13-أغسطس-2016

وزير الخارجية التركي جاويش أوغلو أثناء استقباله لنظيره الإيراني جواد ظريف (Getty)

بعد أيام قليلة من عودته من موسكو، استقبل الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الجمعة 12 أغسطس/آب، وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف، في العاصمة التركية أنقرة.

ما يحاول أردوغان فعله، هو إعادة تموضع إقليمي لم تظهر ملامحه كاملة

وكان ظريف قد التقى قبل ذلك بوزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، وأعلنا أنهما تبادلا الأفكار بخصوص الأزمة السورية، وأنهما متفقان على وحدة الأراضي السورية، وعلى الرغبة في زيادة التعاون الاقتصادي بين البلدين.

اقرأ/ي أيضًا: أردوغان في روسيا..رسالة للغرب

تُعتبر العلاقة بين إيران وتركيا بمثابة علاقة الصّداقة المدمجة مع الخصومة، وبالتّالي، يمكن تصنيف زيارة إيران لتركيا أو تركيا لروسيا كزيارات اقتصادية، نظرًا لكون الملف الاقتصادي أقلّ تعقيدًا من الملفات السياسية كالملفين السّوري والأوكراني، والتي تعني الطّرفين، إيران وتركيا، بما أن التّعاون الاقتصادي هو حاجة للجميع وبوابة للدخول نحو ملفات وشؤون أخرى.

لا يمكن تجاهل المسألة الكردية، ولا الهاجس الكردي الموجود لدى أردوغان والإيرانيين على حدٍ سواء. بالرّغم من الاختلاف الإيراني-التّركي الجذري في المسألة السّورية، يجتمع الطّرفان على الهاجس الكردي، بسبب العمليات المتكررة لحزب العمال الكردستاني على الحدود مع تركيا، وإعادة تفعيل الأكراد الإيرانيين لأعمالهم العسكرية في إيران مؤخّرًا، مما حرّك أو ساعد في تحريك المياه الرّاكدة بين الخصوم/الأصدقاء.

الهاجس الكّردي انسحب على التّأكيد على وحدة الأراضي السورية، في رسالةٍ واضحةٍ للرّوس أن التّقسيم والفيدرالية مرفوضان، ولو أن التّقسيم والفدرلة برأي الرّوس حلّ واقعي لأن الأسد عاجزٌ في المستقبل عن السّيطرة على كامل الجغرافيا السّورية.

يحاول الجانب التّركي أن يوجّه رسائل للغرب بأن الأبواب مفتوحة لخلق تحالفات جديدة مع روسيا وإيران،رغم كون تركيا عضوًا أساسيًا ومؤثّرًا في حلف النّاتو، وشريكًا في الميدان السّوري من حيث إمداد الفصائل المسلّحة بالسّلاح والعتاد.

ففي ظل التّوتر العلاقات التركية الغربية، والأمريكية خاصة بسبب عدم تسليم أمريكا لغولن والانتقادات التي وجّهت لأردوغان إثر حملة الاعتقالات التي شنّتها الحكومة التّركية بعد الانقلاب، تسعى تركيا لخلق هامش مناورةٍ يقوي من وضعها الإقليمي.

اقرأ/ي أيضًا: حلب..الشرقية تلتقي بالغربية

ما يجري، أو ما يحاول أردوغان فعله، هو إعادة تموضع قد يكون بحاجة لوقت كي تظهر معالمه، فلا هو مستعدٌ لأخذ موقفٍ متماهٍ مع الموقف الرّوسي-الإيراني من الأسد، ولا يمكن أن يتشبّث بموقفه السابق الذي كلفه الكثير.

علمًا بأن أردوغان استحصل على مكاسب أولية من روسيا، كإغلاق المكتب التمثيلي للأكراد في موسكو، دون أن يظهر ثمن هذه الخطوة بعد، مع أن الرّوس أعلنوا عن إمكانية إشراك الأكراد في جولة المفاوضات القادمة. لكن روسيا لن تعطي أردوغان مكسبًا في الملف الكردي دون بديلٍ وازن وثمنٍ كبير، كبقاء الأسد مثلًا.

الوضع الاقتصادي التّركي المأزوم، هو ما دفع بأردوغان لتفعيل سفراته واجتماعاته السياسية الاقتصادية، حيث يطغى الاقتصاد على إعادة ترتيب العلاقات السياسية وتحسينها.

سينسحب الحوار التّركي الإيراني، والتّركي الرّوسي على السّاحة السّورية، وقد تنعكس نتائجه الإيجابية على حلب، كتحييد الفصائل المعتدلة وضرب "داعش"، إضافةً إلى إدخال المساعدات وتخفيف الحصار. تماشيًا مع المحادثات التي أعلن المفوّض الدولي دي مستورا أنّها قد تجري في أواخر آب/أغسطس الجاري، في ظلّ تصاعد الإشارات من كافة الأطراف لإعادة إطلاق جولة جديدة من المفاوضات، وإطلاقها يشكّل تحدّيًا كبيرًا لجميع القوى الإقليمية والعالمية، لأن نجاحها هو الهدف.

اقرأ/ي أيضًا: 

النازحون في العراق..مخيمات الموت المهملة

2016..النظرية التي تفسر عامًا سيئًا للغاية