21-فبراير-2024
طفل وسط الركام

(Getty) ارتكبت إسرائيل عدة مجازر وسط وجنوب قطاع غزة الليلة الماضية

لليوم الـ138، تواصل "إسرائيل" عدوانها على قطاع غزة وارتكاب المجازر بحق سكانه العزّل الذين لم يعد لديهم أي مكان يلجأون إليه، ويواجهون مزيجًا قاتلًا من الجوع والمرض الذي يهدِّد حياتهم وحياة أطفالهم الذين ارتفعت معدلات سوء التغذية بينهم.

وارتكب جيش الاحتلال الإسرائيلي، ليلة الثلاثاء - الأربعاء، عدة مجازر في مناطق متفرقة من قطاع غزة راح ضحيتها عشرات الشهداء والجرحى والمفقودين. 

واستُشهد الدكتور ناصر أبو النور، عميد كلية التمريض في الجامعة الإسلامية في غزة، و7 من أفراد أسرته، إثر قصف إسرائيلي استهدف منزله في حي الجنينة بمدينة رفح جنوب قطاع غزة.

وأفادت وسائل إعلام محلية باستشهاد وإصابة عدد من المواطنين جراء اقتحام قوات الاحتلال خيام النازحين في منطقة مواصي القرارة بخانيونس، مشيرةً إلى وصول ما لا يقل عن 6 شهداء من المنطقة إلى مستشفى النجار في رفح.

وقالت منظمة "أطباء بلا حدود" إن جيش الاحتلال استهدف ملجأ يؤوي موظفين في المنظمة وعائلاتهم في مدينة خانيونس، ما أدى إلى استشهاد اثنين منهم وإصابة 6 آخرين. 

استُشهد وأُصيب عشرات الفلسطينيين في عدة مجازر ارتكبها جيش الاحتلال في وسط وجنوب قطاع غزة الليلة الماضية

وارتقى 6 شهداء، وأُصيب آخرون، جراء قصف طيران الاحتلال سيارة في شارع أبو حسني بمدينة دير البلح وسط قطاع غزة. بينما استُشهد وأُصيب عدد من المواطنين إثر استهداف قوات الاحتلال منزلًا لعائلة "النويري" بمخيم النصيرات وسط القطاع.

وارتفع عدد ضحايا القصف الإسرائيلي المتواصل على مناطق وسط قطاع غزة، منذ مساء أمس الثلاثاء، إلى 52 شهيدًا وعشرات الجرحى بينهم أطفال ونساء. 

وبحسب آخر إحصائية صادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية بقطاع غزة، أمس الثلاثاء، فقد ارتفع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي المتواصل على القطاع إلى 29.195 شهيدًا و69.170 مصابًا.

وأفادت الوزارة، في بيان مقتضب عبر منصة "تلغرام"، بارتكاب جيش الاحتلال 9 مجازر خلال الساعات الـ24 الماضية راح ضحيتها 103 شهداء و142 مصابًا.

وقالت إنه لا يزال هناك العديد من الضحايا إما تحت الركام أو في الطرقات تمنع قوات الاحتلال وصول طواقم الإسعاف والدفاع المدني إليهم.

شراكة مباشرة في حرب الإبادة

وتأتي المجازر الإسرائيلية عقب ساعات قليلة على إفشال الولايات المتحدة مشروع قرار جزائري يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة.

وللمرة الثالثة منذ بدء الحرب قبل 138 يومًا، استخدمت الولايات المتحدة حق النقض "الفيتو" ضد مشروع قرار قدّمته الجزائر يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة لأسباب إنسانية. 

ويرفض مشروع القرار التهجير القسري للسكان المدنيين الفلسطينيين، وطالب بـ"الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن"، بالإضافة إلى امتثال جميع الأطراف في الحرب لالتزاماتها بموجب القانون الدولي، وفق ما ذكره موقع "أخبار الأمم المتحدة". 

وحصل المشروع على تأييد 13 عضوًا من أصل 15، فيما عارضته الولايات المتحدة الأمريكية باستخدام حق النقض "الفيتو"، وامتنعت المملكة المتحدة عن التصويت. 

وقالت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، خلال الجلسة، إن مشروع القرار المعروض على مجلس الأمن: "لن يحقق هدف السلام المستدام" بحسب زعمها. 

وأشارت غرينفيلد إلى مشروع قرار أمريكي يقترح وقفًا مؤقتًا لإطلاق النار في قطاع غزة، من المتوقع أن يُعرض للتصويت لاحقًا أمام مجلس الأمن، وزعمت أن المقترح: "سيُمكِّن من خلق مستقبل يعيش فيه الإسرائيليون والفلسطينيون جنبًا إلى جنب في سلام". 

وأعرب السفير الجزائري لدى الأمم المتحدة، عمار بن جامع، عن أسفه إزاء: "فشل مجلس الأمن مرة أخرى في أن يرتقي إلى مستوى نداءات الشعوب وتطلعاتها".

وقال خلال الجلسة إن: "هذا الفشل لا يعفيه من القيام بمسؤولياته، ولا يعفي المجموعة الدولية من واجباتها تجاه الشعب الفلسطيني الأعزل"، مؤكدًا أن رسالة بلاده هي أنه يتعين على المجموعة الدولية أن تتجاوب مع مطالب وقف القتل الذي يستهدف الفلسطينيين.

وأضاف أن: "على من يعرقل ذلك أن يراجع سياساته وحساباته لأن القرارات الخاطئة اليوم تحصد منطقتنا والعالم نتائجها غدًا، عنفًا وعدم استقرار"، وتابع: "اسألوا أنفسكم وضمائركم عن نتيجة قرارتكم وكيف سيحكم التاريخ عليكم".

من جهتها، أدانت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" استخدام الولايات المتحدة الأمريكية "الفيتو" ضد مشروع القرار، واعتبرت إفشاله تعطيلًا: "للإرادة الدولية خدمةً لأجندة الاحتلال النازي الرامية لقتل وتهجير أبناء شعبنا الفلسطيني".

وقالت الحركة، في بيان، إن: "الرئيس جو بايدن وإدارته يتحمّلون مسؤولية مباشرة عن عرقلتهم لصدور قرار بوقف العدوان على غزة".

وأضافت أن الموقف الأمريكي: "يُعد ضوءًا أخضرًا للاحتلال لارتكاب المزيد من المجازر، وقتل شعبنا الأعزل قصفًا وجوعًا، وشراكة مباشرة في حرب الإبادة التي يرتكبها ضد الأطفال والمدنيين العزّل في قطاع غزة".

نتنياهو يتوعّد بمواصلة الحرب على غزة

في الأثناء، توعّد رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بمواصلة الحرب على قطاع غزة، مشيرًا إلى أن تل أبيب لن تستجيب لأي ضغوط من الداخل أو الخارج لوقف الحرب قبل تحقيق أهدافها.

وقال نتنياهو، خلال زيارته لقاعدة "زيكيم" العسكرية شمال قطاع غزة: "هناك ضغوط كبيرة على إسرائيل من الداخل والخارج لوقف الحرب قبل أن نحقق جميع أهدافها، بما في ذلك صفقة بأي ثمن لإطلاق سراح المختطفين".

وأضاف: "لكننا لسنا مستعدين لدفع أي ثمن، وبالتأكيد ليس الثمن الواهم الذي تطالب به حماس الذي يعني هزيمة دولة إسرائيل".

وتابع: "نحن ملتزمون بمواصلة الحرب حتى تحقيق جميع أهدافها، أي القضاء على حماس وإطلاق سراح جميع المختطفين، وضمان أن غزة لن تشكل بعد تهديدًا لإسرائيل ولا توجد ضغوط يمكنها تغيير ذلك".

وكان وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، قد أعلن بدوره أن: "إعادة المختطفين ليست الشيء الأكثر أهمية، وإنما تحقيق النصر على حماس".

المجاعة تتعمق في شمال قطاع غزة

ومع استمرار الحرب، تزداد الأزمة الإنسانية في قطاع غزة سوءًا، سيما في محافظة شمال غزة التي أعلن "برنامج الأغذية العالمي، أمس الثلاثاء، إيقاف تقديم المساعدات الحيوية إليها إلى حين: "توفر الظروف الآمنة". 

وقال البرنامج، في بيان نشر على حسابه في منصة "إكس"، إنه لم يتخذ قرار وقف تقديم المساعدات إلى شمال قطاع غزة بسهولة. وأضاف: "هذا يعني أن الوضع هناك سوف يزداد سوءًا وسيتعرض المزيد من الناس لخطر الموت جوعًا".

وتابع البيان: "برنامج الأغذية العالمي مصمم بخصوص الوصول بشكل عاجل للناس العاجزين في غزة، إلا أنه يجب ضمان الأمن اللازم لتوصيل المساعدات الغذائية الحيوية إلى أولئك الذين يستفيدون منها". 

وأكد أن الأوضاع في شمال قطاع غزة تدهورت بسرعة بعد تسليم المساعدات إلى المنطقة نهاية كانون الثاني/يناير الفائت، لافتًا إلى أن التقارير الأخيرة تؤكد: "أن غزة تنساق بسرعة إلى الجوع والمرض، حيث أصبح الغذاء والمياه النظيفة نادرين بشكل لا يصدق، وتتفشى الأمراض".

وأردف: "هذا الوضع يضر بتغذية ومناعة النساء والأطفال ويؤدي إلى زيادة سوء التغذية الحاد، ويموت الناس بالفعل لأسباب تتعلق بالجوع". 

وبينما أكد البيان أن البرنامج سيسعى إلى استئناف عمليات تقديم المساعدات في أقرب وقت ممكن، فإنه شدّد كذلك على وجود: "حاجة ملحة لتوسيع تدفق المساعدات إلى غزة على نطاق أكبر لمنع حدوث كارثة".

وأوضح أن ذلك يتطلب وصول: "كميات أكبر من المواد الغذائية إلى غزة ويجب أيضًا فتح نقاط العبور في شمالي القطاع".

واعتبر المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أن قرار البرنامج هو حُكم: "بالإعدام والموت على ثلاثة أرباع مليون إنسان"، مؤكدًا أنه: "يزيد من تدهور الأوضاع الإنسانية بشكل مضاعف". 

وطالب البيان مؤسسات الأمم المتحدة: "بالعودة للعمل في محافظتي غزة وشمال غزة بشكل عاجل وبدون تردد، بدلًا من التنصل والهروب من مسؤولياتها وتكليفاتها الدولية واجبة التنفيذ".

وحمّلها كذلك: "المسؤولية الكاملة عن التقصير الواضح في أداء عملها المكلفة بها"، وكذلك مسؤولية: "النتائج الكارثية للمجاعة التي تتعمق في قطاع غزة". 

مقتل جندي إسرائيلي وإصابة آخرين

أما على صعيد الأوضاع الميدانية، فلا تزال المعارك مستمرة بين قوات الاحتلال وفصائل المقاومة الفلسطينية في مختلف محاور القتال في قطاع غزة، سيما في حي الزيتون شرق مدينة غزة الذي شهد معارك عنيفة خلال الساعات القليلة الماضية.

وأعلن جيش الاحتلال، صباح اليوم الأربعاء، مقتل جندي وإصابة 3 بجروح خطيرة خلال المعارك الدائرة في قطاع غزة، وذلك في بيان قال فيه: "الرقيب أفراهام فوفاجين، 21 عامًا في الكتيبة 932 لواء ناحال، قتل في معركة بشمال قطاع غزة".

وبحسب ما هو منشور على موقعه الإلكتروني، فقد ارتفع عدد قتلى جيش الاحتلال إلى 576 ضابطًا وجنديًا منذ بداية الحرب على غزة في 7 تشرين الأول/أكتوبر الفائت، بينهم 238 قُتلوا منذ بداية العملية البرية في 27 من الشهر نفسه.

وكانت "كتائب القسام"، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، قد أعلنت أمس الثلاثاء تدميرها 4 آليات إسرائيلية بشكل شكلي أو جزئي، وإيقاعها 13 ضابطًا وجنديًا بين قتيل وجريح، واستهدافها قوة راجلة بعبوة مضادة للأفراد. 

وقالت إنها دكت قوات الاحتلال المتوغلة في منطقة الكتيبة غرب مدينة غزة بقذائف الهاون، وقصفت مقرات القيادة الميدانية والتحشدات العسكرية بصواريخ قصيرة المدى.