19-أبريل-2018

قد تكون الصحافة في روسيا أخطر منها في أي منطقة أخرى من العالم (ألترا صوت)

المخاطر الصعبة التي يتعرض لها الصحفيون في روسيا معروفة منذ أوائل التسعينات، كبلد تنتشر فيه أساليب الانتقام المافيوزية. لكن القلق زاد وسط المؤسسات الإعلامية المستقلة في روسيا منذ عام 2006، سيما بعد تراكم حالات قتل الصحفيين التي لم تحل إلى اليوم، أو حتى حالات "الموت الغامض".

خلال العقدين الأخيرين، تعرض 20 صحفيًا على الأقل للاغتيال في روسيا، فيما تعرض 63 صحفيًا لاعتداءات عنيفة

 وسجلت لجنة حماية الصحفيين خلال العقدين الأخيرين فقط 20 عملية قتل على الأقل للصحفيين بروسيا، في حين قامت منظمة "فريدم هاوس" بحساب 63 هجومًا عنيفًا على الصحفيين شنه مجهولون، إلا أن الجزء الأكبر من المحنة، يأتي من التهديدات التي يتلقاها الصحفيون وملاحقات الصحف بالإغلاق، مما يزيد من ممارسة الرقابة الذاتية.

ماكسيم بورودين، آخر الصحفيين الروس الذين ماتوا "في ظروف غامضة" (أسوشيتد برس)
ماكسيم بورودين، آخر الصحفيين الروس الذين ماتوا "في ظروف غامضة" (أسوشيتد برس)

اقرأ/ي أيضًا: ماذا تعرف عن المرتزقة الروس في سوريا؟.. 5 أسئلة تشرح لك

وقبل أيّام قليلة، لقي الصحفي الروسي، ماكسيم بورودين، الذي كشف قضية المرتزقة الروس في سوريا، حتفه في ظروف غامضة، إذ عثر عليه جيرانه ملقيًا على الأرض بعد سقوطه من شرفة شقته بالدور الخامس، في حادثة لا تزال تثير الشكوك في أن تكون عملية قتل مُدبّرة.

وعلى أيّة حال، فكما يتضح، لم يكن ماكسيم بورودين الأوّل على قائمة الصحفيين الذين لقوا مصرعهم في ظروف غامضة، تحيط بجهات روسيا الشكوك في أن تكون هي من دبرتها.

وهنا، نستعرض لكم ستة من أبرز الصحفيين الذين تورطت روسيا في موتهم أو مقتلهم.

1. ناتاليا إستيميروفا في 2009

كانت الصحفية الشيشانية الروسية، ناتاليا إستيميروفا، تحقق في عمليات الاختطاف والقتل التي شاعت في الشيشان، فهناك آنذاك، شنت قوات الأمن الموالية لروسيا حملة قمع وحشية، استهدفت تحديدًا المعارضين والمتمردين الشيشان.

تعرضت الصحفية والحقوقية الروسية الشيشانية ناتاليا إستيميروفا للاغتيال في 2009 (Getty)
تعرضت الصحفية والحقوقية الروسية الشيشانية ناتاليا إستيميروفا للاغتيال في 2009 (Getty)

طالت نيران الحرب هناك المدنيين الأبرياء، وكانت ناتاليا تسعى أساسًا لرواية قصص ضحايا الحرب، قبل أن تتعرض للاختطاف، ثم إطلاق النيران عليها عدة مرات، وإلقاء جثتها في إحدى الغابات المجاورة لمكان سكنها في مدينة غرونزي عاصمة الشيشان

مرت تسع سنوات على حادثة موتها، ولم يُدن أحد في قتلها، لكن أصابع الاتهام تُشير مباشرة لجهات رسمية روسية أو موالية في الشيشان.

2. آنا بوليتكوفسكايا في 2006

كانت آنا بوليتكوفسكايا مراسلة روسية في صحيفة "نوفايا غازيتا"، المعروفة بجرأتها في انتقاد الحكومة الروسية، واتهم كتابها صراحة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتحويل روسيا إلى "دولة بوليسية".

كتبت آنا بوليتكوفسكايا مجموعة من التقارير حول إساءة المعاملة للمواطنين في الشيشان، وتحدثت عن ذلك في قناة إذاعية بموسكو. وبينما هي عائدة إلى شقتها، أطلق النار عليها من مسافة قريبة بالمصعد.

"مراسلون بلا حدود" تحيي ذكرة اغتيال آنا بوليتكوفسكايا (الجزيرة)
"مراسلون بلا حدود" تحيي ذكرى اغتيال آنا بوليتكوفسكايا (الجزيرة) 

أدين خمسة رجال بقتلها، لكن القاضي وجد أن الآمر بالقتل غير معروف الهوية. وقد نفى الكرملين علاقته بقتل بوليتكوفسكايا ، قائلًا إن "موتها في حد ذاته أكثر ضررًا للسلطات الحالية في روسيا وجمهورية الشيشان؛ أكثر من أنشطتها"، على حد تعبيره. لكن إلى الآن تشير أغلب أصابع الاتهام لجهات رسمية روسية في التورط بقتلها.

3. يوري شوكوشيخين في 2003

هو صحفي ومؤلف، كتب عن الجريمة والفساد في حقبة الاتحاد السوفييتي السابق، وهي فترة كان من الصعب القيام فيها بذلك. ولم يتوقف عن تحقيقاته المزعجة حتى بعد تفكك الاتحاد. 

وحقق في تفجيرات الشقق التي وقعت في عدة مدن روسية عام 1999، والتي يثار حولها الشبهات، بينما تتهم السلطات الروسية المتمردين الشيشانيين بالتورط فيها.

فرض السلطات الروسية السرية على الوثائق الطبية للصحفي يوري شوكوهيخين الذي مات بمرض غامض (Pinterest)
فرضت السلطات الروسية السرية على الوثائق الطبية للصحفي يوري شوكوشيخين الذي مات بمرض غامض (Pinterest)

واستمر شوكوشيخين في عمله المحفوف بالمخاطر بصحيفة نوفايا غازيتا حتى تموز/يوليو 2003، قبل أن يقرر الرحل للولايات المتحدة الأمريكية، لكنه قبل سفره بأيام، تعرض لمرض مفاجئ مات على إثره. 

وتثار الشكوك حول مرضه الغامض هذا، بسبب أن السلطات الروسية قد فرضت السرية على الوثائق الطبية الخاصة به!

4. ديمتري خلودوف في 1994

كان الصحفي الروسي ديمتري خلودوف، يحقق في قضايا فساد بالجيش الروسي، قبل أن يتعرض للاغتيال في 17 تشرين الأول/أكتوبر 1994، في موسكو، عن طريق حقيبة مفخخة وصلته إلى مكتبه بالصحيفة التي كان يعمل بها.

كان اغتياله بمثابة طلقة البداية لعمليات اغتيال وقتل واسعة لصحفيين روسيين في نفس العام، أي 1994.

اتّهم محررو الصحيفة، القيادة العسكرية الروسية بالتورط في اغتيال زميلهم، لتنفي بدورها هذه الاتهامات. لكن بعد مرور ست سنوات، ادعى وزير الدفاع  بافيل غراتشيف، في حديثه كشاهد بالمحكمة، أن "بعض المرؤوسين أساؤوا فهم كلامي" كنوع من الاعتراف الضمني.

كان اغتيال ديمتري بداية سلسلة اغتيالات لصحفيين روسيين في 1994 (الإنترنت)
كان اغتيال ديمتري بداية سلسلة اغتيالات لصحفيين روسيين في 1994 (ويكيبيديا)

وبدأت محاكمة ستة متهمين، أربعة منهم يخدمون ضباطًا عسكريين، غير أن محكمة موسكو العسكرية برأت ساحتهم، ما قد يحيل إلى تورط السلطات الروسية العسكرية في اغتيال ديميتري خولودوف.

5. سيرغي دوبوف في 1994

في صباح الأول من شباط/فبراير 1994، أُطلق الرصاص على سيرغي دوبوف، رئيس دار نشر نوفوي فريميا، أثناء مغادرته للعمل، شمال العاصمة الروسية موسكو.

ووفقاً لصحيفة "سيغودنيا" الورقية، في عدد السابع من تموز/يوليو 1994، كان موت اغتيال سيرغي دوبوف، من بين سلسلة عمليات اغتيال ضد عاملين في الصحافة وصناعة الطباعة والنشر.

اغتيال الناشر الروسي سيرغي دوبوف جاء في عام اغتيل فيه ما لا يقل عن 5 صحفيين روسيين (ويكبيديا)
اغتيال الناشر الروسي سيرغي دوبوف جاء في عام اغتيل فيه ما لا يقل عن 5 صحفيين روسيين (ويكبيديا)

أسست السلطات الروسية فريق تحقيق للكشف عن المتورطين في الجريمة. وللآن، وبعد مرور نحو ربع قرن، لم تُحل الجريمة! 

6. إيغور زهورافوف في 1994

في 15 تشرين الأول/أكتوبر 1994، أوقفت مجموعة مسلحة، سيارة كانت تستقلها الصحفيتان إيغور زهورافلوف وزميلتها تاتاليانا، اللتان كانتا تعملان في مكتب صحيفة "كومسومولسكايا". 

وأثناء استقلالهما السيارة، اعترضتهما سيارة أخرى، قبل أن يخرج منها مسلحون بدؤوا في إطلاق النيران عليهما.

خلال عام واحد هو عام 1994، وقعت ما لا يقل عن خمسة حوادث اغتيال لصحفيين وناشرين في روسيا! 

ورغم اعتقال ثلاثة من المسلحين، من بينهم شُرطي، لكن أُطلق سراحهم بعد شهر واحد، ولم تتم مقاضاتهم، ما يُشير إلى أنها قد تكون عملية مدبرة من جهات روسية رسمية. 

 

اقرأ/ي أيضًا:

8 من أبرز محاولات الاغتيال الروسية بالسم

آنا بوليتكوفسكايا واغتيال الصحافة الحرّة في روسيا