12-أكتوبر-2019

الإيرانيات على مدرجات كرة القدم لأول مرة منذ 40 عامًا (أ.ف.ب)

الترا صوت – فريق التحرير

سمحت السلطات الإيرانية، لأول مرة منذ 40 عامًا، بدخول النساء الإيرانيات إلى مدرجات ملاعب كرة القدم بشكل رسمي، راضخةً لضغوط الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، الذي كان قد أمهل الاتحاد الإيراني حتى الشهر الجاري، للسماح للنساء بدخول ملاعب كرة القدم بحرية، حتى لا يواجه المنتخب الإيراني خطر الإبعاد من المنافسات الدولية.

لأول مرة منذ 40 عامًا، سمحت السلطات الإيرانية بدخول النساء الإيرانيات لمدرجات ملاعب كرة القدم بشكل رسمي

لأول مرة.. الإيرانيات يشجعن منتخب بلادهم من المدرجات

وشهد أستاد آزادي في العاصمة الإيرانية طهران، وهو أكبر ملعب في البلاد بسعة 100 ألف متفرج؛ دخول ما لا يقل عن أربعة آلاف و600 امرأة إيرانية، لحضور المباراة التي جمعت المنتخب الإيراني مع نظيره الكمبودي، يوم الخميس الماضي، ضمن منافسات المرحلة الثانية من التصفيات الآسيوية المؤهلة لنهائيات بطولة كأس العالم التي تستضيفها العاصمة القطرية الدوحة في 2022، والتي انتهت بفوز الإيرانيين بـ14 هدف مقابل لا شيء.

اقرأ/ي أيضًا: "أعطونا الحرية".. صوت الإيرانيّات المبحوح في ضجيج كأس العالم

ووافقت السلطات الإيرانية على السماح للنساء بالدخول إلى ملاعب كرة القدم بعد الضغوط التي مورست عليها من قبل الفيفا، في الوقت الذي كان القانون الإيراني يحصر دخول الملاعب فقط على النساء الأجنبيات. 

والشهر الماضي، هدد رئيس الفيفا، جياني أنفانتينو، الاتحاد الإيراني من حرمانه المشاركة في نهائيات كأس العالم القادمة، في حال استمرت السلطات الإيرانية من حرمان النساء الدخول للملاعب.

وقال أنفانتينو في بيان صحفي عقب نهاية المباراة، إنه لم يعد ممكنًا "التراجع عن هذه الخطوة بعد تمكن المشجعات الإيرانيات من الدخول لملاعب كرة القدم"، مضيفًا: "لقد كانت هذه خطوة إيجابية. كان ينتظرها الفيفا، وخاصة الفتيات والنساء الإيرانيات، بكل قلق وترقب. رؤية الشغف والسعادة والحماس الذي أظهرنه كان ملحوظًا ويشجعنا أكثر على مواصلة الطريق الذي بدأناه".

وكانت السلطات الإيرانية قد حاولت في النسخة الأخيرة من نهائيات كأس العالم التي استضافتها روسيا العام الماضي، منع الرجال والنساء من الدخول إلى استاد آزادي لمشاهدة بث مباشر عبر شاشة عملاقة لمباراة منتخب بلادهم مع نظيره الإسباني، بعد أن حاصرت المشجعين الذين رفضوا العودة إلى منازلهم، قبل أن تسمح لهم في النهاية بالدخول لحضور المباراة. فيما أشارت تقارير حينها إلى أن الرئيس الإيراني حسن روحاني هو الذي أمر بفتح أبواب الملعب أمام الجماهير الإيرانية.

الفتاة الزرقاء.. "اسمك حي في قلوبنا"!

وأثارت الفتاة الإيرانية سحر خداياري (29 عامًا) جدلًا عالميًا، ما دفع بالمنظمات الدولية والحقوقية بتوجيه الانتقادات للسلطات الإيرانية الشهر الماضي، بعد إقدامها على حرق نفسها، ما أدى لتضرر جسدها بنسبة 90% بالحروق قبل أن تفارق الحياة، وذلك على خلفية توجيه أحد المحاكم في طهران اتهامات لها بـ"ارتكاب خطيئة علنية و"عدم ارتداء الحجاب"، قد تصل عقوبتها للحبس ستة أشهر، بعد إيقافها خلال محاولتها الدخول متنكرة بزي رجل، لحضور مباراة فريقها المفضل، نادي الاستقلال، في آذار/مارس الماضي.

وبحسب ما تداوله نشطاء على السوشيال ميديا، شهدت مباراة إيران وكمبوديا، محاولة الشرطة النسائية الإيرانية، اعتقال شابة كانت ترفع لافتة كتب عليها "الفتاة الزرقاء.. اسمك سيبقى حيٌ في قلوبنا". 

وأشارت الناشطة الإيرانية مسيح علي نجاد إلى أن مجموعة من الشرطة النسائية يرتدينّ لباسًا مدنيًا اعتقلن نساء أخريات كنّ يرفعنّ لافتات مماثلة.

وفي بيان لها الشهر الماضي، قالت منظمة العفو الدولية، إنه على الرغم من سماح السلطات الإيرانية لأعداد صغيرة من النساء بالدخول إلى ملاعب كرة القدم في عدد قليل من المناسبات، إلا أنها "لم تكن أكثر من مجرد أعمال دعائية، بدلًا من خطوات ذات مغزى لرفع الحظر المفروض على النساء تمامًا"، وذلك في إشارة لسماح السلطات الإيرانية لمئات النساء الإيرانيات حضور مباراة نهائي دوري أبطال آسيا لكرة القدم فريق برسبوليس الإيراني وفريق كاشيما انتلرز الياباني في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي. 

وتبيّن لاحقًا أن النساء اللواتي سُمح لهنّ بالحضور، كنّ إما أقارب أو عضوات في الفرق النسوية الرياضية، فضلًا عن السماح لـ100 امرأة بحضور المباراة الودية للمنتخب الإيراني مع نظيره البوليفي في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، لكن سرعان ما حذر المدعي العام الإيراني من عدم تكرار ذلك لأنه "يؤدي للخطيئة".

وفرضت السلطات الإيرانية تشديدًا على النسوة اللواتي توجهنّ لحضور المباراة، مخصصِة لهنّ أماكن محددة للجلوس، تفصلهن عن المشجعين الذكور، تحت حماية 150 امرأة من الشرطة النسائية التابعة للحرس الثوري الإيراني. 

وأظهرت صورة تناقلها النشطاء، أن الأماكن المحددة للنساء كانت في الأقسام A6 وA7 وA8 وA9، فيما لم يتجاوز عدد البطاقات التي طرحت للمشجعات النساء أكثر من 5%.

انتقادات للفيفا بسبب الفصل بين الجنسين

وعلى الرغم من سماح السلطات الإيرانية للنسوة بحضور اللقاء من على مدرجات أستاد أزادي، فإنها واجهت انتقادات من المنظمات الحقوقية بسبب فرضها تشديدات بفصلها الذكور عن الإناث داخل الملعب، حيثُ وصف مدير البحوث وكسب التأييد للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية فيليب لوثر السماح للنساء بدخول الملاعب بأنه "حيلة دعائية تثير السخرية".

وأضاف أنه "بدلًا من اتخاذ خطوات غير حازمة للتصدي للمعاملة التمييزية للنساء اللائي يرغبن في مشاهدة كرة القدم، يجب على السلطات الإيرانية رفع جميع القيود المفروضة على النساء اللائي يحضرن مباريات كرة القدم، بما في ذلك مباريات الدوري المحلي، في جميع أنحاء البلاد".

وأظهرت اللقطات التي جرى تداولها من المباراة خلو المدرجات من الجماهير بشكل كبير، نظرًا لعدم اكتسابها أهميًة بالنسبة للجماهير الإيرانية، بسبب التصنيف المتدني للمنتخب الكمبودي، وهو ما ظهر واضحًا من خلال النتيجة النهائية للمباراة، حيثُ أظهرت المقاطع حضور بضعة آلاف فقط للمباراة من على المدرجات.

وتخالف نسبة 5% التي حددتها السلطات الإيرانية من المقاعد للنساء، النظام الأساسي للفيفا، الذي تنص المادة الرابعة منه على أن التمييز ضد المرأة "محظور تمامًا ويعاقَب عليه بالتعليق أو الطرد"، كما أن سياسة الفيفا الحقوقية تولي "اهتمامًا خاصًا لتحديد ومعالجة التأثيرات المتباينة بحسب النوع الاجتماعي (الجندر) ولتعزيز المساواة بين الجنسين"، وفقًا لمنظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية.

وقالت شقيقة كابتن المنتخب الإيراني مريم شجاعي، للمنظمة الحقوقية، إنه "إذا كانت السلطات الإيرانية تقترح حصصًا مختلفة من التذاكر، وبوابات مختلفة للدخول، وأماكن مختلفة للجلوس، فهي تُعامل النساء بشكل مختلف عن الرجال"، مضيفةً أن "هذا تمييز، عندما تجمع السلطات كل النساء في قسم واحد، قد يسبب ذلك مشاكل كبيرة، إذ يضع كل الضغوط على النساء لإثبات أن عملية تمكينهن من دخول الملاعب جيدة".

رغم السماح للنساء بدخول المدرجات، إلا أن السلطات الإيرانية واجهت انتقادات حقوقية بسبب التشديدات المخالفة للقانون في بعضها

ورغم الإجراءات المشددة التي مارستها السلطات الإيرانية على النسائي اللائي ذهبنّ لمشاهدة مباراة منتخب بلادهم من مختلف المدن الإيرانية من على مدرجات أستاد آزادي الذي يعني بالعربي "حرية"، فإن ذلك لم يمنع النشطاء الإيرانيين والغربيين من الاحتفاء بهذا الإنجاز للمرأة الإيرانية عبر موقع تويتر بتدشينهم وسم "#IranianWomen".


 

اقرأ/ي أيضًا:

ثورة بتاء التأنيث.. 4 أيقونات احتجاجية نسائية معاصرة

"فتيات شارع الثورة": الإيرانيات في المجلة الألمانية "EMMA"