29-سبتمبر-2021

عانت محطات الوقود في بريطانيا من نقص مقلق في مخازينها (Getty)

ألتراصوت- فريق الترجمة

يتقاطر المواطنون في بريطانيا على محطات الوقود من أجل تعبئة خزاناتهم، في ظل أزمة نقص وقود استمرت لعدة أيام في مناطق مختلفة، حيث اصطف المواطنون في طوابير طويلة على تخوم المحطات من أجل تحصيل دور لتعبئة الوقود، في مشاهد تذكّر، مع اختلاف السياق والظروف، بأزمة الوقود التي ضربت لبنان مؤخرًا، وهو ما كان موضع تندّر ومفارقة بين رواد وسائل التواصل الاجتماعي العرب.

خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يعدّ عاملًا في الأزمة، ولكنّه ليس التفسير الوحيد لها

فيما يلي بيان لطبيعة الأزمة وأسبابها وتداعياتها: 

لم تعاني بريطانيا من نقص في الوقود؟

في لندن وأجزاء أخرى من بريطانيا، حذرت العديد من المحطات من اقتراب خزاناتها على النفاد، وأعلنت أنها على وشك أن تغلق بسبب عدم توفر ما يكفي من الوقود للزبائن. بالنسبة لعموم البريطانيين، الأزمة لم تذكّرهم بأزمات راهنة أخرى في دولٍ مثل لبنان وسوريا واليمن، ولكنّها أعادت إلى أذهان كثيرين منهم أزمة الطاقة في السبعينات، حين توقفت صادرات النفط إلى الدول المتقدمة من الشرق الأوسط. لكن الفرق كبير بين الحالتين، ففي الأولى كانت المشكلة تتعلق بنقص واردات الوقود، أما الأزمة الراهنة فتتعلق بنقص أعداد السائقين المؤهلين لأسطول شاحنات التوصيل لمحطات الوقود.

فسائقو الشاحنات عادة ما يكونون من كبار السنّ، والعديد منهم بلغ سنّ التقاعد. أما السائقون الجدد الذين ما يزالون في مرحلة التدريب، فالكثير منهم تأخروا في الحصول على الرخص التأهيلية، وذلك بسبب الظروف التي فرضتها الجائحة خلال العامين الماضيين. وقد اضطرت العديد من شركات الشحن إلى الإعلان عن زيادات في الأجور بنسب بلغت 25 بالمئة، من أجل تحفيز السائقين لديها على البقاء في العمل وعدم التقاعد.

وقد تسبب هذا النقص في أعداد السائقين المؤهلين كذلك بمشاكل للمطاعم وعدد من المصالح التجارية الأخرى التي تعتمد على سلاسل التوريد، حيث تناقصت توريدات الخضرة واللحوم وغيرها من متاجر الجملة التي توزّع على المطاعم الكبرى.

وقد أدّت هذه الحالة بمجملها إلى إرباك في عموم بريطانيا، حيث خشي المواطنون من نفاد الوقود لديهم، وتوقف قدرتهم على القيام بأعمالهم اليومية، وهو ما دفعهم إلى الذهاب إلى محطات الوقود لتأمين ما أمكن، وقد أدى ذلك إلى تفاقم المشكلة.

هل يمكن لوم "بريكسيت"؟

خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يعدّ عاملًا في الأزمة، ولكنّه بحسب نيويورك تايمز ليس التفسير الوحيد لها. فقد أسهم الانسحاب في مفاقمة أزمة العمالة في بريطانيا، ولكن ثمة أسباب أخرى لهذه المشكلة. فنقابة أصحاب شركات النقل البري في بريطانيا، تقدّر بأن البلاد تعاني من نقص يقدّر بحوالي 100،000 سائق، وتبلغ نسبة السائقين من خارج بريطانيا من هذا الرقم حوالي 20 بالمئة، وهم الذين لم يعودوا قادرين على العمل فيها بعد إتمام الانسحاب من الاتحاد الأوروبي.

وقد حاولت الحكومة البريطانية إلى تحسين ظروف العمل للسائقين وزيادة عدد ساعات عملهم وتسريع عملية استصدار الرخص لهم. كما أعلنت عن توفير 5000 تأشيرة دخول مؤقتة (3 شهور) لسائقي الشاحنات الأجانب، وتعليق تطبيق القواعد التي تمنع شركات البترول من تنسيق عمليات التوصيل وتسهيل وصولها إلى محطات الوقود.

إلا أن ذلك، بحسب مراقبين، قد لا يكون كافيًا لمعالجة الخلل في أعداد سائقي الشاحنات، وأعداد العمال الذين تحتاجهم في قطاعات أخرى. فقد عمل داخل بريطانيا حوالي 200،000 مواطن من الاتحاد الأوروبي، وهؤلاء غادروا خلال الجائحة، إضافة إلى آلاف قبلهم غادروا بريطانيا عائدين إلى دولهم داخل الاتحاد، بعد تصويت البريطانيين على قرار الانسحاب، وإعلان الحكومة البريطانية عزمها فرض قيود على هجرة العمالة من دول الاتحاد إلى بريطانيا. وقد أدى ذلك كلّه إلى بروز تحديات مباشرة عانت منها الشركات في العديد من القطاعات، بما فيها قطاع النقل البري، والضيافة، والخدمات، وغيرها. كما عبر العديد من الناس الذين تعتمد أعمالهم على القيادة، مثل سائقي سيارات الأجرة والتوصيل، عن قلقهم جراء الوضع الحاصل. وقد بدأت الأزمة تؤثر على قطاع التعليم، حيث قالت نقابة المعلمين إن أزمة الوقود قد تسبب بمشاكل جدّية للمعلمين والمعلمات، ودعت الحكومة إلى منحهم أولويّة في الوصول إلى الوقود.

 عبر العديد من البريطانيين الذين تعتمد أعمالهم على القيادة، مثل سائقي سيارات الأجرة والتوصيل، عن قلقهم جراء الوضع الحاصل

الجيش البريطاني جاهز للتدخّل

دعت الحكومة البريطانية المواطنين إلى تجنب الهلع والاطمئنان، وقالت إن ثمة مؤشرات على أن الوضع في طريقه إلى التحسّن نحو انفراج الأزمة والاستقرار. إلا أنه وفي حال تفاقمت المشكلة في توريدات الوقود، فإن الحكومة أعلنت عن جاهزية 150 سائقًا من الجيش البريطاني لدعم عمليات توصيل شحنات الوقود إلى المحطات.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

تيك توك يسجّل مليار مستخدم شهريًا في ظل اتهامات بتسهيله الوصول للمحتوى الجنسي

إهانة غير مباشرة أم تكتيك دبلوماسي.. لماذا لم تسحب فرنسا سفيرها من لندن؟