18-يوليو-2016

عائلات بوسنية في مركبة تابعة للأمم المتحدة يفرون من سربرنيتشا 1993 (PASCAL GUYOT/AFP/Getty Images)

سربرنيتشا تعني الفضة، هكذا تعني الكلمة. في نيسان/أبريل عام 1993 أعلنت الأمم المتحدة خمس مناطق في البوسنة من المناطق الآمنة، وطلبت من أهلها تقديم السلاح، وثقت منطقتان فيما تقوله الأمم المتحدة وقامت بتسليم أسلحتها بالفعل، وأعطت الأمان، بينما امتنعت ثلاث مناطق عن ذلك. وثق الأهالي بما تقوله الأمم المتحدة والمجتمع الدولى فما كان من الأمر إلا أن دخلتها القوات الصربية بقيادة راتكو ملادتش وارتكبت فيها ما بات يُعرف بأفظع المذابح في أوروبا.

 لم يحصد مسلمو البوسنة من المجزرة سوى ذ كريات الحزن والتمييز العنصري بينما بقي الكثير من الجناة في محاكمات لا ترقى إلى مستوى الفعل الإجرامي

معظم العناصر البشرية التي تم تصفيتها في المجزرة كانت بين 14 إلى 50 عامًا من الذكور، وعاشت أوروبا بعدها لتتذكر كيف تمت عمليات اغتصاب ممنهجة للنساء البوسنيات اللاتي تم اعتقالهن على أيدي الجنود الصرب لعدة أعوام دون اتخاذ إجراءات حقيقية لمنع ذلك.

اقرأ/ي أيضًا: أمريكا والانقلاب الأخير في تركيا

المؤامرة

العديد من الشهادات تشير إلى أن قوات حفظ السلام شاركت الصرب المذابح أو على الأقل حاصرت الأهالي ومنعتهم التحرك إلى أماكن آمنة وجرت المذبحة تحت سمع وبصر الأمم المتحدة وبرعاية من القوات الهولندية التي مرت المذبحة من تحت أنفها.

برنامج" يحكى أن" الذي كان يُعرض على شاشة شبكة الجزيرة سجل عدة شهادات لنساء بوسنيات يعرضن ذاكرتهن عن الحدث.

كتبت الغارديان البريطانية تحت عنوان: كيف تركت بريطانيا والأمم المتحدة سربرنيتشا تواجه مصيرها قالت: أنه على الرغم من مرورو 21 عامًا، لا يزال الجنرال راتكو ملادتش وزعيم صرب البوسنة رادوفان كراديتش ينتظران النطق بالحكم.

اقرأ/ي أيضًا: الجدول الزمني لصعود وهبوط الانقلاب في تركيا

رادوفان كرادتش الذي كان هاربًا من العدالة لمدة 13 عامًا بسبب تورطه في مذبحة سربرنتيشتا التي قتل فيها 8000 من البشر بأبشع الطرق الممكنة تم اعتقاله في 21 تموز/يوليو عام 2008 وهو على متن حافلة في العاصمة الصربية؛ حيث كان يحمل أوراقًا وبطاقة هوية مزيفة، وقد تبين فيما بعد أن كاراديتش كان يعمل في عيادة خاصة متخفيًا تحت شعر أبيض ولحية بيضاء كثيفة وطويلة، ويحمل أوراقًا ثبوتية مزورة ويعيش حياة شبه طبيعية مدعيًا أنه رجل غير صربي ويعمل في مجال الطب البديل مستفيدًا من خلفيته الطبية ويتنقل تحت اسم دراجان بابيتش.

في الرابع والعشرين من آذار/مارس الماضي تم الحكم عليه بـ40 عامًا في السجن. أما راتكو ملادتش وهوالمسؤول الثاني من بين أهم المسؤولين عن المذبحة وعن الحصار الذي تم للمدنيين في ذلك الوقت فقد ظل أيضًا فارًا من العدالة لمدة تزيد عن 16 سنة إلى أن اعتقل عام 2011.

بدا ملاديتش في محاكمته هادئًا رغم أن التهم الموجهة إليه كانت ضخمة وملطخة بالعار، ولم تخل المحاكمة من حضور أهالي الضحايا الذين أحضروا معهم صور أقاربهم وإخوتهم وأبنائهم وأزواجهم الذين قضوا في المذبحة. 

ولا تزال محاكمة راتكو ملادتش قائمة، وفي الوقت الذي يدفن فيها أقارب الضحايا بعض العظام التي وجدوها لأبنائهم، يصف ملادتش المحاكمة بالشيطانية وينفي ارتكابه، أو الأمر بارتكاب، مذابح ضد البوشناق المسلمين في البوسنة.

منذ ثلاثة أيام توفي الزعيم الكرواتي الصربي غوران هاجيتش الذي كان تتم محاكمته أيضًا في مثل القضية وتوقف القضاة عن محاكمته في الأمم المتحدة لمعاناته سرطانًا في الدماغ في مراحله المتقدمة.

للأسف لم يحصد مسلمو البوسنة من المجزرة سوى ذكريات شديدة الحزن، والتهجير، والتمييز العنصري بينما بقي الجناة أو كثير منهم في محاكمات لا ترقى إلى مستوى الفعل الإجرامي. ويبدو أن المجتمع الدولي يقوم بتلك المحاكمات المخزية بالخطوة الأخيرة لإغلاق القضية.

اقرأ/ي أيضًا: 

الإثارة الانقلابية التركية