09-يناير-2020

إدوار شهدا/ سوريا

1

كما يحدث في آخر كل عام

الجميع مشغولون بتعليق أمنياتهم على شجرة العيد

يقضون أوقاتهم في الضحك

وفي التقاط الصور التذكارية

وحدي أنا

أجلس مثل سانتاكلوز كئيب على درج البناية

أراقب النوافذ المضاءة

وليس في حوزتي هدايا لأحد

لا أملك إلا ضجرًا كبيرًا

وأمنية واحدة

وهي ألا يعثر عليّ أحد.

 

2

‏أريدُ أن أراكِ

للمرة الأولى

في ذلك المقهى الشتوي

بذلك الضجر

وتلك العيون المتعبة

وذلك الصوت البريء

الذي ظلّ عالقًا في مسامعي

وهو يقول:

" مرحبًا.. هل معكَ ولاعة؟".

 

3

‏النصوص متراكمة في هاتفي

هناك نصوص طويلة

كلما فكرت في نشرها تراجعت

لا أعرف لماذا!

كلما قمت بقراءتها شعرت بأنها تبكي في المسودات وتنتظر أن ترى النور

قد يراها البعض نصوص مهملة بلا قيمة

وقد يراها آخرون مشوقة

لكنها تعني لي الكثير

الكثير من الحُب

الكثير من الأسى.

 

4

‏أيُّ بابٍ عليّ أن أخلعه

لأهرب من هذا القبو

وأراكِ على الشارع

فأمسكُ بيدكِ التي لا تزال ترتعش من البرد

لا لأُصافحكِ

وإنما لأقضم أصابعكِ التي تجمدت

وأبتلعها كندمٍ حار

لأنها ولأسباب مجهولة

فتَحَت باب منزلكِ صباحًا

وكتبت علينا العُزلة.

 

5

تعبت من الهرب

من المشي باحثًا عن أقدام

من إضاعة يوم كامل في كتابة كلام بلا فائدة..

من إعادة النظر في الجدوى من السهر الطويل

من أشياء كثيرة

كأن تحافظ على ثباتك وأنت على حافة الثلاثين من عمرك..

الحقيقة..

لا يعجبني أحد

ولستُ مضطرًا لأن أفسر ذلك.

 

6

‏أخاف التورط في قصائدكِ

ويُسعفني المجاز

أريدُكِ لي

بدهشةِ الوصف

باتساعِ المعنى

وبخفةِ الايقاع

أريدُكِ أنثى

تعبرُ رتابةَ القافية

وتركبُ عربةَ الاستعارات

لا تقلقي أكثر

فأنا لستُ ممن تقيدهم الكنايات

ويُؤلمهُ السرد

أنا مجرد شاعرٍ مُتعب

لا يملكُ خيارًا آخر

غير تمزيق الصفحة

ثم البكاء.

 

7

‏أحتاج عيونك

كي أُعرّي دهشتي من ثياب الندم

أحتاجها كي أعيد للحب لهفتهُ الأولى

شعورنا الأول وأحلامنا الغامضة

أحتاجها كي أغطي بياض عينيَّ

أحتاجها بصبرِ يعقوب

وبخيبة يوسُف

أحتاجها و أعرف أنها أغمضت بعدها إلى الأبد .

 

8

‏لقد عشتُ بين الأشياء كلها

بين حلوّها ومرّها

أرخصها وأثمنها

أجملها وأقبحها

تهتُ وراء سرب الأصدقاء

وحيدًا

وباحثًا عنهم

في رحلة الشتاء والصيف

عشتُ

خائفًا من أشياء لا أفهمها

من أحداثٍ لا تحدث

كنتُ خارج السرب

أغرد كعصفورٍ هش

في أجواء قاسية

وأرفرف بجناحين

لا يقدران على حملِ خيبتي.

 

9

‏أخاف التورط في قصائدكِ

ويُسعفني المجاز

أريدُكِ لي

بدهشةِ الوصف

باتساعِ المعنى

وبخفةِ الإيقاع

أريدُكِ أنثى

تعبرُ رتابةَ القافية

وتركبُ عربةَ الاستعارات

لا تقلقي أكثر

فأنا لستُ ممن تقيدهم الكنايات

ويُؤلمهُ السرد

أنا مجرد شاعرٍ مُتعب

لا يملكُ خيارًا آخر

غير تمزيق الصفحة

ثم البكاء.

 

10

‏أكتبُ للقتلة

للخونة

وأكتبُ

للنازحين

الخائفين من الغد

للطالعين من أحشاء الألم

لرواد المقاهي

للكادحين في العراء

للباكين على حظوظهم

للغارقين في شبر ماء

للعابرين من اللاشيء

المبتسمين لأشياء غير مفهومة

للمصابين بالفقد

والمنبوذين في أوطانهم

للخارجين عن النص

وكل من أخطأتهم القصيدة.

 

11

‏أعلم جيدًا

كيف يمكن لرجل أن يمشي مقيدًا طوال حياته!

أن تعذبه امرأة حتى الشفقة

وأن يمشي تائهًا

ليراها في كل الملامح العابرة

ربما أن امرأة عادية وسهلة

لا تثير كل ذلك

لكن امرأة عصية على القلب

صعبة المزاج

بإمكانها أن تجعل أحدهم يختنق ولا يموت

أن يبحث طوال عمره عن الصواب ولا يجده.

 

12

‏لا أفعل شيئًا

أنا بالكاد أتنفس

وأكتب لك قصائد في العتمة

فنجان قهوة إضافي

ربما سأشعر بمرارة الطعم

المزيد من عينيك

صورتك في الحالة

وجهك يبتسم

أعيد اللقطة

عيناك الخضراوان

كلبك المحظوظ الى جانبك

قصيدة أخرى

رشفة قهوة

عيناك

عيناك

أعيد اللقطة للمرة الألف

ياااه

وجهك جميل

وحظي سيئ.

 

13

‏ما أكتبهُ

ليس شِعرًا

هو كلامٌ خارجٌ عن العادة

وصورةُ الندم الوحيدة

التي أمسحُ ملامحها كل يوم

 

ما أكتبهُ

هو شيءٌ من الحسرة

على ذنبٍ لم أقترفهُ

وخيبةُ البريء

في ارتداء المشنقة.

 

ما أكتبهُ

هو كلُ ألمٍ ألوكهُ في فمي

ولربما هو ذلك القلق المأجور

الذي ظلّ جاثمًا في أحشائي

وأبى أن يغادر.

 

14

‏أجرُّ قلبي

وأمشي به

الى الأمنيات القديمة

الى رائحة الماضي

الى البيوت الدافئة

أمشي به

الى كل مكان

حيث لا عقل يفكر

ولا قلب يحزن.

 

15

‏لا تخبريني عن مسببات الحزن

فأنا مجرد شخص كئيب يمارس دوره في الندم

قولي أشياء مبهجة

كقصيدة حب مثلًا

أفرح بها

أرتدي بعدها حذاء أنيق

وأمشي به إلى المقبرة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

ما قبل الثلاثين

وداع المدينة