04-أكتوبر-2023
Jamie Dimon says that AI will shorten the workweek

جيمي ديمون، الرئيس التنفيذي لبنك جي بي مورغان

لا تكاد تخلو مقابلة أو حديث صحفي لأحد المسؤولين التنفيذيين في الشركات العالمية الكبرى من سيرة الذكاء الاصطناعي، فهذه التكنولوجيا المتطورة حازت ولا ريب عناية كبيرة في مجال التكنولوجيا والأعمال، لا سيما أنّ الشركات ما برحت تدرس التأثيرات المترتبة على دمجها في سوق العمل على المدى القريب والبعيد.

وفي هذا الشأن خرج جيمي ديمون، الرئيس التنفيذي لبنك جي بي مورغان (JPMorgan)، بتصريح لافت للاهتمام، إذ قال إنّ استخدام الذكاء الاصطناعي سيقلل عدد أيام الدوام للجيل القادم من الموظفين، على أن تقتصر على ثلاثة أيام ونصف يومٍ في الأسبوع الواحد.

وأتى كلام ديمون في سياق مقابلته مع وكالة بلومبرج، وهو إلى ذلك أشاد بقدرة الذكاء الاصطناعي على إتمام بعض المهام المملة والرتيبة في العمل، ولم يحجم إطلاقًا عن الإشارة إلى احتمال زوال بعض الوظائف كليًا، والاستعاضة عنها بأدوات الذكاء الاصطناعي لتنفيذ الأعمال. وأردف ديمون قائلًا: "ربما يعيش أطفالنا لمائة عام أو أكثر في المستقبل دون أن يصيبهم السرطان بفضل تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، ويحتمل كذلك أن تقتصر أيام العمل لديهم على ثلاثة أيام ونصف يومٍ في الأسبوع الواحد!".

قال جيمي ديمون إنّ استخدام الذكاء الاصطناعي سيقلل عدد أيام الدوام للجيل القادم من الموظفين، على أن تقتصر على ثلاثة أيام ونصف يومٍ في الأسبوع الواحد

ويقرّ ديمون في المقابلة بأنّ الزمن تعدّى بعض الوظائف الحالية في سوق العمل، لكنه يرى كذلك أنّ دمج الذكاء الاصطناعي يفضي مستقبلًا إلى تحسين معيشة الجيل القادم من العاملين؛ فتقليص أيام العمل يمنحهم وقتَ راحة أطولَ من السابق، ويؤثر كذلك على قطاع الخدمات المالية، وهذا بدوره يمسّ جوانب العمل كافة، على حد قوله.

ويقول ديمون: "يسعنا تطبيق الذكاء الاصطناعي في كل العمليات مثل التحوط والتداول والأبحاث والتطبيقات وقواعد البيانات. فلا عجب أنّ تراه في دور المساعد الذكي تارةً، وبديلًا عن الموظف البشري تارةً أخرى". ولم يغفل ديمون عن التنويه في هذا المقام إلى قرار البنك بإسناد وظيفة جديدة لأي موظف يخسر عمله القديم لصالح الذكاء الاصطناعي.

ولا غرو أنّ ديمون ليس الشخص الأول الذي يأتي بهذه التوقعات، إذ سبقه مجموعة من الباحثين الاقتصاديين ممن قالوا إنّ ظهور روبوت تشات جي بي تي (ChatGPT) يمهد السبيل أمام تحويل أيام الدوام الأسبوعية من خمسة إلى أربعة فقط. فهذا الروبوت، وغيره من الأدوات المشابهة، قادرة على مساعدة الموظفين في مهام تدوين التقييمات والبيانات، وإرسال رسائل البريد الإلكتروني وغيرها من الوظائف التي قد تهدر وقتهم.

وفي الواقع عكفت بعض الشركات على تطبيق فكرة أيام الدوام الأربعة، وكانت النتائج مبشرة بالخير، إذ سُعِدَ العاملون كثيرًا بهذه التجربة، وتحسنت إنتاجيتهم، وقلّت لديهم مستويات الضغوط والإرهاق، بل إنّ تلك الشركات حققت زيادة في دخلها لتحسن كفاءة العاملين لديها. ومن هذا المنطلق لاقت فكرة الدوام الأقصر ترحيبًا واسعًا من السياسيين والاقتصاديين والعمال والأفراد المعنيين بالصحة النفسية. 

وتبدو فكرة الدوام الأقصر واعدة ومرغوبة في الوقت الراهن، لكن تتعالى بعض الأصوات من أوساط الموظفين ممن يستشعرون خطرًا حقيقًا بزوال وظائفهم بسبب الذكاء الاصطناعي، وهو ما ظهر جليًا في إضراب نقابة الكتّاب الأمريكية الذي عطّل قطاع السينما في أمريكا. 

وفي هذا الشأن تتوقع مؤسسة جولدمان ساكس (Goldman Sachs) أن يؤثر استخدام الذكاء الاصطناعي على 300 مليون وظيفة إدارية بدوام كامل ضمن مجالات متنوعة أبرزها: التكنولوجيا والتمويل والقانون. ولا يقضي هذا الأمر أن تزول تلك الوظائف كليًا، وإنما ستتغير طريقة إنجازها تغيرًا جذريًا.

ومن المتوقع كذلك أن يستحدث الذكاء الاصطناعي وظائف جديدة في الشركات والمؤسسات؛ فبنك جي بي مورغان أعلن عن 3،600 وظيفة جديدة في وقت سابق من العام الحالي.

والجدير ذكره أنّ ديمون يُشرف حاليًا على تطوير أداة مشابهة لروبوت تشات جي بي تي، على أن تُخصص لمساعدة المستثمرين.