05-ديسمبر-2023
بايدن وغزة وإسرائيل والسلطة الفلسطينية

يقود عملية التخطيط المسؤول الكبير في مجلس الأمن القومي بريت ماكغورك، الذي يُصف بـ"العقل الاستعماري". (Getty)

تعمل الإدارة الأمريكية على صياغة خطة "متعددة المراحل، لفترة ما بعد الحرب الإسرائيلية على غزة"، تدور حول سيطرة السلطة الفلسطينية، بعد تحديثها على القطاع، مع الإشارة المتكررة إلى أن هذه الخطة أولية وقابلة للتغير باستمرار، وفق ما نشره موقع "بوليتيكو".

وترى الإدارة الأمريكية أن هذه الخطة "حل غير مثالي، وأفضل الخيارات السيئة"، ومع ذلك يمكن أن تساهم في دخول الولايات المتحدة في "مسار تصادمي"، مع الحكومة الإسرائيلية. فيما تضغط على تل أبيب من أجل الحصول على تصور حول ما تسميه "اليوم التالي" في غزة.

وبدأ العمل على هذه الخطة منذ منتصف تشرين الأول/ أكتوبر، وشارك في وضعها وزارة الخارجية الأمريكية والبيت الأبيض.

الخطة تقوم على عودة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة، ولكنّ بعد إعادة "تجديدها"

ويقود عملية التخطيط المسؤول الكبير في مجلس الأمن القومي بريت ماكغورك، الذي يُصف بـ"العقل الاستعماري". ويساعده تيري وولف، وهو من قدامى العاملين في وزارتي الدفاع والخارجية ويعمل الآن في مجلس الأمن القومي.

وتشمل الشخصيات الرئيسية الأخرى المشاركة باربرا ليف، ودان شابيرو، وهادي عمرو، الذين يشغلون مناصب رئيسية في الشرق الأوسط في وزارة الخارجية. وتشارك وحدات وزارة الخارجية التي تتعامل مع الشرق الأوسط وتخطيط السياسات، وأجزاء أخرى من الحكومة الأمريكية حسب الحاجة.

وعلى مدار الأسابيع الماضية كررت الإدارة الأمريكية بكافة المستويات، نيتها إعادة السلطة الفلسطينية "المعاد تجديدها" للسيطرة على قطاع غزة، دون الكشف عن أي تفاصيل حول ذلك. خاصةً أن السلطة "تعاني من الفساد وعدم الكفاءة"، لكنّ "هذا هو الخيار الأكثر قابلية للتطبيق"، وفق تصور الإدارة الأمريكية.

وقال مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية: "نحن عالقون. هناك تفضيل سياسي قوي للسلطة الفلسطينية للعب دور حاكم في غزة، لكن لديها تحديات كبيرة في ما يتعلق بالشرعية والقدرات".

ماذا تحمل الخطة؟

التصور الأمريكي، الذي يصفها موقع "بوليتيكو" بـ"الرواية الواسعة التي انبثقت عن المحادثات الداخلية"، يبدأ في إعادة إعمار غزة على مراحل متعددة بمجرد انتهاء الحرب، إلى جانب ذلك "ستكون هناك حاجة إلى قوة دولية لتحقيق الاستقرار في المنطقة في أعقاب ذلك مباشرة، تليها سلطة فلسطينية متجددة تتولى السلطة على المدى الطويل".

ويضيف الموقع: "تشمل الأجزاء الرئيسية من الخطة زيادة المساعدات الأمنية للسلطة الفلسطينية والسماح بدور أكبر للمنسق الأمني ​​الأمريكي، الذي يتمتع بسجل حافل في تقديم المشورة لقوات الأمن الفلسطينية".

وقال مسؤول كبير في إدارة بايدن: "في النهاية، نريد أن يكون لدينا جسم أمني فلسطيني في غزة بعد الصراع".

getty

ووفق مصادر الموقع الأمريكي: "الأفكار المطروحة هي أفكار وليدة وتخضع للعديد من المتغيرات التي لا يمكن التنبؤ بها". أمّا العقوبات المتوقعة: فهي "الشكوك الإسرائيلية والإحباط العربي، على الرغم من الاتفاق على دور واشنطن الحاسم"، ويضيف: "لعل التحدي المباشر الأكثر صعوبة هو معرفة من الذي سيلعب دورًا في تحقيق الاستقرار في غزة في المرحلة الانتقالية التي تلي القتال".

وقال مسؤول أمريكي: إنه "بينما بدت الدول العربية مترددة أو غير راغبة تمامًا في إرسال قوات لغزة، بدا البعض في المحادثات الأخيرة أكثر انفتاحًا على الفكرة. واستبعدت إدارة بايدن إرسال قوات أمريكية. إحدى الأفكار التي تم تداولها هي مطالبة دولة الإمارات بالمساعدة في إعادة بناء المرافق الصحية أو تدريب موظفي الخدمة المدنية".

وأضاف المسؤول الأميركي: أن "الأمم المتحدة يمكن أن تلعب دورًا في غزة في مرحلة ما بعد الحرب، على الأقل على الجبهة الإنسانية. ومع ذلك، فإن الحكومة الإسرائيلية ليست من محبي الأمم المتحدة، وتعتبرها متحيزة ضد الإسرائيليين". ويشير الموقع: إلى أنه "من المرجح أن تلعب مصر دورًا رئيسيًا. فيما أثار اقتراح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بأن تكون الدولة الفلسطينية المستقبلية منزوعة السلاح مع وجود أمني دولي مؤقت، جولات في دوائر إدارة بايدن".

وقال مسؤول كبير في إدارة بايدن: "المجهول الكبير هو ما الذي سيبقى من حماس في غزة. وحتى لو كانت الأعداد المنخفضة، فإن حصولهم على الأسلحة يمكن أن يغير بشكل كبير حسابات الدول التي تفكر في إرسال قوات".

واستمر الموقع، بالقول: "يبدو أن المفتاح إلى إقناع العديد من الزعماء العرب بالتخطيط الجاد لمرحلة ما بعد الحرب هو أن إنشاء دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل هو الهدف النهائي". مضيفًا أن هذا الهدف السياسي لن يكن في المرحلة المقبلة مباشرةً: إذ أن "التخطيط في الوقت الحالي يركز على تحقيق الاستقرار في غزة. فيما أحد أسباب رفض جو بايدن ومساعديه الدعوة إلى وقف طويل الأمد لإطلاق النار هو أنهم يدعمون الهدف الإسرائيلي المتمثل في تدمير حماس، التي تعتبرها واشنطن عقبة رئيسية أمام حل الدولتين".

السلطة الفلسطينية.. أي دور؟

قال مسؤول إسرائيلي، طلب عدم الكشف عن هويته لمناقشة قضية لا تزال قيد المراجعة، إن "الفجوة بين الولايات المتحدة وإسرائيل أصغر بكثير مما تراه العين".

وأضاف: "نتفق على أن السلطة الفلسطينية بشكلها الحالي لا يمكنها أن تحكم غزة. قد يكون الشخص الذي تم تنشيطه وإصلاحه قادرًا على القيام بذلك. لكننا لم نجري بعد مناقشات حول الشكل الذي يجب أن يبدو عليه هذا الإصلاح بالضبط".

وقد دعا نتنياهو في بعض الأحيان إلى إنشاء بنية حكم فلسطينية جديدة في غزة، بينما اقترح أيضًا أن يكون لإسرائيل نوع من السيطرة الأمنية العامة.

getty

قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في محادثات مغلقة إنه لن تكون هناك سلطة فلسطينية في قطاع غزة بعد انتهاء الحرب.

وأضاف نتنياهو: "ليس فقط لن تكون هناك سلطة فلسطينية متجددة (أي بهيئة جديدة) في غزة بعد الحرب، بل أيضاً لن تكون سلطة فلسطينية في غزة بتاتًا".

وفي تصريحات علنية، تعهد نتنياهو "بعدم تكرار الأخطاء التي ارتكبت بموجب اتفاقيات أوسلو من خلال السماح للسلطة الفلسطينية بالعودة إلى غزة".

وقال نتنياهو: "شيء واحد مؤكد أنني لن أفعله. لست مستعدًا لخداع نفسي بالقول إن العمل المعيب الذي حدث بموجب أوسلو من خلال خطأ فادح يجب أن يتكرر الآن مرة أخرى مع عودة ’كيان معاد’ إلى غزة والضفة الغربية"، على حدِّ تعبيره.

getty

وأضاف: "لن أكرر هذا الخطأ وأعيد هذا الجسم إلى غزة، لأن نفس الشيء سيحدث". وأشار إلى أحداث عام 2007، بعدما تمكنت حماس من السيطرة على الحكم في غزة. مضيفًا: "القيادة الفلسطينية انقسمت إلى قسمين، لكن الأيديولوجية التي تنكر حق إسرائيل في الوجود مشتركة بين أولئك الذين يحكمون في الضفة الغربية وقطاع غزة"، وفق قوله.

واستمر بالقول: "علينا أن نبني شيئًا مختلفًا بمجرد انتهاء الحرب"، مشيرًا إلى أن "إسرائيل ستكون لديها سيطرة عامة على المنطقة، بما في ذلك الأمن، لكن الحكم الداخلي سيكون فلسطينيًا"، معتبرًا أن ذلك يتحقق من خلال جسم "فلسطيني حديث الإنشاء، وليس السلطة الفلسطينية".

أمّا الخلاف الأبرز بين واشنطن وتل أبيب، فهو نقاش "مستقبل غزة"، وقال مسؤول في الإدارة الأمريكية: "الإسرائيليون ليسوا في مزاج يسمح لهم بالحديث عن اليوم التالي. إنهم يركزون بشدة على اليوم، لذلك لم يكن هناك الكثير من الاهتمام هناك".

يقود عملية التخطيط المسؤول الكبير في مجلس الأمن القومي بريت ماكغورك، الذي يُصف بـ"العقل الاستعماري"

وقال مسؤول بوزارة الخارجية إنه على الرغم من ذلك، لا يوجد أي حديث داخلي في إدارة بايدن عن تكييف المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل كوسيلة للضغط على البلاد للموافقة على بعض الأفكار قيد المناقشة في واشنطن.

وفي مقابلة تم بثها نهاية هذا الأسبوع على قناة "ABC News"، قلل رون ديرمر، أحد كبار مساعدي نتنياهو، ووزير الشؤون الاستراتيجية، من أهمية فكرة الدولة الفلسطينية ، على الرغم من أنه قال إنه يمكن التوصل إلى تسوية سياسية نهائية مع الفلسطينيين.

ويختم الموقع الأمريكي، بالقول: "يواجه المسؤولون الأميركيون الذين يرسمون السيناريوهات المختلفة صعوبات بسبب المتغيرات العديدة المتضمنة. وعلى عكس الغزو الروسي واسع النطاق لأوكرانيا، والذي توقعته إدارة بايدن قبل أشهر من حدوثه، كان هجوم حماس بمثابة مفاجأة للمؤسسة الأمريكية".