08-مارس-2017

باعة الكتب المستعملة، مهنة مهددة في المغرب(دافيد باثغات/ Corbis)

تمثل "ساحة السراغنة" بالدار البيضاء عند محبي القراءة أكثر من مكان عادي، هي بمثابة محراب لعشاق الكتب القديمة بكل أنواعها، وملاذ للباحثين عن نوادر الكتب، مقابل مبالغ هزيلة. ففي هذه الساحة تجد كتبًا نفيسة، يتراوح سعرها ما بين الدولارين إلى ثلاثة دولارات عادة، ويمكن أن تجد مجلدات ذات قيمة معرفية بثمن بخس، بالإضافة إلى دواوين وروايات ومعاجم بكل اللغات.

تمثل "ساحة السراغنة" بالدار البيضاء عند محبي القراءة أكثر من مكان عادي، هي بمثابة محراب لعشاق الكتب القديمة بكل أنواعها

أغلب بائعي الكتب المستعملة بالمغرب، ينتظرون بفارغ الصبر معرض الكتب المستعملة، والذي انطلق من ساحة السراغنة، قبل عشر سنوات، والذي لا يفصلنا عنه سوى بضعة أسابيع، فهو يعد فرصة لبائعي هذه الكتب القديمة للاستفادة من الإقبال الكبير الذي يعرفه المعرض مقارنة بباقي الأيام.

اقرأ/ي أيضًا: دكاكين الكتب المستعملة... وجه آفل لمدينة عمان

إلا أن ساحة السراغنة ليست المكان الوحيد الذي يزخر بالكتب المستعملة بالعاصمة الاقتصادية للمغرب، إذ يمكن أن تجد هذا النوع من الكتب في منطقة "البحيرة"، أو بـ"درب غلف" في المدينة نفسها، ويمكن أن تجد الكتب المستعملة أيضًا في بعض المدن المغربية العتيقة.

وعندما يريد أصحاب المكتبات التخلص من الكتب القديمة، عادة ما يعرضونها على بائعى الكتب المستعملة باعتباره سوقًا قائمًا بذاته، وله جمهور واسع، خصوصًا من الطبقة الاجتماعية الفقيرة والمتوسطة ولكن أيضًا من الجميع إذا تعلق الأمر بكتب نادرة، إلا أن هذا السوق، تشوبه الكثير من الإكراهات والعراقيل، قد تمهد لزواله.

يقول يوسف شنتوف، أحد باعة الكتب المستعملة بالدار البيضاء، في حديث له لـ"ألترا صوت": "إن مصدر الكتب المستعملة متعدد، إلا أنه يبقى سوقًا غير مربح بالرغم من الرواج الذي يعرفه، لاسيما من الطلبة الذين لا يستطيعون اقتناء كتب باهظة الثمن".

ويحكي يوسف بحماس، أن "البعض يقتني الكتب المستعملة لما تحمله من قيمة فكرية نفيسة، لأنه يعرف جيدًا أنه سيجد ضمن الكتب المستعملة، نوادر الكتب سواء التاريخية أو الموسوعات والمجلدات الهامة". إلا أنه غير راض، كما يقول، على مردود العمل ماديًا، ففي النهاية كل ما يجنيه من الكتب المستعملة بضعة دولارات لا أكثر.

رغم رواجها ظاهريًا، إلا أن مهنة بيع الكتب المستعملة تلقى مشاكل عدة في المغرب وهي مهددة بالزوال في ظل ضعف العائد المادي

من جهة أخرى، يقول شعيب حليفي، كاتب وروائي مغربي، وأحد مؤسسي معرض الكتب المستعملة، بالدار البيضاء في حديث له لـ"ألترا صوت": "بيع الكتب المستعملة كمهنة، مهددة بالانقراض، لهذا يستوجب على المسؤولين في قطاع الثقافة الانتباه إلى هؤلاء الأشخاص، وإلى ضرورة حمايتهم عبر خلق بطاقة مهنية لهؤلاء الباعة أو التغطية الصحية، التي ستساعدهم على العيش بكرامة".

اقرأ/ي أيضًا: مكتبات الموتى.. إلى الرصيف سر

وطالب شعيب المسؤولين بتأسيس أماكن خاصة ببائعي الكتب المستعملة، على غرار سوق الأزبكية بمصر، مشيرًا إلى أنه "يمكن أن يختاروا بين مراكش، الدار البيضاء أو فاس، لأنه يجب خلق فضاء موحد وخاص بهؤلاء الكتبيين عوض أن يبقوا مشتتين ودون حماية أو تغطية".

باعة الكتب المستعملة بالمغرب هم في الحقيقة أكثر من باعة كتب قديمة، هم يصونون ذاكرة الكتاب بالمغرب، وعملهم في علاقة بتاريخ الكتاب ومستقبله أيضًا، وبفضلهم يصل الكتاب إلى شريحة اجتماعية معينة، وهم في انتظار اهتمام والتفاتة من طرف المسؤولين في قطاع الثقافة بالمغرب.

اقرأ/ي أيضًا: 

أكذوبة إحصاءات القراءة

شارع المتنبي..ليس الكتاب وحده هناك