20-فبراير-2024
الدمار في قطاع غزة

(Getty) شهدت مدينة غزة ليلة من أكثر ليالي الحرب رعبًا

تدخل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة يومها الـ137 على وقع دعوات متزايدة لوقف إطلاق النار في القطاع المنكوب، إذ طالب 26 من أعضاء الاتحاد الأوروبي، من أصل 27 بسبب امتناع المجر عن التصويت، بـ"هدنة إنسانية فورية تؤدي إلى وقف مستدام لإطلاق النار في غزة"، كما دعوا إسرائيل لعدم مهاجمة رفح.

وأعلنت الولايات المتحدة أنها اقترحت مشروع قرار لمجلس الأمن الدولي يدعو إلى وقف مؤقت لإطلاق النار في غزة، ويعارض شن أي هجوم بري إسرائيلي كبير على مدينة رفح جنوب القطاع.

وكانت واشنطن قد أعلنت أنها ستستخدم حق النقض "الفيتو"، اليوم الثلاثاء، ضد مشروع قرار صاغته الجزائر يطالب بوقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية. وزعمت أن قرارها يتعلق بمخاوف: "من أنه قد يقوض المحادثات بين الولايات المتحدة ومصر وإسرائيل وقطر التي تسعى إلى التوسط في وقف الحرب وإطلاق سراح المحتجزين لدى حماس".

قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" إن واحدًا من بين كل 6 أطفال في شمال غزة يواجه سوء التغذية الحاد

وبحسب التقارير، فإن مشروع القرار الأمريكي ينص على أنْ: "يؤكد مجلس الأمن دعمه لوقف مؤقت لإطلاق النار في غزة في أقرب وقت ممكن، استنادًا إلى صيغة إطلاق سراح جميع الرهائن، ويدعو إلى رفع جميع العوائق التي تحول دون تقديم المساعدات الإنسانية على نطاق واسع".

ويؤكد على أنه: "في ظل الظروف الحالية، فإن أي هجوم بري كبير على رفح سيلحق المزيد من الأذى بالمدنيين وقد يؤدي لنزوحهم إلى دول مجاورة".

ليلة دموية في مدينة غزة

في غضون ذلك، تواصل "إسرائيل" قصفها على قطاع غزة مخلّفةً عشرات الشهداء والجرحى والمفقودين. وكان جيش الاحتلال قد أعلن مساء الإثنين، أن طيرانه الحربي استهدف 29 ألف هدف في قطاع غزة منذ بداية الحرب في السابع من تشرين الأول/أكتوبر الفائت.

ونشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" بيانات لجيش الاحتلال حول نشاطات سلاح الجو، جاء فيها أن طائراته هاجمت حوالي 26 ألف هدف باستخدام المقاتلات الحربية، ونفدت 3800 هجوم باستخدام طائرات الهليكوبتر الحربية ونحو 3800 هجوم بالطائرات المسيّرة.

وشهدت مدينة غزة ليلة الإثنين – الثلاثاء واحدة من أكثر ليالي الحرب رعبًا، لا سيما حي الزيتون جنوب شرق المدينة الذي تعرّض لقصف مدفعي عنيف استمر لعدة ساعات، بينما شنّت الطائرات الحربية سلسلة غارات وأحزمة نارية أسفرت عن استشهاد وإصابة العشرات.

وأطلقت مروحيات الاحتلال النار بكثافة على حي الزيتون والمناطق الشرقية من مدينة غزة. وأفادت وسائل إعلام محلية بسماع أصوات انفجارات عنيفة ووقوع مواجهات ضارية بين قوات الاحتلال وفصائل المقاومة الفلسطينية في شارعي 8 وصلاح الدين وأماكن أخرى في الحي نفسه.

واستُشهد 5 فلسطينيين، وأُصيب 3 آخرون، إثر قصف قوات الاحتلال منزلًا في حي الصبرة جنوب مدينة غزة. وأسفرت غارة إسرائيلية على منزل في حي بشارة بمدينة دير البلح، وسط القطاع، عن استشهاد 3 فلسطينيين. واستُشهد فلسطيني في منطقة عبسان الكبيرة شرق خانيونس، جنوب القطاع، إثر قنصه من قبل جنود الاحتلال.

وأفادت وسائل إعلام بوصول 7 شهداء و17 مصابًا، منذ يوم أمس الإثنين، إلى مستشفى غزة الأوروبي شرق محافظة خانيونس. وبحسب آخر إحصائية صادرة عن وزارة الصحة بغزة، فقد ارتفع عدد ضحايا العدوان المتواصل على القطاع منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، إلى 29.092 شهيدًا و69.028 مصابًا حتى ظهر أمس الإثنين.

وفي بيان مقتضب عبر "تلغرام"، أعلنت الوزارة ارتكاب قوات الاحتلال 9 مجازر بحق المدنيين في القطاع، خلال الساعات الـ24 الماضية، راح ضحيتها 107 شهداء و145 مصابًا. كما أشارت إلى أن العديد من ضحايا القصف لا يزالون تحت الركام أو في الطرقات تمنع قوات الاحتلال وصول طواقم الإسعاف والدفاع المدني إليهم.

أطفال غزة في مواجهة المجاعة

إنسانيًا، لا تزال الأزمة قائمة وتزداد سوءًا يومًا بعد آخر، لا سيما في شمال قطاع غزة حيث قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" إن واحدًا من بين كل 6 أطفال هناك يواجه سوء التغذية الحاد.

وأوضحت، في تقرير نشرته الإثنين، أن الوضع في قطاع غزة خطير جدًا، سيما شمال القطاع الذي أكدت أن المساعدات انقطعت عنه بشكل شبه كامل منذ أسابيع، لافتةً إلى أن فحوصات التغذية التي أجريت في مراكز الإيواء والمراكز الصحية في المنطقة، أظهرت أن 1 من كل 6 أطفال دون سن الثانية يعانون من سوء التغذية الحاد.

وأشارت المنظمة إلى أن النسبة المذكورة تعادل 15.6 بالمئة من الأطفال شمال قطاع غزة، وأن من بين هؤلاء يعاني ما يقرب من 3 بالمئة من الهزال الشديد الذي يشكّل تهديدًا للحياة، محذّرةً من أن هؤلاء الأطفال سيواجهون مضاعفات طبية والوفاة ما لم يتلقوا علاجًا عاجلًا.

وأكدت المنظمة أن الارتفاع الحاد في سوء التغذية بين الأطفال والنساء الحوامل والمرضعات يشكل تهديدًا خطيرًا على صحتهم مع استمرار الحرب المدمرة في قطاع غزة.

ولفتت أيضًا إلى أن ما لا يقل عن 90 بالمئة من الأطفال دون سن الخامسة في غزة مصابون بأمراض معدية، مقابل 70 بالمئة أصيبوا بالإسهال في الأسبوعين الماضيين، بزيادة قدرها 23 ضعفًا مقارنةً بعام 2022.

وقال تيد شيبان، نائب المدير التنفيذي للمنظمة، إن غزة على وشك أن تشهد: "انفجارًا في وفيات الأطفال التي يمكن تفاديها، الأمر الذي من شأنه أن يضاعف مستوى وفيات الأطفال الذي لا يطاق بالفعل"، مذكّرًا بأن "اليونيسف" حذّرت سابقًا من أن القطاع على: "شفا أزمة تغذية".

كما حذّر من أنه إذا لم تنته الحرب الآن، فإنه: "سيستمر تدهور تغذية الأطفال، مما يؤدي إلى وفيات يمكن الوقاية منها أو مشاكل صحية ستؤثر على أطفال غزة مدى الحياة ولها عواقب محتملة عبر الأجيال".

وقال المدير التنفيذي لبرنامج الطوارئ الصحية التابع لمنظمة الصحة العالمية مايك رايان: "الجوع والمرض مزيج قاتل. الأطفال الجائعون والضعفاء والمصابون بصدمات نفسية أكثر عرضة للإصابة بالمرض، ولا يستطيع الأطفال المرضى، خاصة المصابين بالإسهال، امتصاص العناصر الغذائية بشكل جيد. إنه أمر خطير ومأساوي ويحدث أمام أعيننا".

العملية الإسرائيلية المحتملة في رفح

أما بشأن رفح، فقد أفاد موقع "واللا" العبري بأن الهجوم الذي يعتزم جيش الاحتلال شنّه على المدينة لن يكون قبل منتصف نيسان/أبريل وفق كبار المسؤولين الإسرائيليين والأمريكيين، لافتًا إلى أن مستشار الرئيس الأميركي جو بايدن لشؤون الشرق الأوسط سيصل إلى "إسرائيل"، الخميس، لبحث العملية العسكرية.

في الأثناء، تتواصل التحذيرات من خطورة العملية على المدينة المكتظة بالنازحين، حيث حذّرت سيغريد كاغ كبيرة منسقي الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة، من أن عواقب الهجوم على المدينة ستكون كارثية على المدنيين.

وأكد منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام بالشرق الأوسط، تور وينسلاند، الإثنين، أن العملية المرتقبة في رفح قد تؤدي إلى وضع أكثر خطورة في غزة.

أما بالنسبة للوضع الميداني في القطاع، فقد شهدت مدينة غزة الليلة الماضية وصباح اليوم مواجهات عنيفة بين فصائل المقاومة الفلسطينية وقوات الاحتلال تركّز معظمها في حي الزيتون جنوب شرق المدينة.

وأعن جيش الاحتلال، صباح اليوم، مقتل جندي متأثرًا بجراحه الخطيرة التي أُصيب بها في معارك غزة، ليرتفع بذلك عدد قتلاه المعلن عنهم رسميًا إلى 575 ضابطًا وجنديًا منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الفائت، بينهم 236 منذ بداية العملية البرية في السابع والعشرين من الشهر نفسه.