04-يونيو-2021

كأس أمم أوروبا (Getty)

أيامٌ قليلة وتكون أنظار عشّاق المستديرة في كافة أنحاء المعمورة متّجهة نحو القارّة العجوز، حيث تنطلق منافسات كأس أمم أوروبا 2020 بنسختها الـ16 في 11 حزيران/يونيو الجاري، في مسابقة استثنائيّة يشارك باستضافتها 11 مدينة من 11 دولة أوروبيّة، وهو أمرٌ لم يحدث من قبل.

توفّي هنري ديلوني قبل أن يحقّق حلمه في تأسيس المسابقة، لكنّ ابنه بيير واصل مسيرة والده، وأنجز النسخة الأولى في عام 1960

تعتبر مسابقة اليورو من أقوى بطولات العالم القارّية على الإطلاق، ولا ينقصها سوى مشاركة البرازيل والأرجنتين كي تصير البطولة الكرويّة الأقوى في التاريخ، ومرّت النسخة الـ16 بكثير من المعوقات حتّى تمّ إقرار إقامتها في صيف 2021، إذ كان من المقرر انعقادها في صيف العام الماضي، لكنّ انتشار فيروس كورونا في أوروبا والعالم أدّى لتأجيل هذا الحدث المنتظر حتى 2021، مع الحفاظ على العلامة التجاريّة الخاصّة بالمسابقة، فبقيت النسخة الـ16 تحت مسمّى "يورو2020".

بيير ديلوني 1919-2019

على الرغم من اعتبار القارّة الأوروبيّة مهدًا لكرة القدم، تأخرت بطولة أمم أوروبا عن نظيراتها في أميركا الجنوبية وآسيا وأفريقيا لأكثر من سبب، حيث شهدت خمسينيات القرن الماضي انطلاقة معظم البطولات القارية في عالم المستديرة، فكانت وحدها أمريكا الجنوبية تملك بطولة تجمع منتخباتها بشكل دوري تحت مسمى بطولة كوبا أمريكا، والتي تأسست عام 1916، فيما استضافت هونغ كونغ النسخة الأولى من كأس أمم آسيا في أيلول/سبتمبر عام 1956، تبعتها السودان عام 1957 باستضافة كأس أمم أفريقيا، في حين احتضنت فرنسا النسخة الأولى لكأس الأمم الأوروبية عام 1960، بينما انطلقت الكأس الذهبية لقارة أمريكا الشمالية ودول الكاريبي عام 1963.

اقرأ/ي أيضًا: تاريخ كأس آسيا.. كيف كتبت كوريا أولى صفحات تاريخها الكروي؟

وُجِدَتْ فكرة تأسيس كأس أمم أوروبا في منتصف عشرينيات القرن الماضي عبر الفرنسي "هنري ديلوني" مؤسس الاتحاد الفرنسي لكرة القدم، وضع "ديلوني" اللبنة الأولى لإنشاء بطولة أوروبية على غرار "كوبا أميركا"، واقترح على الفيفا سنة 1927 نظاماً لبدايتها، ولكن اعتراض بعض الدول منع المولود الجديد من رؤية النور.

هنري ديلوني

بعد ذلك أصرّت خمسُ دول هي "سويسرا وتشيكوسلوفاكيا والنمسا والمجر وإيطاليا" على إقامة بطولة للمنتخبات الوطنية تحت مسمى "ستيلا بوكاس"، وبطريقة الذهاب والإياب، لكن الدورة الأولى استغرقت وقتاً طويلاً دون نهايتها بسبب مشاركة المنتخبات في كأس العالم، وصعوبات السفر، والاختلاف على مواعيد المباريات فيما بينها، وفي عام 1948 أحيت الدول ذاتها البطولة، لكن لم يكتب لها الاستمرار لأسباب سياسيّة منها الانقلاب الحاصل في تشيكوسلوفاكيا، حيث استلم الحزب الشيوعي التشيكوسلوفاكي السلطة، مدعومًا من الاتحاد السوفييتي.

اقرأ/ي أيضًا: قصة كأس العالم 1950.. عودة الحياة إلى كوكب الأرض



تأسّس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم عام 1954، وكان الرئيس الأوّل له هو الفرنسي "هنري ديلوني"، وبالتالي عادت فكرة إنشاء البطولة عن طريقه، إلا أن معارضة بعض الدول خصوصًا ألمانيا وإيطاليا وبريطانيا حالت دون انطلاقتها، لكن الأب الروحي للاتحاد الفرنسي لم ييأس في تحقيق حلمه، ومع ذلك تدخّلت الأقدار، وحالتْ دون أن يشهد ما خطط لأجله الفرنسي منذ عقود بسبب وفاته، بيد أن ابنه سار على خطاه، وأبى أن تذهب أحلام والده هباء.

من اليسار: بيير ديلوني يقود اجتماعًا لليويفا 1959

 وكان له ذلك بعد دراسة من لجنة ثلاثية جمعت الابن "بيير ديلوني" مع المجري "شيبيش" والإسباني "بوغول" حيث أقرّت إطلاق البطولة في أقرب وقت ممكن، وبالفعل بدأت تصفيات البطولة بمشاركة 17 منتخبًا في عام 1958، وتم تحديد مكان إقامة الأدوار النهائية في فرنسا، تكريما لدور الفرنسيين في تأسيس البطولة، ليشهد عام 1960 ولادة النسخة الأولى من بطولة كأس الأمم الأوروبية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

قصة كأس العالم 1938.. انسحابات بالجملة على عتبة الحرب العالمية الثانية 

ولادة قيصرية لكأس العالم ونهاية مأساوية لكأس جول ريميه