12-سبتمبر-2022
chareles

الملك تشارلز الثالث

أمضى تشارلز سبعة عقود بانتظار وصوله إلى العرش، ليصبح صاحب أطول فترة ولاية عهد والملك الأكبر عمرًا وقت تنصيبه في تاريخ المملكة المتحدة. فالأمير تشارلز يعتلي العرش وهو في عامه الـ73، عقب وفاة أمّه الملكة إليزابيث الثانية التي توفيت يوم الخميس الماضي، 8 أيلول/سبتمبر، التي ظلت على مدى سبعين عامًا على رأس مؤسسة لا تخلو من الصدوع، ويحوم حول مستقبلها اليوم المزيد من التكهّنات المتشائمة. 

ولد تشارلز في قصر باكينغهام في الرابع عشر من تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1948

فالفترة الطويلة لولاية تشارلز للعهد تحت ظلّ الملكة، قد شابتها العديد من الأحداث الصادمة والفضائح والتجاوزات التي شغلت الإعلام البريطاني والعالمي على حد سواء، وهو ما أثر على شعبية الأمير، الذي بات ملكًا اليوم، في العديد من استطلاعات الرأي في الداخل البريطاني، ولاسيما عند المقارنة مع شعبية والدته، الأمر الذي يلقي اليوم بشكوك كثيرة حول طراز الحكم الملكي الذي ستشهده المملكة المتحدة، وما إذا كان حكم تشارلز الثالث سيكون مسمارًا جديدًا، أو ربما أخيرًا كما يجادل البعض، في نعش الملكية البريطانية. 

الأمير ضحية للتنمر!

ولد تشارلز في قصر باكينغهام في الرابع عشر من تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1948. تقول الرواية إن والده، دوق إدنبرة، لم يحضر مولده لانشغاله بلعب السكواش مع أحد أصدقائه.

عندما بلغ الثالثة من عمره أصبح تشارلز وريثا لولاية العهد بعد أن توفي جده جورج السادس، وبعد ذلك التحق بمدرسة غوردونستون الداخلية في سكوتلندا على خلاف ما جرت عليه العادة عند العائلة المالكة من تعيين مدرسين خصوصيين لأولياء العهد.

في المدرسة تعرض الأمير لمضايقات كثيرة لدرجة دفعته إلى وصف المدرسة بأنها تشبه أحد مراكز الاعتقال النازية، وفي إحدى رسائله إلى أمه الملكة قال: "بالكاد أستطيع النوم في البيت لأنني أشخر، كما أنهم يضربونني على رأسي طوال الوقت. هذا جحيم صرف". 

تشارلز مع جدته

أحب الأمير المسرح خلال سنوات دراسته وتعلم العزف على آلتي البيانو والبوق، ثم انتقل بعد إنهاء دراسته الثانوية إلى الجامعة بدلا من الالتحاق بالقوات المسلحة، مخالفا بذلك مجددًا ما جرت عليه العادة لدى العائلة الحاكمة، فدرس علم الآثار وعلم الإنسان في سنته الدراسية الأولى في جامعة كامبردج قبل أن يتحول لدراسة التاريخ، وفي عام 1970 تخرج من الجامعة ليصبح أول ولي عهد يحصل على شهادة جامعية، ولكن قبل تخرجه بعام واحد، عينته والدته الملكة أميرا لويلز.

زواج وخيانة وطلاق أمام وسائل الإعلام

ارتبط الأمير تشارلز في فترة شبابه بالعديد من النساء لدرجة وصفه بـ "الأعزب الأكثر شهرة في العالم"، بل إن عمه الأكبر اللورد ماونتباتن نصحه ذات يوم فقال له: "في وضع مثل وضعك، يجب على الرجل أن يطلق العنان لطيشه ويدخل في أكبر قدر من العلاقات الرومنسية قبل أن يستقر ويتزوج."

في عام 1977 قابل الأمير تشارلز ديانا سبينسر التي كانت في السادسة عشرة من عمرها فقط آنذاك في حين كان هو في التاسعة والعشرين، وكان ذلك أثناء مواعدته لأختها الكبرى سارة. في عام 1981 تزوج تشارلز وديانا في كاتدرائية سانت بول في حفل مهيب بثته وسائل الإعلام وحضره حوالي 750 مليون شخص حول العالم.

قبلة الشرفة بين تشارلز وديانا

أنجب الزوجان طفلين، هما الأمير ويليام والأمير هاري، إلا أن قصة الحب الملكية التي شغلت وسائل الإعلام انهارت عام 1994 عندما اعترف الأمير في مقابلة تلفزيونية بخيانته لزوجته مع كاميلا باركر بولز التي كان على علاقة معها حتى قبل معرفته لديانا.

في عام 1995 تطلق الزوجان، وقد لمحت الأميرة ديانا إلى الحادثة في إحدى المقابلات عندما قالت: "كان هنالك ثلاثة أشخاص في هذا الزواج... كان المكان مزدحما." وبعدها بعامين، توفيت ديانا في حادث سيارة مرعب أثناء تواجدها في العاصمة الفرنسية باريس. 

بعد عشر سنوات من طلاقه، تزوج الأمير تشارلز بكاميلا في حفل خاص لتمنح بعد ذلك بسنوات لقب عقيلة الملك.

تدخل مباشر في السياسة وفضائح بالجملة

في عام 2010 بدأت صحيفة الغارديان معركة قضائية للحصول على رسائل ووثائق أرسلت من الأمير تشارلز إلى وزراء وسياسيين في عامي 2004 و 2005، لتسمح المحكمة العليا بعد ذلك بخمس سنوات بنشر الوثائق.

الوثائق التي أطلق عليها اسم "مذكرات العنكبوت الأسود" إشارة إلى خط الكتابة المميز الذي كان يستخدمه ولي العهد آنذاك، احتوت على رسائل أرسلها إلى وزراء وسياسيين احتوت على تدخلات مباشرة في السياسة في سياقات حساسة كان من أبرزها غزو العراق، إذ أمر في إحدى رسائله بإرسال تعزيزات من معدات عسكرية إلى القوات البريطانية التي كانت مشاركة في غزو العراق آنذاك، كما احتوت الرسائل على تدخلات في مجالات تتعلق بالزراعة وتعديل الجينات والتغير المناخي والتخطيط الحضري وفن العمارة في بلاده.

chareles

وفي عام 2014 أشعل الأمير تشارلز أزمة دبلوماسية مع روسيا عندما وصف الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بأنه مثل الديكتاتور النازي أدولف هيتلر، إذ قال لامرأة يهودية أثناء زيارة له إلى كندا بأن "بوتين يفعل بالضبط ما كان يفعله هتلر."

بعد ذلك بثلاثة أعوام وجد الأمير نفسه في فضيحة تسريبات جديدة، وهي تسريبات أوراق بارادايس، التي احتوت على أسماء لشخصيات بارزة ومشهورة امتلكت أرصدة بنكية في ملاذات ضريبية، إلا أن الأمير نفى علاقته بتلك الحسابات.

وفي عام 2021 اتهم أحد مساعدي الأمير باستغلال نفوذه لتأمين وسام شرف لرجل الأعمال السعودي، محفوظ مرعي مبارك بن محفوظ، مقابل مبلغ كبير تبرع به لصالح مشاريع تخص الأمير تشارلز. المتحدث باسم المقر الرسمي للأمير تشارلز، كلارنس هاوس، نفى علم الأمير بأي من ذلك، إلا أن الفضيحة أسفرت عن استقالة ثلاثة موظفين رئيسيين في مؤسسة الأمير تشارلز الخيرية، من بينهم المدير التنفيذي للمؤسسة والمساعد المقرب للأمير، مايكل فوسيت. 

وفي تموز/يوليو الماضي، كشفت صحيفة "ذا تايمز" البريطانية أن تشارلز تلقى مبلغ مليون جنيه إسترليني من عائلة بن لادن، وذلك لصالح جمعيته الخيرية نفسها، وهو ما أثار الكثير من الجدل في بريطانيا، على الرغم من عدم وجود أي مخالفة قانونية في العملية، نظرًا إلى مصدر التبرعات، والتي أتت من طرف بكر بن لادن, رئيس مجلس إدارة مجموعة بن لادن السعودية، وشقيقه شفيق، وهما أخوان غير شقيقين لأسامة بن لادن، مؤسس تنظيم القاعدة وزعيمه السابق. 

ناشط بيئي يتحدث مع النباتات

في عام 1986 أثار الأمير تشارلز موجة من السخرية عندما قال أنه يتحدث مع النباتات والأشجار، فقال: "أنا آتي فقط وأتحدث مع النباتات، حقا إنه من الهام جدا أن نتحدث معها. وهي ترد". رغم موجة السخرية تلك، لم يغير الأمير أقواله، بل قال في عام 2013 أنه يفضل "توجيهها".

الفترة الطويلة لولاية تشارلز للعهد تحت ظلّ الملكة، شابتها العديد من الأحداث الصادمة والفضائح والتجاوزات التي شغلت الإعلام البريطاني والعالمي على حد سواء

 

تشارلز وسيارته

يعتبر الملك تشارلز مناصرا متحمسًا للبيئة، إذ بدأ يبدي قلقه من التلوث البيئي عام 1970، كما أنه قبيل قمة المناخ في غلاسكو عام 2021 كشف أن سيارته من نوع آستون مارتن تعمل على وقود مصنّع من "الفائض من النبيذ الإنجليزي الأبيض ومصل اللبن المستخرج من صناعة الجبن" على حد ادعائه حينها، والذي أثار سخرية واسعة في وسائل التواصل الاجتماعي في بريطانيا وغيرها.