15-ديسمبر-2016

من العرض

يقف عم راضي، صاحب المكتبة، أمام شابين من شباب الجماعات الإسلامية المتطرفة، أحدهما صاحب العقار الذى تحتله المكتبة، والثاني يرغب في شرائها، يحتجون على بيعه كتبًا تروج للكفر والإلحاد والإباحية. يسألهم عما يجب أن يبيعه؟ يقول له أحدهم: بِع كتب ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب، يحتج على ما يقولانه، فيتجه أحدهما إلى رفوف المكتبة، يقرأ عناوين الكتب فيجدها لنجيب محفوظ والعقاد ونوال السعداوي، يلقى بها على الأرض، وهو يصرخ في وجه جمهور المسرح: "أستغفر الله العظيم".

"بس أنت مش شامم" كوميديا سوداء حول التغيرات الاجتماعية والثقافية في مصر

على مسرح "ميامي" بوسط القاهرة، جسَّد أبطال مسرحية "بس انت مش شامم" بطولة الفنان فتحي عبد الوهاب، هذا المشهد لطيور الظلام وهي تلقي بالكتب وتستغفر الله، يلخص أحداث المسرحية التي تقدّم كوميديا سوداء حول التغيرات الاجتماعية والثقافية في المجتمع المصري منذ أكثر من ثلاثين عامًا، مع وصفها بـ"البلاعة"، ولا يزال عرضها مستمرًا.

اقرأ/ي أيضًا: عمر المعتز بالله.. مسرح صنع في مصر

ويقدم عبد الوهاب دور صاحب مكتبة، يرى "بلاعة" قريبة تخرج متشدّدين ومتعصبين وملتحين، يهددون العلم والثقافة والنور والفكر الذي يخرج من مكتبته، فيغضب، ويحذر أهل الحي، لكنهم يدّعون أن لا بلاعة هنا وكل شيء تمام، ويؤكدون أنها هلاوس في دماغه فقط.

تدور المسرحية حول فكرة رمزية من خلال إشارات رمزية، عبر ثلاث فترات من عمر مصر. الفترة الأولى، أواخر السبعينيات بعد أن عاد السادات من تل أبيب ليمهّد الأرض لمعاهدة كامب ديفيد، وهي المرحلة التي قفز فيها أبناء الجماعات المتطرفة فوق الأرض، وبدؤوا في فرض أفكارهم وآرائهم.. ساعدهم السادات في الظهور وأخرجهم من السجون لضرب الناصريين والشيوعيين. الفترة الثانية، التسعينيات، يتخلص عم راضي من المكتبة ويفتح محل تحف وأنتيكات، وبجواره محل آلات موسيقية، زيارات غامضة من شباب جماعات متطرفة يرتدون جلابيب سلفية قصيرة تفاجئهم طوال الوقت، ويدور حوار واقعي بينهم يكشف أن قائدهم عائد من دولة كبيرة في الإرهاب، ويحرمون كل شيء لدرجة أن موديل المرأة يثير شهوتهم! في النهاية، يهدّدون عم راضي ويدمرون التحف والآلات الموسيقة برعاية الأمن. 

الجزء الثالث من المسرحية عام 2006، التالي لعام فوز حسني مبارك بالانتخابات الرئاسية. يظهر الدعاة الجدد الذين يحاولون سدّ البلاعة، لكن وجود رجال أعمال لهم مصالح بجوارهم يجعل من المسألة غرضًا لأهداف خبيثة، والغرض مرض. يظهر فتحي عبد الوهاب في دور مخرج أفلام وثائقية يجهز فيلمًا عن البلاعة، لكن الأمن لا يمنحه تصريحًا للتصوير. وتنتهي المسرحية ببناء "مول تجاري" فوق البلاعة، لا تنهي خطرها، ولكن تخفيها تحت الأرض، في إشارة إلى أن طيور الظلام ظلوا منذ ذلك الوقت، 2006، يعملون تحت الأرض حتى لحظة تفجير مصر الآن. 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

لعنة "شبح الأوبرا" تصيب مسرح "موغادور" الباريسي

"مسرح القوس" في الجزائر.. الأسرة البديلة