05-يناير-2024
gettyimages

جيش الاحتلال انتقل للمرحلة الثالثة بدون أي إعلان علني عن ذلك (Getty)

تشكك تحليلات إسرائيلية في نجاعة مقترح وزير الأمن الإسرائيلي، لليوم التالي في غزة، والذي يدور حول حكم مدني من قبل العشائر والعائلات، في استعادة لتجربة فاشلة، عرفت باسم روابط القرى، مع إشارة تحليلات أخرى إلى أن جيش الاحتلال ينتقل للمرحلة الثالثة من العدوان على غزة، دون تحقيق نجاحات واضحة، بينما يسعى نتنياهو إلى إطالة أمد الحرب، للحفاظ على وجوده في السلطة.

وعن المرحلة الثالثة من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، قال المعلق العسكري لصحيفة "هآرتس" عاموس هارئيل: "بدأ الجيش الإسرائيلي، دون التصريح بذلك علنًا، فعليًا الانتقال إلى المرحلة الثالثة من العملية، والتي تتضمن تخفيضًا تدريجيًا وإن كان كبيرًا للقوات والتركيز على ساحات العمليات".

قال هارئيل: "النقاش الطويل في إسرائيل حول الانتقال إلى المرحلة الثالثة من الحرب في قطاع غزة خلق صعوبات لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو"

وخصص هارئيل مساحة واسعة من مقاله، للجبهة في جنوب لبنان، قائلًا: "وبغض النظر عن اغتيال القيادي في حماس صالح العاروري في بيروت، فإن الوضع الاستراتيجي على الحدود اللبنانية يحتل تدريجيًا مكانة متقدمة في اعتبارات الحكومة والمؤسسة الأمنية. إسرائيل تجد نفسها في وضع معقد، مما قد يدفعها إلى تحرك عسكري أوسع إذا لم تؤت الجهود الدبلوماسية ثمارها"، وفق تعبيره.

وأشار إلى أن عمليات حزب الله، ساهمت في إخلاء 3.5 كم في المنطقة الحدودية، وأوقعت 15 قتيلًا إسرائيليًا ودمارًا واسع النطاق. وأضاف، أن المستوطنين يطالبون بإبعاد حزب الله عن الحدود من أجل العودة للمستوطنات الشمالية، وقال هارئيل: "وعدت الحكومة والجيش باتخاذ إجراءات لتغيير الوضع، ومن خلال القيام بذلك، ربما يكونان قد ألزما نفسيهما، طوعًا أو كرهًا، بمسار العمل العسكري"، مشيرًا إلى أن احتمالات التسوية الدبلوماسية ليست عالية، مما يعني إمكانية التوجه نحو الخيارات العسكرية.

المرحلة الثالثة.. انسحاب زاحف

وبالعودة إلى المرحلة الثالثة من العدوان على القطاع، قال هارئيل: "النقاش الطويل في إسرائيل حول الانتقال إلى المرحلة الثالثة من الحرب في قطاع غزة خلق صعوبات لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. وكانت إدارة بايدن تتوقع انخفاضًا في حجم الهجوم الإسرائيلي، وبشكل خاص تقليل الضرر الذي لحق بالسكان المدنيين في غزة، لكن نتنياهو كان لديه قيود أخرى".

وأوضح: "من ناحية، كان متخوفًا [أي نتنياهو] من حدوث صدع مع الجناح اليميني المتطرف في حكومته؛ ومن ناحية أخرى، فإن خفض مستوى القتال في غزة يمكن أن يشير إلى حماس بأن الضغط العسكري على قيادة المنظمة سوف يضعف، لذا فإن كل ما يتعين عليها فعله هو الصمود لفترة أطول قليلًا". مضيفًا: "كما دعت هيئة الأركان العامة إلى الانتقال إلى المرحلة التالية لأسباب لا علاقة لها بالولايات المتحدة. يحتاج الجيش إلى تسريح قوات الاحتياط لتجنب إنهاكها، وكذلك لتقليل الأضرار التي تلحق بالاقتصاد؛ وهي تريد تجهيز وحداتها لاحتمال حدوث تصعيد خطير في لبنان في المستقبل".

وكان الحل الذي تم التوصل إليه هو الانسحاب التدريجي: يتحدث الفلسطينيون عن أعداد متزايدة من الأماكن في شمال قطاع غزة دون وجود إسرائيلي دائم، وبدأ بعض السكان بالعودة إلى الأحياء المدمرة.

وأشار إلى أن الجيش ينشط حاليًا في منطقة درج والتفاح في مدينة غزة وفي مخيمات اللاجئين في وسط القطاع، بالإضافة إلى العدوان الواسع في خان يونس.

وأضاف: "لكن رفح لا تزال قضية دون حل. ورغم أنه أصبح من الواضح الآن أن كل الأسلحة والإسمنت التي تحتاجها حماس مرت عبر أنفاق رفح بينما غضت مصر الطرف، فإن إسرائيل، الراغبة في تجنب المواجهة مع القاهرة، لم تتخذ بعد أي إجراء بشأن محور فيلادلفيا".

أمّا عن صفقة تبادل الأسرى، فقد أوضح هارئيل أنها عالقة حاليًا.

واستمر هارئيل بالقول: "يظل الهدف الاستراتيجي لنتنياهو هو بقائه الشخصي، والوسيلة المعقولة لضمان ذلك هي استمرار الحرب بمستويات متفاوتة من الشدة. ولتحقيق هذه الغاية، فهو ينخرط في العديد من أساليب المماطلة والتلاعب على مجموعة من الجبهات في الداخل والخارج".

getty

اليوم التالي.. إعادة إنتاج التاريخ

وفي السياق نفسه، كشف وزير الأمن الإسرائيلي، خطته لليوم التالي في غزة، وهي تدور حول "حصول إسرائيل على حرية العمل في غزة"، موضحًا: "في اليوم التالي لن تسيطر حماس على قطاع غزة ولن يكون لإسرائيل سيطرة مدنية على القطاع. يعيش الفلسطينيون هناك، لذا فإن المسؤولين هم العناصر الفلسطينية، وبشرط ألا يكونوا معاديين لإسرائيل ولا يمكنهم العمل ضدها".

ورد عضو كبير في الحكومة الإسرائيلية، قائلًا: "إن العرض الذي قدمه وزير الأمن لوسائل الإعلام في اليوم التالي ليس سوى اقتراح آخر. وسيتم اتخاذ القرارات في مجلس الوزراء السياسي الأمني، وليس في وسائل الإعلام".

وقال وزير المالية وعضو الحكومة السياسية والأمنية المتطرف بتسلئيل سموتريتش إن خطة جالانت هي "إعادة لما حدث قبل 7 أكتوبر"، وأكد مجددًا رغبته في تشجيع "الهجرة الطوعية" [التهجير] لسكان غزة. وقال سموتريش إن "الحل في غزة يتطلب التفكير خارج الصندوق وتغيير المفهوم من خلال تشجيع الهجرة الطوعية والسيطرة الأمنية الكاملة، بما في ذلك تجديد الاستيطان". 

وأشار غالانت، إلى أن العشائر والعائلات، هي من سيتولى السيطرة على قطاع غزة، بشرط فحص ارتباطهم في حماس. مع رقابة إسرائيلية على كل ما يدخل إلى القطاع المحاصر.

أمّا عن التعليم، فإن إسرائيل ستبحث عن "بديل واقعي يعمل معها، بدلًا من الأونروا"، مع الإشارة إلى أن مصر ستكون لاعبًا مركزيًا في أي حل، ويشمل ذلك عزل الحدود بشكلٍ كبير. فيما ستحصل إعادة الإعمار، من خلال فريق، تشارك فيه السعودية والإمارات.

من جانبه، قال المحلل ناحوم برنيع، إن مدة الحرب الحالية على غزة ليست مألوفة. مضيفًا: "الجيش يأمل بواقع في غزة يسمح بقواعد لعبة شبيهة لشمال الضفة: أن يدخل الجيش الإسرائيلي إلى المدن والقرة. يدير الفلسطينيون الناحية المدنية بتعاون جزئي مع إسرائيل. لكن غزة ليست جنين. وانهيار نظام حماس المدني سيحولها إلى ثقب أسود، تمامًا مثلما تظهر غزة وأخواتها في الصور الجوية".

قال المحلل ناحوم برنيع، إن مدة الحرب الحالية على غزة ليست مألوفة. مضيفًا: "الجيش يأمل بواقع في غزة يسمح بقواعد لعبة شبيهة لشمال الضفة"

وتابع برنيع: "من سيدير غزة من أجلنا؟ الحمائل، وفقًا لاقتراح مسؤولين في جهاز الأمن. سيدير القطاع من أجلنا مخاتير وزعماء حمائل. وتعهد نتنياهو بألا يكون القطاع حماستان ولا فتحستان. سيكون حمائلستنان إذًا. يذكر المسنون بيننا أنه تمت تجربة هذا الاختراع مرة، في العام 1977، وانتهى بفشل مدوٍ. وأطلقوا عليه في حينه تسمية روابط القرى. ومثلما كان إبان الانتداب البريطاني، المخاتير يديرون حياة السكان تحت سلطة الحاكم العسكري. هذا لم ينجح حينها ولن ينجح الآن".

وأشار برنيع إلى أن إمدادات الأسلحة الأميركية الهائلة لإسرائيل "مفرحة ومقلقة. مفرحة، لأنه في بداية هذه الحرب، ظهر الحليف القوي الذي بالإمكان الاعتماد عليه؛ مقلقة، لأنه اتضح أن إسرائيل ليست قادرة على التغلب وحدها حتى على أصغر عدو لها".