14-يونيو-2022
تعد سويسرا الوجهة الأبرز لسياحة الانتحار (medicaldaily)

تعد سويسرا الوجهة الأبرز لسياحة الانتحار (medicaldaily)

سياحة الانتحار، هي نوع من السياحة الطبية يقوم على انتقال الفرد من دولته إلى دولة أو مقاطعة أخرى تسمح قانونيًا بـ"الموت الرحيم" أو الانتحار بمساعدة طبية نتيجة المعاناة من أمراض مزمنة عادةً، أو من أجل الوصول إلى أدوية تنهي الحياة. ومن شروط الانتحار بمساعدة أن يتخذ المريض قراره بشكلٍ طوعي، وتصنف هذه الأفعال تحت خانة الموت الطوعي سعيًا للتخلص من المعاناة من المرض، أو لأسباب أخرى.

يسمح بهذا النوع من الموت في سويسرا في مقاطعة زيورخ التي تعد الوجهة الأكثر شعبية للانتحار بمساعدة

ويسمح بهذا النوع من الموت في سويسرا في مقاطعة زيورخ التي تعد الوجهة الأكثر شعبية للانتحار بمساعدة، وفي إسبانيا، وكرواتيا، وفي 11 ولاية أمريكية، وبلجيكا، وهولندا، ولوكسمبرغ، والمكسيك، وكولومبيا، واليابان، وألبانيا، وبعض المقاطعات الكندية. وتختلف الشروط والقوانين المطلوبة من منطقة إلى أخرى، وما يحولها لسياحة فعلًا أن دولًا تسمح بها لغير المقيمين. فيما تنشط عدة منظمات وجمعيات في العالم تحت عنوان "الحق في الموت" تساهم في تسهيل إتمام هذه العملية، وغالبيتها جمعيات غير ربحية.

تعد سويسرا من الدول الرائدة في تشريع الانتحار بمساعدة طبية، فقد أقرته عام 1942، بشرط ألّا يكون للشخص دوافع أنانية، وأن يتخذ القرار دون ضغط من الآخرين، وأن يستخدم العقار المميت بشكلٍ شخصي. ويتعامل الأطباء مع هذه الظاهرة بشكلٍ يومي. وفي مقدمة أسباب اختيار الانتحار بمساعدة في سويسرا تأتي الأمراض العصبية بـ47% ثم 37% لأمراض السرطان، وتعد الدولة الأوروبية وجهةً عالميةً لسياحة الانتحار، ويقصدها العديد من الناس من أجل تحقيق رغبتهم بالموت الطوعي، خاصةً من ألمانيا وبريطانيا وفرنسا.

ترتبط سياحة الانتحار بقوانين كل دولة على حدة وسماحها بقيام الأطباء بالمساعدة في الانتحار، وهناك دول تحظر سياحة الانتحار وتعتبره جريمةً يمكن أن ينال الطبيب المتسبب بها عقوبةً بالسجن. وبناءً على ذلك تنشط جمعيات مثل جمعية الكرامة في الموت في بريطانيا التي تهدف إلى تشريع المساعدة الطبية في الانتحار أساسًا وتشكل لذلك حملات ضغط خاصةً على النواب في البرلمان من أجل طرح تشريع يغير القانون.

يظهر الميل المتزايد لسياحة الانتحار في قيام ولاية أريغون الأمريكية بفتح باب الانتحار بالمساعدة أمام غير المقيمين فيها، حيث تُعد من بين الولايات الأولى التي شرعت هذه العملية عام 1997 ومن بين 11 ولاية أمريكية أخرى يمكن فيها إتمام الانتحار بالمساعدة. كما أصبحت الولاية الأولى التي تسمح لغير المقيمين الدائمين فيها بإجراء هذه العمليات. لذلك يعتقد على نطاق واسع أن الولاية ستكون الوجهة القادم لسياحة الانتحار في الولايات المتحدة الأمريكية.

فتح الانتحار بمساعدة نقاشات أخلاقية واسعة حول القضية. ويمكن العودة إلى استطلاع حصل عام 2018 في أمريكا، أيد 72% من العينة المستطلعة فيه قيام الطبيب بمساعدة المرضى على الانتحار بعد موافقتهم، فيما اعتبره 54% منهم المساعدة على الانتحار أمرًا أخلاقيًا، وهذا يتوافق مع الفكرة المؤيدة للانتحار بمساعدة، باعتبار أن البشر يتمتعون باستقلالية جسدية، ويجب أن يختاروا القدرة على إنهاء حياتهم. لذلك يجادل داعمو هذه الخطوة أن من حق الناس الذين يعانون من الأمراض إنهاء حياتهم بدلًا من الاعتماد على الأدوية المخففة للمعاناة. ويجادل الداعمون للفكرة أيضًا بأن الحياة مع أمراض مزمنة وخاصةً في فترة الشيخوخة تحط من كرامة الإنسان، لذلك كان شعار إحدى المنظمات التي تدافع عن "الحق في الموت" في سويسرا هو "العيش بكرامة والموت بكرامة".

غير أن واحدة من الإشكاليات التي يشير إليها باستمرار معارضو سياحة الانتحار، هو أن الانتحار لا يساعد في معالجة المشكلة الحقيقية، وهي غياب رعاية صحية ملائمة للمرضى، خاصةً الكبار في السن، حيث يقولون إن غالبية من يتجهون نحو الموت طوعيًا يعانون من أمراض مزمنة مثل أمراض العضال والسرطان والأمراض العصبية. ومع تنامي عدد الراغبين في إنهاء حياتهم، يشار إلى أن جزءًا من هذه الأمراض يمكن السيطرة عليه والتقليل من أثره على حياة الناس، كما أن هناك تشخيصات غير نهائية للأمراض، ولكنها تستخدم من أجل الحصول على الموت الرحيم. كما يجادل البعض بعدم أخلاقية التكسب المالي من وراء اختيار الحصول على الانتحار بمساعدة طبية.

واحدة من الإشكاليات التي يشير إليها باستمرار معارضو سياحة الانتحار، هو أن الانتحار لا يساعد في معالجة المشكلة الحقيقية، وهي غياب رعاية صحية ملائمة للمرضى

كما يتم الحديث عن عدم أخلاقية هذا الخيار من ناحية طبية، باعتبار أنه من واجب الأطباء احترام الحياة وتقديم الدعم اللازم، فيما يضعهم خيار الانتحار بمساعدة في وضع أخلاقي غير مقبول لإنهاء حياة المرضى بشكلٍ غير مباشر من خلال وصف الجرعات المميتة. وإحدى أبرز الإشكالات الأخلاقية تأتي من ولاية أوريغون الأمريكية، التي ظهر فيها أن المرضى الذين حرموا من العلاج بسبب سياسات شركات التأمين عرض عليهم الانتحار بمساعدة الطبيب، باعتبار أنه أرخص من الذهاب إلى المسار العلاجي.