الطريقة. 

المشاكل في معرض بيروت للكتاب لم تقتصر على الخلاف حول مجسمات وصور سليماني، فقد أعلنت مؤسسة سمير قصير أن " أحد منظمي معرض بيروت العربي الدولي للكتاب، منع يوم السبت في الخامس من آذار/مارس 2022، فرقة بيكار بيروت الفنية من استكمال حفلتها الغنائية في المعرض في قاعة "سي سايد" للمعارض، وقام بقطع التيار الكهربائي عن الحفلة قبل انتهائها".

المدونون والناشطون في لبنان استخدموا أكثر من وسم للتعليق على ما يجري في معرض الكتاب، ومن بينها #معرض_الكتاب و#بيروت_ حرة، وفي أبرز التغريدات قال وزير العدل السابق اللواء أشرف ريفي، المعروف بمواقفه المناهضة لحزب الله ومحور الممانعة، إن صورة قاسم سليماني في معرض الكتاب في بيروت هي استفزاز للشعب اللبناني الذي اكتوى بنار الإحتلال الإيراني، مَن وضعها يريد الإستقواء على اللبنانيين لكن شباب لبنان أقوى من هذا الإستكبار.


الناشطة وفاء أبو عاصي اتهمت إيران بالوقوف وراء منع الموسيقى في المعرض إذا قالت: "الجالية الايرانية في لبنان تمنع الموسيقى في معرض الكتاب في بيروت. هل الموسيقى أصبحت من المحرمات؟"


أما النائب اللبناني السابق ميشيل معوض فقد رأى أن وضع صورة كبيرة لقاسم سليماني في معرض ثقافي للكتاب في بيروت يؤكّد على أنّ لبنان "ليس بخير"، وطالب بتوقيف من وصفهم بـ"المعتدين" ورفع الصورة التي أثارت الجدل. 

 

يذكر أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي كان قد افتتح قبل أيام معرض بيروت للكتاب في دورته الثالثة والستين، بعدما كان قد توقف في الدورتين الماضيتين بسبب الظروف التي تمر بها البلاد، في قاعة " سي سايد آرينا " في الواجهة البحرية لمدينة بيروت، بدعوة من النادي الثقافي العربي، وسيستمر حتى الـ 13 من شهر آذار \ مارس القادم، وتحمل النسخة الحالية عنوان " بيروت الصمود بيروت لا تنكسر".

وقد انتقد لبنانيون على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المحلية في لبنان ما وصفوه بالهيمنة الواضحة لدور النشر الإيرانية في معرض بيروت الدولي للكتاب، والذي تجلّى بانتشار صور كبيرة لشخصيات إيرانية، من بينها صور قاسم سليماني وخامنئي في عدد من أجنحة المعرض، وهو ما دفع بعض الناشطين إلى وصف المعرض بأنه "معرض طهران للكتاب".


وبخلاف الدورة الـ 62 التي أُقيمت عام 2018 بمشاركة 234 ناشرًا بينهم 70 ناشرًا عربيًا، لا يتجاوز عدد الناشرين المشاركين في هذه الدورة أكثر من 96 ناشرًا، وفق ما أعلنه "النادي الثقافي العربي"، الذي ينظم هذه الدورة منفردًا وسط مقاطعة "نقابة الناشرين اللبنانيين"، وفي ظل غياب أبرز دور النشر اللبنانية، مثل: "الآداب"، و"الجديد"، و"هاشيت أنطون"، و"الساقي"، و"التنوير"، و"ضفاف"، و"العربية للعلوم"، وذلك بحسب ما نقل موقع التراصوت في تقرير سابق حول المعرض، يمكن الاطّلاع عليه هنا

 

اقرأ/ي أيضًا: 

"معرض بيروت للكتاب" في دورته الـ 63.. أقل من 100 ناشر

طلاب لبنانيون في أوكرانيا يدفعون ثمن الحرب