27-فبراير-2017

فرارٌ جماعي لأسر مسيحية من العريش (فيسبوك)

لماذا لا يصنع أقباط مصر جماعات ضغط تواجه عقارب داعش بضغطها على السلطة المستبدة غير القادرة -على ما يبدو- على حمايتهم من حرب الشوارع في سيناء التي وصلت لرقابهم؟

التهديد واضح وفاجر في آخر بيانات التنظيم، فالمسيحيون (الصليبيون في مصر كما أسماهم) هم الهدف الأول والوحيد الآن، لا شريك لهم، والبداية كانت من تفجير البطرسية بينما النهاية في علم الغيب، ولا حلّ إلّا الحرب.

ذبح سعد حنّا وحرق مدحت بالعريش، والتهجير من بابه، حلقة في مسلسل الحرب على المسيحيين. الترانيم والصلوات والدعوات تؤكد أنهم ينتظرون ردّ حقوقهم في الملكوت، تقول إنهم أهل تسامح يباركون لاعنيهم، ويصلون لقاتليهم.

المسيح فدى العالم لأنها كانت رسالته ودوره الذي تجسد على الأرض ليؤديه ولأنه المسيح، لكن الآن لا بد أن يذبح كل واحد مسيحه حتى ينجو

داعش يعرف أن المسيحيين يريدون لقاء المسيح فيرسلهم له بالموت السريع. يرحمهم من دنيا ظالمة ويعجّل باللقاء. يكره الأقباط رائحة الموت وآلام الضحايا، لكن استسلامهم هكذا يضاعف ضحاياهم، ويزيد مخزون القهر، ويعدم فرصهم في النجاة، فلا أحد سيخرج سالمًا.

منطق القوة يحكم، فماذا ينتظر الأقباط؟ من دفعهم إلى دائرة الحرب كان يعرف أنه يضعهم أمام اختيارين: أن يستعدوا لاستقبال طعنة جديدة تنفيذًا لأمر المسيح: "إذا ضربك أحدهم على خدك الأيمن، أدر له خدك الأيسر"، أو يخالفوا الإذعان لسلطة لا تستطيع حمايتهم.

مخالفة الدين أكثر أمانًا من جحيم الخد الأيسر، الذي تحول إلى حفل لطميات على شرف المسيح.. تنفيذًا لآياته، وفداءه، فالمسيح فدى العالم بروحه ودمه لأنها كانت رسالته ودوره الذي تجسّد على الأرض ليؤديه ولأنه المسيح، لكن الآن لا بد أن يذبح كل واحد مسيحه حتى ينجو.

اقرأ/ي أيضًا: هل المسيحي كافر؟

منطق الحسين، عليه السلام، في الحياة والموت واقعي، ومناسب لـ2017، فحفيد الرسول اختار إما أن يعيش ملكًا، وأميرًا للمؤمنين، وهو حقه، أو يموت هو ومن معه، فالموت أهون من أن تعيش في انتظاره، وكل مسيحي في مصر "رِجل هنا ورِجل هناك".

معركة الأقباط الآن اختيار، أن تعيش أو تموت، أو كما تصورها الكنيسة المصرية: أن تعيش البلاء إلى آخره أو تصافح وجه المسيح في السماء

وهناك تعني في الملكوت، الذي أعدّ له جزاء موته على يد جماعة لا تؤمن أن الحياة تتسع للجميع. القوي يأكل الضعيف، ومن يحمل السلاح يلغي من يعمل بكتاب الله، فـ"لولا دفع الناس بعضهم ببعض ما استوت الأرض".

هذه سُنَّة الكون منذ أول اختبار لشر البشر، فرضها قابيل حين قتل شقيقه في منافسة على إرضاء الله، ودُفِنَ هابيل على يد غراب، بينما أكمل القاتل مسيرة الحياة، راضيًا مطمئنًا، تزوّج وأنجب وعمّرت ذريته الأرض، لكن الأقباط لا يرون الحقيقة.

معركة الأقباط الآن اختيار، أن تعيش أو تموت، أو كما تصورها الكنيسة المصرية: أن تعيش البلاء إلى آخره أو تصافح وجه المسيح في السماء، فلا تحزنوا ولا تخافوا إذا حرقوكم وذبحوكم وقطّعوا أيديكم وأرجلكم وشووكم على نار انتظار النهاية، الله سيأخد ثأركم!

اقرأ/ي أيضًا:
عندما سحق مُخلص المسيحية خلافة المسلمين
الدولة التي قطعت رأسها