06-يونيو-2021

مدرّب إسبانيا خوسيه فيلالونجا يحنفل بالكأس محمولًا على الأكتاف (Getty)

استضافت إسبانيا النسخة الثانية من كأس أمم أوروبا "يورو 1964"، واتّسمت هذه البطولة باتّساع عدد المنتخبات المشاركة في التصفيات، فشارك جميع الكبار باستثناء ألمانيا الغربيّة، ليخوض غمار الأدوار الأولى 29 فريقًا، سيلعبون فيما بينهم بنظام الذهاب والإياب، حتّى يتقلّص عددهم إلى أربع منتخبات، سيتجمّعون في إسبانيا وفق النظام نفسه الذي اعتُمد في النسخة الأولى واستضافتها فرنسا، وتوّج بها الاتحاد السوفييتي بطلًا للقارّة العجوز.

انسحبت اليونان من التصفيات بعد أن وضعتها القرعة أمام البوسنة، في وقت يعيش فيه البلدان أزمة سياسيّة فيما بينهما، ووضعت القرعة منتخب إنجلترا بمواجهة فرنسا، الإنجليز رفضوا المشاركة في النسخة الأولى لأنها بطولة حسب ظنّهم لا تعني لهم الكثير، تنازلوا هذه المرّة وشاركوا في التصفيات، لكنّهم تلقّوا صفعة كبرى بخروجهم من الدور الأوّل، بعد تعادل في ملعبهم وخسارة في فرنسا، ضربة قويّة لكبرياء منتخب الأسود الثلاثة، والذي سيستضيف كأس العالم بعد سنتين فقط، توّج بها الإنجليز لاحقًا في ملعب ويمبلي الشهير.

اشترطت إسبانيا تجنيبها مواجهة السوفييت من أجل السماح باستضافتها، ومع ذلك التقى الفريقان في النهائي الذي حضره أكثر من 105 آلاف متفرّج

من مفاجآت التصفيات كان خروج وصيف مونديال 1962 وثالث النسخة الأولى من اليورو منتخب تشيكوسلوفاكيا، لقد ودّعت التصفيات بأقدام لاعبي ألمانيا الشرقيّة، فيما ودّعت إيطاليا المسابقة بعدما أطاح بها الاتحاد السوفييتي حامل اللقب من التصفيات، بالعموم بلغت أربع فرق مربّع الكبار، وهي منتخبات الاتحاد السوفييتي وإسبانيا والمجر والدانمارك.

واجه الاتحاد السوفييتي منتخب الدانمارك في نصف النهائي الذي تمّ خوضه في استاد الكامب نو، لم يتعذّب حامل اللقب كثيرًا في بلوغ المباراة النهائيّة، اكتسح رفاق المهاجم أولي مادسن بثلاثة أهداف نظيفة، بعكس أصحاب الأرض الذين ذاقوا الأمرّين قبل الوصول إلى النهائي، حيث تقدّمت إسبانيا أوّلًا على المجر، بيد أن الضيوف سجّلوا هدف التعديل قبل نهاية المباراة بخمس دقائق، ومع تمديد اللقاء لوقتين إضافيين تجنّبت إسبانيا خروجًا مهينًا على أرضها، وسجّلت هدف الفوز في الدقيقة 115 أمام 125 ألف متفرج، لتضرب موعدًا مع الاتحاد السوفييتي في المباراة النهائيّة.

قبل خوض المباراة النهائيّة بيوم واحد، لعبت المجر مع منتخب الدانمارك في ملعب الكامب نو، من أجل حسم هوية صاحب المركز الثالث، وتغلّبت المجر على الدانماركيين بثلاثيّة لهدف، لكنّ الأذهان جميعها بقيت مشغولة بملعب سانتياغو بيرنابيو، والذي سيحتضن في اليوم التالي النهائي المرتقب بين إسبانيا والاتحاد السوفييتي.

اقرأ/ي أيضًا: النسخة الأولى من كأس أمم أوروبا.. العنكبوت السوفييتي ياشين يمنح بلاده الكأس

قبل أربع سنوات فقط، أستبعدت اللجنة المنظّمة منتخب إسبانيا من النسخة الأولى، بسبب رفض الزعيم فرانكو منح اللاعبين السوفييت تأشيرات لدخول البلاد، لأسباب سياسيّة تتعلّق بالحرب الأهليّة الإسبانيّة وتدخّل السوفييت فيها، لكنّ إسبانيا حينما رغبت باستضافة النسخة الثانية من اليورو، وضعت اللجنة المنظّمة شرطًا يتمثّل بقبول استضافتها الاتحاد السوفييتي فيما لو بلغ حامل اللقب مربّع الكبار، وافقت إسبانيا على ذلك بشرط تجنّب مواجهتها للسوفييت، ففي كلّ دور يتمّ إجراء فيه القرعة، تضع اللجنة المنظّمة بالحسبان عدم السماح للاتحاد السوفييتي بمواجهة إسبانيا.

وفق هذه المعطيات، سيكون من الصعب جدًّا على إسبانيا تقبّل الخسارة أمام الاتحاد السوفييتي في النهائي أمام أنظار فرانكو، هي هزيمة رياضيّة ونكسة سياسيّة في الوقت نفسه، لكنّ الزعيم فرانكو استقبل الوفد السوفييتي بحفاوة بالغة أمام أنظار قرابة 105 آلاف متفرّج، بل  أدّى التحيّة للعلم السوفييتي الأحمر، وهو أمر قد ساهم بشكل أو بآخر في تخفيف الحمل على اللاعبين الإسبان، الخسارة قد لا تضعهم تحت مقصلة الديكتاتور.

افتتح خيسوس ماريا بيريدا أهداف المباراة النهائيّة بالدقيقة السادسة، هدف بيريدا أتى كالماء البارد بالنسبة لأصحاب الأرض الذين تقدّموا على السوفييت مبكّرًا، بهدف هو الأسرع في تاريخ نهائيات اليورو، لم ينجح أحد بعد في تسجيل أي هدف في النهائي قبل الدقيقة السادسة، لكنّ السوفييت احتاجوا بعد ذلك لدقيقتين فقط من أجل إسكات 105 آلاف مشجّع، حينما سجّل هدف التعديل جاليمزيان خوسانيوف بالدقيقة الثامنة.

 وقبل نهاية المباراة بستّ دقائق فقط، سجّل مارتينيز كاو هدف البطولة لأصحاب الأرض، لتتوّج إسبانيا باللقب أمام أنظار فرانكو، والذي شاهد فريقه يحمل الكأس على حساب السوفييت، فأيّ لحظة أجمل من تلك، لقد سبّب الأسى للسوفييت من باب كرة القدم، وألحق منتخب بلاده الهزيمة الأولى لهم في تاريخ المسابقة، لم يغلبهم أحد سابقًا في أي لقاء بالتصفيات أو النهائيات  خلال النسختين الأولى والثانية، فعلتها إسبانيا في السانتياغو بيرنابيو.

 

اقرأ/ي أيضًا:

بطولة اليورو وحكاية البدايات.. الحلم يتحقّق بعد طول انتظار

يورو 1960.. 15 معلومة غريبة من النسخة الأولى