08-فبراير-2024
نازحون في أحد المخيمات المؤقتة

(Getty) وضع شح المياه نساء غزة أمام واقع مؤلم

إلى جانب انعدام الخصوصية وندرة المستلزمات الصحية، تواجه نساء قطاع غزة تحديات أخرى متزايدة تتعلق بالنظافة مع استمرار الحرب المتواصلة على القطاع منذ 125 يومًا، ما دفع بهن للجوء إلى خيارات مؤلمة لتفادي تفاقم بعضها.

إحدى هذه الخيارات حلق الرأس الذي لجأت إليه نسرين، البالغة من العمر 49 عامًا، بسبب عدم قدرتها كغيرها من الغزيّات، وجميع سكان غزة، على توفير مياه نظيفة في ظل الحصار المطبق الذي فرضه الاحتلال على القطاع مع بداية عدوانه عليه.

تعيش نسرين، وهي أم لستة أطفال، بخيمة في منطقة المواصي، جنوب شرق وادي غزة، وصلت إليها من خانيونس بعد رحلة نزوح طويلة. ومن داخل خيمتها، قالت لموقع "ميدل إيست آي": "اضطررت إلى حلق رأسي، لأنه ليس لدي ماء لغسل شعري".

تعكس معاناة نسرين المأساة التي تعيشها النساء وعموم أهالي قطاع غزة بسبب شح المياه التي قام الاحتلال بقطعها عن غزة

وأضافت أنها اضطرت إلى فعل ذلك مع أبنائها أيضًا، إذ قالت: "لقد فعلت الشيء نفسه أيضًا مع ابنتي البالغة من العمر 16 عامًا، وابني البالغ من العمر 12 عامًا، لحمايتهما من أمراض فروة الرأس، حيث أُصيب أصدقاؤهما بسعفة فروة الرأس".

وأكملت نسرين قائلةً: "حلق الرأس قرار مؤلم لأي امرأة، ولكننا مجبرات على القيام به"، مؤكدةً أنه: "ليس لدينا مياه جارية ضرورية للتنظيف والاستحمام وغسل الملابس".

ولفتت في سياق حديثها إلى موقع "ميدل إيست آي" إلى أنها كانت، قبل الحرب، تقضي: "ثلاث أو أربع ساعات في الطابور، في انتظار ملء جالون من الماء من بئر في منزل جيراننا لاستخدامه في التنظيف".

وتضاعفت المأساة بعد الحرب، سيما بمراكز الإيواء ومعظمها مدارس تابعة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" لجأت نسرين إلى إحداها قبل نزوحها إلى المواصي. وهناك، قالت إنهم كانوا يصطفون لساعات لاستخدام المراحيض: "لكن لم يكن لدينا ما يكفي من الماء للاستحمام ولا الشامبو".

وأوضحت أنها حين تحصل على بعض الماء، فإنها تستخدمه للطهي أو الشرب: "الشرب والبقاء على قيد الحياة هو بالطبع أولوية أعلى من غسل الشعر"، لافتةً إلى أن: "الماء الوحيد المتاح للغسيل والاستحمام هو مياه البحر".

تعكس معاناة نسرين المأساة التي تعيشها النساء وعموم أهالي قطاع غزة بسبب شح المياه النظيفة، التي قام الاحتلال بقطعها عن غزة بأمر من وزير الطاقة الإسرائيلي آنذاك، يسرائيل كاتس، في التاسع من تشرين الأول/أكتوبر الفائت.

وفاقم قطع إمدادات، إضافةً إلى استيلاء قوات الاحتلال المتوغلة شمال وجنوب قطاع غزة على محطات التحلية في هاتين المنطقتين، من أزمة المياه التي كانت تواجهها غزة منذ ما قبل بداية الحرب، حيث كانت أكثر من 69% من إمدادات المياه تُعتبر غير صالحة للاستهلاك البشري.

ونقل موقع "ميدل إيست آي" عن طبيبة عامة بمدينة رفح قولها إنه لا توجد أدوية لعلاج القمل المنتشر بين الأطفال بسبب عدم الاستحمام نتيجة شح المياه، لافتةً إلى أن نقص الأدوية يزيد من تفاقم تداعيات انعدام النظافة الجسدية في ظل الظروف الصعبة التي يواجهها القطاع.

وسبق أن حذّرت منظمة الصحة العالمية من خطر انتشار الأمراض المعدية بغزة نتيجة استهلاك المياه الملوثة، واكتظاظ مراكز إيواء النازحين وانهيار النظام الصحي بشكل عام.

وقالت إن قطع "إسرائيل" لإمدادات الوقود عن غزة أدى إلى إغلاق محطات تحلية المياه وتعطيل عمليات جمع النفايات الصلبة، مما خلق بيئة خصبة للحشرات والقوارض التي يمكن أن تنقل الأمراض.

كما حذّرت جولييت توما، المتحدثة باسم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، من أن "إسرائيل" تستخدم المياه كسلاح في حربها على قطاع غزة.