09-يناير-2023
gettyimages

استخدام روسيا لحق النقض (الفيتو) ضد القرار 2165 الذي يرعى آلية المساعدات عبر الحدود ساهم في التقليل من فاعلية هذا الإجراء (Getty)

تنتهي يوم الثلاثاء 10 كانون الثاني/يناير، مهلة قرار تمديد آلية إدخال المساعدات الإنسانية إلى سوريا عبر معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا التي أقرت  في السادس من تموز/يوليو الماضي، بعد الاتفاق على تجديدها لمدة 6 أشهر بدلًا من عام كامل، بعد مساواة روسية على ذلك.

تنتهي يوم الثلاثاء 10 كانون الثاني/يناير، مهلة قرار تمديد آلية إدخال المساعدات الإنسانية إلى سوريا عبر معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا

وتضع فيه موسكو العراقيل أمام تجديد الآلية في مجلس الأمن بتلويحها بحق الفيتو لنقض أيّ قرار يقرّه المجلس في هذا الصدد، ويضع هذا التعطيل على المحك مصير أكثر من 2.4 مليون نسمة في الشمال السوري خلال فترة الشتاء القاسية خاصةً بالنسبة لمخيمات اللجوء والنازحين، في الوقت الذي تعيش فيه معظم المناطق في سوريا أزمة إنسانية خانقة، نتيجة ارتفاع أسعار المحروقات وانهيار سعر صرف الليرة أمام الدولار. فيما تسعى روسيا لتحقيق مكتسبات سياسية منها إدخال الأسد في العملية عبر دعمها آلية تقديم المساعدات عبر الخطوط بدلًا من تلك القائمة عبر الحدود.

ودقّت العديد من المنظمات الانسانية المحلية والإقليمية والدولية ناقوس الخطر محذرةً من عواقب وخيمة على حياة 4.1 مليون سوري في حال فشل مجلس الأمن في تمديد آلية إدخال المساعدات وتسليمها في مناطق شمال غربي سوريا عبر الحدود التركية، وبالتحديد عبر معبر باب الهوى.

وأصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، اليوم الاثنين، تقريرًا بعنوان "الفيتو الروسي لمنع دخول المساعدات الأممية العابرة للحدود غير قانوني ويهدف لنهب المساعدات الأممية"، وأشارت فيه إلى ضرورة إنهاء الابتزاز الروسي للمساعدات الأممية.

وقال مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني "يعتمد سكان شمال غرب سوريا على المساعدات الأممية العابرة للحدود بشكل جوهري، وتستغل روسيا ظروفهم القاسية لتتخذ منهم رهائن، وتبتز المجتمع الدولي للحصول على مكاسب مادية وسياسية". مضيفًا، "أكدنا منذ سنوات أنه يجب على المجتمع الدولي التخلص من الابتزاز الروسي للأبد، واتخاذ خطوة إدخال المساعدات الأممية الحيادية والضرورية دون الحاجة لإذن من مجلس الأمن".

getty

وفي سياق الردود المحذرة والمنتقدة لروسيا على تعطيل تمديد آلية إدخال المساعدات، اتهم الدفاع المدني السوري المعروف بـ"الخوذ البيضاء" روسيا بـ"استخدام الملف الإنساني لتعويم النظام السوري، واستخدام أموال الدول المانحة في إعادة إعمار مؤسساته".

ويأتي هذا الابتزاز، حسب "الخوذ البيضاء"، في وقت "تزداد فيه معاناة السوريين في ذروة فصل الشتاء، وضعف البنى التحتية، وغياب مقوّمات الحياة خاصةً في المخيمات، وتهديد الكوليرا حياة السكان وعودة انتشار كوفيد- 19، واستمرار الهجمات القاتلة من نظام الأسد وروسيا وتقويضها استقرار المدنيين".

وأضاف بيان الدفاع المدني السوري: "من المحبط لجميع السوريين أن يتحوّل ملف المساعدات الإنسانية إلى ورقة تفاوض على طاولة مجلس الأمن، وأن تُختزل قضية السوريين العادلة وتُحجّم بالبُعد الإنساني فقط وباستمرار إدخال المساعدات عبر الحدود".

مشدّدًا أي البيان على أنّ "الوصول إلى المساعدات الإنسانية بكرامة وبدون تَسييس هو حقّ أساسي لا يجب أن يخضع للتفاوض الدوري في مجلس الأمن". واعتبر البيان أنّ "مجرد قبول المجتمع الدولي بخضوع المساعدات الإنسانية للابتزاز من قبل نظام الأسد وروسيا، هو شرعنة واضحة لاستخدام المساعدات كسلاح".

getty

وتشترط روسيا، حسب مصادر سورية مطلعة، 3 شروط للموافقة على تجديد تفويض القرار 2642. يتعلق الشرط الأول باشتراك روسيا في الرقابة على المساعدات التي تدخل من تركيا عبر معبر باب الهوى، وتطالب روسيا في شرطها الثاني بتمويل دولي لإصلاح شبكة الكهرباء في مناطق سيطرة النظام السوري، وتخصيص المزيد من المشاريع لعمليات إعادة التعافي المبكر، في حين يشترط الثالث زيادة كمية المساعدات الداخلة عبر خطوط التماس بإشراف النظام.

وردًّا على "الابتزاز الروسي" طالب مشرعون في الكونغرس الأمريكي مجلس الأمن الدولي بتجاهل تهديدات روسيا وتجديد تفويض المساعدات إلى سوريا عبر الحدود التركية.

وفي هذا الصدد، نقلت وسائل إعلامية عن رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي، السيناتور جيم ريتش، قوله إن "على مجلس الأمن الدولي تجاهل تهديدات الرئيس الروسي بوتين بحق النقض، وتجديد الآلية الحيوية عبر الحدود في سوريا، من أجل وصول المساعدات الإنسانية". مضيفًا القول إنه على المجتمع الدولي أن "يلتزم مجددًا بتخفيف معاناة الشعب السوري على يد الأسد".

من جانبه، حذّر المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، يوم الأربعاء، من خطورة عدم تمديد آلية إيصال المساعدات الإنسانية عبر تركيا إلى شمال غربي سورية، والتي تنتهي مدتها في 10 يناير/ كانون الثاني الجاري. وقال دوجاريك، إن ملايين الأشخاص سيعانون في حال لم يمدد مجلس الأمن آلية إيصال المساعدات الإنسانية عبر تركيا إلى المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة شمال غربي سورية، مشيرًا إلى أن موقف الأمم المتحدة، قائلًا: "ظللنا واضحين جدًا بشأن الحاجة إلى تمديد الآلية. وإيصال المساعدات عبر الخطوط ضروري للغاية ونحن نواصل العمل في هذا الجانب".

 ودعا خبراء أمميون في مجال حقوق الإنسان إلى تجديد القرار الحالي بهدف توفير المساعدات الإنسانية إلى الأشخاص المحتاجين في شمال غرب سوريا. وأشاروا إلى أن النظم الصحية الضعيفة والهشة والمعطلة المصحوبة بحالات الطوارئ الصحية العامة المتزامنة والتحديات العديدة لا تؤثر فقط على الوصول إلى الخدمات الصحية وتوافرها وقبولها وجودتها في جميع أنحاء سوريا، بل تؤثر أيضا على الرفاه الجسدي والعقلي للمجموعات السكانية في الأوضاع الهشة.

وأضاف بيان الخبراء "لا يزال الوصول إلى الرعاية الصحية يمثل تحديًا للكثيرين، بسبب انعدام الأمن، وبُعد المسافة عن المرافق الصحية، والتحديات الأمنية التي تؤثر على حرية التنقل، والأعراف الأبوية، فضلًا عن العنف القائم على النوع الاجتماعي في المجالين الخاص والعام بما يؤثر بشكل غير متناسب على النساء والفتيات".

getty

والمساعدات تصل إلى حوالي 2.7 مليون سوري، يقدر أن 80% من هؤلاء الأشخاص هم من النساء والأطفال الذين يواجهون أعباء ومخاطر إضافية.

وقال بيان الخبراء "لمدة ثماني سنوات، سمح قرار مجلس الأمن الدولي، بشأن المساعدات عبر الحدود، بإيصال المساعدات المنقذة للحياة إلى شمال غرب سوريا على الرغم من القيود الحالية في نطاقه ومدته. تجديد القرار هو الحد الأدنى المطلوب للاستجابة للاحتياجات المتزايدة باستمرار ومواطن الضعف بالنسبة لملايين المدنيين في الشمال الغربي".

وأبدى خبراء الأمم المتحدة قلقًا عميقًا من أن الحرمان الناجم عن إنهاء عمليات الأمم المتحدة عبر الحدود سيؤدي إلى حدوث وفيات يمكن تفاديها.

يشار إلى أنه في 22 كانون الأول/ديسمبر 2022، تم الإبلاغ عن 28,359 حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا و522 حالة إصابة مؤكدة، بما في ذلك 15 حالة وفاة ذات صلة، في الشمال الغربي السوري.

وفي ورقة منشورة في معهد واشنطن، أشارت إلى أن روسيا تهدد باستخدام حق النقض (الفيتو) ضد القرار 2165 (وتكراراته اللاحقة) الذي يرعى آلية المساعدات عبر الحدود، سعيًا وراء أهدافها السياسية الخاصة، في كل مرة يطرح للتجديد، مما ساهم في التقليل من فاعلية هذا الإجراء، خاصةً بعد حصره في نقطة حدودية واحدة في آخر تجديد له.

روسيا تهدد باستخدام حق النقض (الفيتو) ضد القرار 2165 (وتكراراته اللاحقة) الذي يرعى آلية المساعدات عبر الحدود، سعيًا وراء أهدافها السياسية الخاصة، في كل مرة يطرح للتجديد، مما ساهم في التقليل من فاعلية هذا الإجراء

وتشير التوقعات إلى أن روسيا ستقوم بالموافقة على تجديد آلية المساعدات، لكن بعد الحصول على المزيد من المكتسبات السياسية التي قد يكون من بينها العمل على زيادة دور النظام السوري السياسي ضمن العملية، وزيادة عمليات الإنعاش المبكر في مناطق نفوذ النظام السوري التي تدعمها الأمم المتحدة، وذلك في ظل التلويح عالمي في إمكانية إيجاد آلية أخرى لتمرير المساعدات، مما يفقد روسيا أداة الضغط هذه.