23-أكتوبر-2015

مورينيو مثير للجدل دائمًا (كلايف روز/Getty)

منذ اقتحامه عالم الأندية الكبرى عام 2003 بعد انتقاله لملكية قيصر النفط الروسي رومان أبراموفيتش، فتح نادي تشيلسي الإنجليزي فصلًا جديدًا ومختلفًا من تاريخه الممتد على مدى أكثر من قرن من الزمن.

وقد كان من سلبيات هذا العز المفاجئ الذي أصاب النادي اللندني أن أصبح تحت المجهر بصورة دائمة: تشيلسي لم يعد ناديًا متواضعًا يقنع بمركز في وسط جدول الترتيب كل موسم، بل ناديًا منافسًا يعج بالنجوم من مختلف أرجاء العالم، نجوم تلاحقهم عدسات المصورين، وأسماء تطالَب دائمًا بالفوز، لا شيء غير الفوز.

وفي حين حفلت السنوات الاثنا عشر التي انقضت من عهد أبراموفيتش بالنجاحات، كثيرًا ما ظهر النادي الإنجليزي خلالها بثوب التناقض. أحداث مختلفة عرفتها أروقة الستامفورد بريدج جعلت من "فخر لندن الجديد" محط استغراب وتساؤل من قبل الجماهير والصحافة على حد سواء.

بنحاييم، بنعيون، غرانت و...محمد صلاح

لم يكن لاعبو الكرة "الإسرائيليون" يومًا من ذوي المهارات الرفيعة والمستويات المميزة. لذا، قد يكون التفسير الوحيد لتعاقد تشيلسي مع "الإسرائيليين" تال بن حاييم ويوسي بنعيون موسمي 2007 و2010 على التوالي هو تعزيز المصالح الاقتصادية التي تربط أبراموفيتش بالكيان الإسرائيلي.

وعلى غرار بنحاييم وبنعيون، لم يكن المدرب "الاسرائيلي" أفرام غرانت من ذوي السجل الحافل في عالم المستديرة. غير أن هذا الأمر على ما يبدو لم يحل دون خلافته للبرتغالي جوزيه مورينيو بعد نهاية عهده الأول مع البلوز.

أتى صلاح بطلب خاص من مورينيو بعد تألق ملفت مع بازل السويسري

وفي مطلق الأحوال، إن كانت "الواسطة" هي التي جاءت بـ"الجالية الكروية الإسرائيلية" إلى لندن، فلا شك أنها لم تكن سببًا في مجيء العربي المصري محمد صلاح. أتى صلاح بطلب خاص من مورينيو بعد تألق ملفت مع بازل السويسري موسم 2012-2013، لا سيما في مباريات اليوروبا ليج أمام تشيلسي بالذات. ولسوء حظ صلاح، أمضى موسمه الأول حبيسًا لدكة الستامفورد بريدج، قبل أن يقرر مورينيو التخلص منه معارًا إلى فيورنتينا ثم روما.

ديدييه دروجبا والمشجع الباريسي: عنصرية انتقائية!

بعد حادثة العاصمة الفرنسية باريس، والتي منعت فيها جماهير تشيلسي مشجعًا من أصول إفريقية لباريس سان جرمان من الصعود إلى المترو، تساءل الكثيرون من عشاق كرة القدم عن أسباب هذا التصرف العنصري المستنكر، الذي يأتي في ظل جهود عديدة تُبذل من الويفا والفيفا للتخلص من العنصرية في كرة القدم.

ومن المعروف للمتابعين أن انطلاقة تشيلسي كنادٍ كانت من ضاحية فولهام في العاصمة الإنجليزية لندن، حيث لا تقل نسبة السكان ذوي الأصول الإفريقية عن العشرة في المائة. وعليه، يحق للمشاهد العادي أن يتساءل عن سبب هذه العنصرية "الانتقائية" إن صح التعبير، سيما أن أحد أساطير النادي ومعبود جماهيره، ديدييه دروجبا، أفريقي من ساحل العاج.

ومما يزيد المتابعين حيرة أن جماهير الفريق ليست وحدها المتهمة بالعنصرية. فالواقع أنه قبل حادثة قطار العاصمة الفرنسية بأعوام قليلة، كان قائد الفريق الحالي الإنجليزي جون تيري قد تفوه بألفاظ عنصرية تجاه مواطنه لاعب كوينز بارك راينجرز أنطون فرديناند، شقيق أسطورة مانشستر يونايتد ريو فرديناند، وذلك عندما نعته عام 2011 بـ"الأسود" أثناء إحدى مباريات الدوري الإنجليزي.

اقرأ/ي أيضًا:  الجيش الياباني في الدوري الألماني

"كل البنات بتحبك"...ما عدا إيفا!

قبل نحو عقد من الزمن، أطلق البرتغالي جوزيه مورينيو على نفسه لقب The Special one من داخل إحدى غرف المؤتمرات الصحفية. لاحقًا، تحوّل مورينيو "الكاريزماتيك"، عن غير قصد على الأرجح إلى"كلوني مدربي كرة القدم"، وفقاً لتقرير خاص لصحيفة الـ Express الإنجليزية عام 2007. التقرير أورد شهادات لنساء بريطانيات حطم "جوزيه" قلوبهن بسبب مغادرته للبريمييرليج على أثر سلسلة من الصدامات مع أبراموفيتش.

الملفت أن شعبية مورينيو بين النساء لم تحدّ من ذكوريته تجاههن ولو قليلًا. ولنا في قضيته الشهيرة مع طبيبة الفريق إيفا كارنيرو مؤخرًا أبرز دليل. فخلال المباراة الشهيرة لفريقه أمام سوانسي سيتي في الجولة الأولى من الدوري الإنجليزي هذا الموسم، لم يتوانَ مورينيو عن انتقاد الطبيبة الشهيرة بسبب تدخلاتها الطبية المبالغ بها على أرض الملعب، بل وصل الأمر به إلى وصفها بـ"العاهرة" بحسب ما كشفت صحيفة الدايلي مايل الإنجليزية.

الملفت أن شعبية مورينيو بين النساء لم تحدّ من ذكوريته تجاههن ولو قليلًا

مورينيو محبوب النساء، بدأت ذكوريته الفائضة هذه تفقده شعبيته في أوساطهن شيئًا فشيئًا، أقله بالنسبة لداشا جوكوفا، زوجة مالك النادي الملياردير الروسي رومان أبراموفيتش، التي أبدت انزعاجها الشديد من تصرفات مورينيو تجاه كارنيرو. ويقال أيضًا أنها شكت "السبيشال وان" إلى زوجها، الذي تشير التقارير إلى امتعاضه من المو، من دون أن يستطيع انتقاده في الوقت الحالي بسبب العقد الجديد الذي منحه إياه مؤخرًا، والذي سيبقيه في لندن لأربع سنوات مقبلة.

اقرأ/ي أيضًا: شالكه 04.. من المناجم وإلى المناجم يعودون

مبالغ فلكية ...  لتشغيل "حافلة"!

تخيل معي أنك تدرب فريقًا يلعب له إيدين هازارد، سيسك فابريجاس، ويليان، أوسكار، كوستا وغيرهم... فريق يساوي مئات ملايين اليوروهات. ثم تخيل أن عليك بفريقك هذا أن تواجه باريس سان جرمان. هل ستلعب بأسلوبك المعتاد وتستغل نقاط قوتك، أم ستبحث سريعًا عن مفتاح الحافلة؟

لا داعي لأن ترهق نفسك بالتفكير، فـ "عند مورينيو الخبر اليقين". البرتغالي خاض مباريات عديدة مرجحًا كفة الدفاع على الهجوم رغم حاجته للتسجيل وامتلاكه الأدوات لذلك. أبرز هذه المباريات كانت دون شك مباراته أمام باريس سان جرمان في إياب الدور الثاني من دوري أبطال أوروبا الموسم الماضي، والتي أخرجت المو ولاعبيه من المسابقة رغم لعبهم على أرضهم، بعد الانكماش المبالغ به في الخلف والتركيز على الدفاع.

لماذا تُنفَق المئات من الملايين على التعاقد مع مهاجمين وأجنحة وصانعي ألعاب؟

قد يقول أحدهم أنه لا ضير في الدفاع إن كان سيأتي بالألقاب. ولكن، لماذا إذًا تُنفَق المئات من الملايين على التعاقد مع مهاجمين وأجنحة وصانعي ألعاب كثيرًا ما يتم تحجيم قدراتهم وإلزامهم بخطط دفاعية قد لا تأتي بالنتائج المرجوة، أو ينتهي بهم الأمر على دكة البدلاء بعد "فشلهم" في الالتزام بتعليمات مورينيو؟ ولنا في صلاح وشورله وكوادرادو دي بروينه وسواهم عبرة.

قد يكون تشيلسي ربما النادي الوحيد في عالم المستديرة الذي استطاع جمع كل هذه المتناقضات. في تشيلسي تمثلت "إسرائيل"، وفيه تمثل العرب. لتشيلسي جماهير عنصرية، لكنها تمجّد ملك ملوك لاعبي إفريقيا، دروغبا. في تشيلسي، مدرب يملك نجومًا يحلم بهم كل مدربو العالم، لكنه يصرّ في لحظة جبن على تحويلهم إلى مدافعين أمام الفرق الكبرى. في تشيلسي عالم من الأضداد، مملكة من المتناقضات.

اقرأ/ي أيضًا: تحطم باص تشيلسي!