26-فبراير-2022

(Getty)

 الحرب بدأت، ووابل من الصواريخ الروسية تدك مناطق عدة في أوكرانيا، غزو عسكري على الأرض، وعشرات الضحايا من المدنيين والجنود الأوكرانيين، اكتظاظ بمحطات النقل ووداع دامع للمحبين هنا وهناك، مشاهد مهولة نقلتها عدسات المصورين، والتي لم تغفل توثيق أكثرها ألمًا، لامرأة تلفّ رضيعها بيديها وتهرع، ونازحون خرجوا من بيوتهم بحثًا عن الأمان دون موعد للعودة إليه، وآخرون فقدوا للتو أحباء للأبد، إنها ملاحم إنسانية تشبه إلى حد كبير تغريبة السوريين القاسية التي عاشوها وما زالوا يعيشونها إلى اليوم، ما دفع سوريين للتعبير عن تعاطفهم الشديد مع الشعب الأوكراني، مشبّهين اليوم بالأمس، لاسيما أن "القاتل" الروسي نفسه.

فجر الخميس، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بدء عمليات عسكرية خاصة في أوكرانيا، قائلًا عبر بث على التلفزيون الروسي إن هدف العمليات "حماية الشعب"، بالإضافة إلى نيته: "نزع سلاح أوكرانيا وتخليصها من النازيين الجدد"، في حين أشار سوريون عبر حساباتهم في مواقع التواصل إلى أن أسلوب روسيا واحد لبدء أي هجوم، ففي سوريا كانت ذريعتها "محاربة الإرهاب" وفي أوكرانيا "تخليصها من  النازيين الجدد".

الرئيس الأميركي جو بايدن بدوره ندّد بما وصفه "الهجوم غير المبرر" من قبل روسيا في أوكرانيا، وقال في بيان إن بوتين اختار شنّ حرب مخطط لها وستتسبب بمعاناة وخسائر بشرية كارثية، محمّلًا روسيا وحدها تبعات الحرب من موت ودمار.

فيما كشفت تقارير عن سقوط ضحايا من المدنيين والجنود الأوكرانيين والقوات الروسية، فضلًا عن الخسائر المادية جراء الغزو الروسي على أوكرانيا، وفقًا لـ"BBC".

بوتين مجرم حرب

تعاطف السوريون بشكل واسع عبر منصات التواصل الاجتماعي مع الأوكرانيين بآلاف التفاعلات، معتبرين أن خصمهم واحد، رغم اختلاف الجغرافيا والعرق والدين، لكن المجرم ذاته بكلتا الحالتين، بوتين.

فكتب الإعلامي السوري أحمد رحال عبر تويتر، "تشابه النزوح في أوكرانيا وسوريا، والمسبب واحد.. روسيا"، رفقة صورتين إحداها لمدينة إدلب السورية عام 2020، وأخرى في كييف الأوكرانية 2022، مذيّلًا تغريدته بوسم "بوتين_مجرم_حرب".

من جهته قال المغرّد عمر مدنيه عبر حسابه في تويتر، إنه "على الرغم من اختلاف الوجوه والأماكن، فإن المجرم واحد"، مشاركًا صورة لامرأة سورية مصابة، وأخرى أوكرانية، في تأكيد على أسلوب روسيا نفسه، وانتهاجها سياسة الأرض المحروقة في الحروب.

الكاتب والصحفي موفق أحمد زيدان غرّد قائلًا: "ما أشبه سوريا بأوكرانيا... قصف همجي مغولي.. القاتل واحد، بوتين، والضحية واحدة"، مشيرًا إلى أن العالم "الأخرس والحقير" سيدفع ثمن خسته ونذالته، وفق تعبيره.

"أوكرانيا بلد يستحق السلام، واحتلال روسيا لها مرفوض، وكوني من سوريا المصلية بلهيب الاحتلال الروسي الإيراني، أتمنى خسارة المجرم بوتين قاتل الأطفال"، يغرّد الصحفي السوري عبد الجليل السعيد.

أي حب أقوى من الحب العابر للحروب؟ هذا ما تقوله صورة شاركها أحد المغردين السوريين، تُظهر زوجين يعتبرهما السوريون أيقونة صمود، وهما يتجرعان مرارة فراق مدينتهم التي يحبون، حلب عام 2016، عقب الهجوم الشرس لقوات النظام السوري وروسيا على المدينة، في حين تُظهر صورة أخرى من أوكرانيا حبيبين يتودّعان في محطة القطار.

وعن منهجية بوتين، يقول الصحفي السوري قتيبة ياسين، "قلنا لكم إن بوتين في سوريا يبدأ بقصف المشافي والمدارس والأسواق وحصراً المكتظة وأي هدف مدني، قلنا لكم إنه خطر على الكوكب وتجاهلتم صرخاتنا، ها هو اليوم يعيد الكرة في أوكرانيا ويستهدف المدنيين"، مؤكدًا أنه في حال لم يتم تشكيل تحالف لإيقاف بوتين ومعاقبته، "فسوف يصل العالم إلى مكان لم يكن يومًا يتمناه".

تخاذل دولي

رغم تعهّد الاتحاد الأوروبي وحلفاء غربيون آخرون بفرض عقوبات جديدة صارمة لمعاقبة موسكو، لكنهم يقولون إنهم لن يرسلوا قوات، ما دفع الرئيس الأوكراني إلى القول "تركونا وحدنا بمواجهة روسيا".

وعن الخذلان العالمي، تقول الكاتبة السورية لينا الطيبي عبر حسابها في تويتر: "صمت العالم على جرائم بوتين في سوريا شجعه كي يحتل أوكرانيا.. صمت العالم اليوم تجاه احتلال اوكرانيا سيجعل الصين غدا تزحف نحو تايوان وتهدد امن اليابان والفيليبين وبقية الدول المحيطة"، مضيفة "نحن نعيش لحظات خطرة على العالم كله: هيمنة الديكتاتورية والإقصاء .. يريدون عالمًا من قطيع".

من جانبه، غرّد الصحفي السوري حسن جنيد متبنّيًا قول إن "بوتين يستفيد من عدم قدرة الغرب على أخذ قرارات حاسمة في ملفات عديدة، وهذا ما حصل في سوريا، إحجام واشنطن عن إسقاط بشار الأسد، سمح لبوتين بأن يفعل ما يريد".

أما المغرد خالد عودة فاعتبر أن "المتغطي بأمريكا والناتو عريان"، في إشارة إلى الخذلان الأمريكي لكل من أبدت له الولايات المتحدة دعمها ووقوفها إلى جانبه يومًا، مضيفًا أن بوتين احتل سوريا وشرد أهلها وهدم مدنها وقتل الشرفاء فيها واليوم يدخل أراضي أوكرانيا محتلًا، "ثرثرة أمريكا والناتو لا تقدم ولا تأخر" يقول عودة.

فيما يشير الناشط والصحفي السوري ماجد عبد النور، إلى أن أوكرانيا تعدّ درسًا كبيرًا لتصحيح بعض المفاهيم المغلوطة التي تبناها السوريون كمسلّمات محتومة، مثل "خذلونا لأننا عرب، منعوا عنا مضاد الطائرات لأننا مسلمون، أمريكا تآمرت مع روسيا ضدنا، الناتو لم يتدخل لأنه متآمر على ثورتنا"، موضحًا "كل ذلك يحصل الآن مع أوكرانيا المسيحية الغربية الصديقة لكل هؤلاء"، تأكيدًا على تنصّل اللاعب الأمريكي من مسؤولياته وتصريحاته.

 

اقرأ/ي أيضًا:

أوكرانيا: عقوبات غربية على روسيا عقب فشل مجلس الأمن في التوصل لقرار

دليل تاريخي شامل لفهم الأزمة بين روسيا وأوكرانيا