28-أبريل-2019

بيترو بيروجينو/ إيطاليا

تحلّ علينا هذه الأيام ذكرى صلب السيد المسيح، موته ثم قيامته الأبدية لتخليص البشرية، وفقًا للمعتقدات المسيحية.

ذابت حياة المسيح في رسالته ذوبان اللبن في الماء حتى لا تستطيع الفصل بينهما!

قصة طويلة مؤلمة وملهمة في آن، اتفقت أم لم تتفق مع بعض تفاصيلها وفقًا لديانتك ومعتقداتك، لكنها حتمًا ستترك فيك ما لن يقدر الزمان على محوه، وكيف السبيل إلى النسيان، وجميعنا ننتظر الخلاص؟!

اقرأ/ي أيضًا: المسيح يُصلب من جديد

ولد السيد المسيح في بيت لحم جنوب القدس، في ليلة ليس كمثلها شيء، ربما تهللت أشجار الزيتون فرحًا فأضاء ما بها من زيت، ومن وراءها الورود تنشر شذاها صاعدًا إلى السماء التي كانت شاهدة وشهيدة على السيدة مريم العذراء تضع مولودها، معجزة تنال نصيبًا من الأذى لحملها المجهول لقومها، لم تعلم يومًا أن أذاها الأكبر سيكون شهودها لعذاب السيد المسيح، على أيدي من جاء لخلاصهم.

هؤلاء الذين أبكوا أشجار الزيتون من خلفهم، ليكتبوا فصلًا ملحميًا من فصول الرواية، رواية من تحدث ولا يزال في المهد صبيًا، من داوى المرضى وأحيا الموتى ونشر المحبة، من أحب أعداءه وبارك لاعنيه حتى وإن اغتالوه، رحل بجسده تاركًا البشرية في حيرة لا تنتهي، لتروي قصته الأديان وتقوم باسمه الحروب. يؤكل على مذبحه الخبز والخمر؟ يؤمن به من آمن ويكفر من كفر؟ لاهوت أم ناسوت؟ إله أم رسول؟ تلك أسئلة ليست من الأهمية بمكان.

نعم، ليست مهمة إطلاقًا فكلٌّ يجيبها حسب معتقداته، ما يجب التساؤل عنه هو رسالة السيد المسيح. ذابت حياة المسيح في رسالته ذوبان اللبن في الماء حتى لا تستطيع الفصل بينهما! لا بد أنه وفي لحظة ما أحس بدنو الأجل، ومع ذلك وكعادة الأنبياء والعظماء استمر في إيقاد شعلة المحبة حتى الرمق الأخير، أو العشاء الأخير.

يقال إن سيمفونية قدّاس الموت قتلت موزارت ومع ذلك استمر في كتابتها حتى آخر أنفاسه، فقد طلبها منه ساليري موسيقار البلاط الملكي الذي كان يكره موزارت كرهًا جمًا بعد ما سرق منه أضواء فيينا، فقرر أن يقتل موزارت وقبل ذلك يذهب إليه متخفيًا ليطلب منه كتابة سيمفونية قداس الموت، ليعزفها ساليري في قدّاس موت موزارت وكأنه من كتبها، فيسحب بساط الشهرة والمجد ويغرد منفردًا لسحر وجمال فيينا، لكن القدر كان أسرع منه، فقد توفي موزارت بمرض غريب قبل أن يقتله أحد، خانه المرض ولم تخنه موسيقاه الأشهر.

يقال إن سيمفونية قداس الموت قتلت موزارت ومع ذلك استمر في كتابتها حتى آخر أنفاسه

كذلك السيد المسيح خانه يهوذا، ولم تخنه رسالته التي بقيت خالده تحكي كل يوم بطريقة ما في مكان ما، ربما في بيت ريفي جنوب لندن أو على جبال بيروت، في شوارع القدس وبين جنبات طنجة، هنا وهناك، الكل يذكر أن المحبة أقوى من الموت.

اقرأ/ي أيضًا: هل كان المسلمون قديمًا يحتفلون بميلاد المسيح؟

ربما يأتينا الخلاص بعد ما أرهقنا اليأس، ربما تكون تلك الفتاة الجميلة التي صادفتها بعد سفر طويل هي وجهتك الأخيرة، ربما ستصبح ناجحًا في عملك كما تمنيت. فتشنا كثيرًا عن الأمل فوجدنا مزيجًا من سراب ونور، علنا نمسك بذلك النور ويتركتنا السراب ويمضي.

 

اقرأ/ي أيضًا:

لطميات على جثة المسيح

هل يمنع "الأزهر" ظهور المسيح في القاهرة؟