17-أبريل-2023
تسريبات البنتاغون

تكشف مثل هذه الوقائع حسب صحيفة بوليتيكو الأمريكية عن التحديات التي تواجه واشنطن في منطقة الشرق الأوسط

كشفت وثائق البنتاغون المسربة عن جانب من طبيعة الصراع بين الولايات المتحدة والدب الروسي على منطقة الشرق الأوسط. فقد كان مثيرا في هذا السياق حديث إحدى الوثائق المسربة عن دراسة القاهرة اقتراحا بـ "إرسال عشرات الآلاف من الصواريخ إلى موسكو" وتأكيد وثيقة أخرى بأن عملاء روسيا وجواسيسها يصنفون الإماراتيين بوصفهم "أفضل الأصدقاء الجدد"، وتأكيدهم أن "تل أبيب غير مستعدة لدعم كييف بشكل جاد في مواجهتها مع روسيا"رغم الضغوط الغربية المستمرة منذ بداية الحرب، وفي صدارتها الضغط الأمريكي.

تكشف مثل هذه الوقائع حسب صحيفة بوليتيكو الأمريكية عن التحديات التي تواجه واشنطن في منطقة الشرق الأوسط

وتكشف مثل هذه الوقائع حسب صحيفة بوليتيكو الأمريكية عن التحديات التي تواجه واشنطن في منطقة الشرق الأوسط في إطار تنافسها مع موسكو، حيث تؤكد الوثائق أن البيت الأبيض واجه ويواجه مشاكل فعلية في إقناع حلفائه في المنطقة بالوقوف ضد روسيا في عدة ملفات على رأسها الملف الأوكراني، وما ذلك حسب صحيفة بوليتيكو، إلا نتيجة لقلق تلك الدول المتزايد حيال الالتزام الأمريكي تجاه مصالحها وأمنها، وذلك على الرغم من النفي الذي دأبت عليه واشنطن للمعلومات التي تتحدث عن "تخليها عن منطقة الشرق الأوسط"، فمن خلال الوثائق المسربة يبدو أن تلك التأكيدات لم تنجح بطمأنة دول المنطقة التي "تبنت خيارات روسية" في ظل مخاوف تتعمق لديها "من فراغ بدأ ينشأ نظرا لغياب واشنطن"، وما التطورات الأخيرة بشأن التقارب بين السعودية وإيران وحلحلة الملف اليمني بوساطة صينية إلا مؤشر قوي يدعم مخاوف انسحاب الولايات المتحدة من الشرق الأوسط لصالح فاعلين دوليين على رأسهم بكين وموسكو.

أصوات من تحت الركام

وفي هذا الصدد نقلت بوليتيكو عن جون ألترمان المقرب من مسؤولي منطقة الشرق الأوسط بحكم  عمله السابق في وزارة الخارجية في عهد جورج دبليو بوش الإبن ونشاطه بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية قوله: "تتساءل جميع الدول في الشرق الأوسط الآن عما يعنيه أن تكون متحالفًا مع الولايات المتحدة، وما هي تكلفة التوافق مع الولايات المتحدة، وما إذا كانت هناك طرق لتكملة العلاقة مع الولايات المتحدة".

يضاف إلى التمدد الصيني نحو المنطقة، والذي ما يزال في مرحلة مبكرة، ما أحرزته روسيا من نقاط فعلية ونفوذ فعلي، حيث بات لدى موسكو وجود عسكري في سوريا ووجود عسكري غير مباشر في ليبيا عبر مليشيا فاغنر.

وللمفارقة أشارت بعض وثائق البنتاغون المسربة إلى أنه حتى دول الشرق الأوسط التي تحصل على مليارات الدولارات من المساعدات الأمنية الأمريكية "ليست على استعداد لاتباع نهج أمريكا بلا تردد" في إشارة إلى تل أبيب والقاهرة. وبالنسبة للقاهرة كشفت إحدى وثائق البنتاغون التي نشرتها صحيفة واشنطن بوست "أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أمر بإنتاج ما يصل إلى 40 ألف صاروخ بالإضافة إلى أسلحة أخرى لشحنها إلى روسيا". علما أن القاهرة تحصل على أكثر من مليار دولار من المساعدات العسكرية الأمريكية سنويا.

وثيقة ثانية نشرتها وكالة أسوشيتد برس، على صلة بالتنافس الأمريكي الروسي على دول الشرق الأوسط، تحدثت  عن أنّ ضباط المخابرات الروسية يتفاخرون بإقناعهم "دولة الإمارات العربية المتحدة بالعمل معا ضد وكالات المخابرات الأمريكية والبريطانية".

وضمن ذات السياق كشفت إحدى وثائق البنتاغون، اطلعت عليها صحيفة بوليتيكو "تفاوض أبوظبي مع شركة روسية لبناء مركز صيانة إقليمي لأنظمة الأسلحة الإماراتية".وحول هذه النقطة، ذكرت صحيفة بوليتيكو، أن سفير الإمارات في واشنطن لم يرد على طلبها للتعليق تأكيدا أو نفيا أو تبريرا.

يشار إلى أن إليزابيث روزنبرغ ، وهي مسؤولة في وزارة الخزانة الأمريكية، كشفت في شهر آذار/مارس الماضي أنه "بين حزيران/ يونيو وتشرين الثاني/نوفمبر من عام 2022، قامت الشركات الإماراتية بتصدير ما يزيد عن 5 ملايين دولار من البضائع ذات المنشأ الأمريكي والتي تسيطر عليها الولايات المتحدة إلى روسيا، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر أجهزة أشباه الموصلات، بعضها يمكن استخدامه في ساحة المعركة".

وبحسب، صحيفة بوليتيكو، فإن إدارة بايدن كانت تراهن على تقوية العلاقات بين إسرائيل والدول العربية (وهي علاقات وصلت إلى حد التكامل الاستراتيجي بين الإمارات وإسرائيل) من أجل التفرغ لمجابهة الصين وروسيا في مناطق أخرى من العالم خارج منطقة الشرق الأوسط التي يفترض أنها مضمونة أمريكيا، إلا أنّ إدارة بايدن تفاجأت بتقارب حلفائها مع خصومها "روسيا والصين".

بوليتيكو: راهنت إدارة بايدن على تقوية العلاقات بين إسرائيل والدول العربيةرمن أجل التفرغ لمجابهة الصين وروسيا في مناطق أخرى من العالم

ولفتت بوليتيكو إلى تذمر إدارة بايدن من حكومة تل أبيب، ففي حين سارعت إيران لدعم روسيا بالطائرات المسيرة، تلكّأت تل أبيب في دعم كييف بالأسلحة، في حين حاولت الرياض اللعب على الحبلين، فمن ناحية حافظت على علاقات ودية مع موسكو، ومن ناحية أخرى ساعدت الأوكرانيين بتعهدها بمئات الملايين من الدولارات كمساعدات إنسانية لكييف بما في ذلك تمويل إمدادات النفط. وفي هذا الصدد قال مسؤول أمريكي لبوليتيكو: "السعوديون يساعدون في إبقاء الأضواء مضاءة والوظائف الحيوية التي تعمل في أوكرانيا". وبالتالي كان موقف الإدارة الأمريكية تجاه الرياض أقل حدة مقارنة مع الموقف من إسرائيل.