09-يناير-2016

الوزير الناجي جلول

الناجي جلول وزير التربية في حكومة الصيد، الذي يعتبره العديد من المتابعين للشأن السياسي في تونس من أكثر الوزراء نجاحًا وشعبية، بل وأعلنت "سيغما كونساي"، في إحدى نتائج سبر الآراء أن جلول يحتل المرتبة الأولى من حيث رضى الشعب عن إنجازاته.

حصر الناجي جلول مطالب المعلمين في زيادة الأجور، متناسيًا المطالب المعنوية الأخرى، وأبرزها إصلاح المنظومة التربوية

حين تسلم الناجي جلول وزارة التربية، كانت "الحرب" مشتعلة بين نقابات التعليم الثانوي والأساسي وبين الوزارة. العشرات من المشاكل التي يعيشها التعليم في تونس، مستحقات مادية متخلدة بذمة الوزارة لصالح الأساتذة والمعلمين منذ سنوات. اتفاقيات لم يتم تفعيلها، تفشي ظاهرة العنف ضد المربين، إضافة إلى الظروف المادية السيئة للمربين الذين كانوا القطاع الوحيد الذي لم يطالب برفع أجورهم طيلة الثلاث السنوات التي تلت الثورة. 

هذه في المجمل أبرز المطالب التي تقدمت بها نقابات التعليم، في المقابل كان تناول جلول ووزارته لهذه المطالب تناولًا غير مسؤول اتسم باللامبالاة والتعنت الذي بلغ درجة السخرية، حين أعلن عن أن الزيادة في الأجور بالنسبة للأساتذة لا يمكنها أن تتجاوز ثلاثة دنانير شهريًا!! ومن ثمة شن حملة تشويه كبيرة بمعية إعلام استبطن عداءه لرجال التعليم ليتحول جلول إلى "نجم" الحوارات التلفزية التي اتخذها منبرًا لسب الأساتذة، والتطاول عليهم وحشد الرأي العام، خاصة الأولياء والتلاميذ، ضد المربين وضد مطالبهم التي تعمّد حصرها في زيادة الأجور، متناسيًا المطالب المعنوية الأخرى وأبرزها إصلاح المنظومة التربوية.

بعد مفاوضات بين نقابة التعليم الثانوي والوزارة، أمضى الطرفان على اتفاقية السادس من نيسان/أبريل 2015، رأت فيها النقابة انتصارًا تاريخيًا، بينما اعتبرها عموم الأساتذة لا ترقى إلى مستوى انتظاراتهم، بل ذهب البعض إلى عدها مهزلة ليس غير. أما الناجي جلول فقد خرج من هذه المعركة خروج الأبطال أمام الحكومة والأولياء والتلاميذ، ليواصل مشوار البطولة الزائفة ويوجه فوهات بنادقه نحو المعلمين الذين انسدت أمامهم أفق الحوار، ليعلنوا مقاطعتهم لامتحانات الثلاثي الأخير، فلم يكن لجلول إلا إقرار النجاح الآلي الذي دعمه قرار المحكمة الإدارية.

كل المتابعين للشأن التربوي في تونس يجزمون بأن كل قرارات الوزير لا تصب إلا في خانة عداوة الأساتذة، ولا علاقة لها بمصالح التلاميذ، وأكبر دليل مشروع إصلاح التعليم الذي دعى إليه، والذي لا يرقى إلى أن تكتب حوله حتى "تغريدة" على وسائل التواصل. آخر شطحات "بطل الورق" هو إعلانه إلغاء الأسبوع المغلق، القرار الذي رفضه الأساتذة والتلاميذ على حد السواء وتشبث به الوزير فقط.

لا تصب قرارات الوزير الناجي جلول إلا في خانة عداوة الأساتذة، ولا علاقة لها بمصالح التلاميذ

نتائج الثلاثي الأول هزيلة وكارثية على كل المستويات، خاصة لأقسام الباكالوريا الأكثر تضررًا من هذا القرار. وردة فعل الوزير أمام الفضيحة التي تسبب فيها هو دعوته إلى دمج الثلاثيتين الثانية والثالثة للخروج بأخف الأضرار ودفن جريمته بحق التعليم والتلاميذ، واستنجد بنقابة التعليم الثانوي لإنقاذه والبحث عن مخرج من الورطة التي وقع فيها. قرار الدمج سيكون جريمة أخرى في حق التلاميذ أشد بشاعة من سابقتها، وهو قرار يرفضه الأساتذة والتلاميذ.

لو كان الناجي جلول يمتلك قليلًا من المسؤولية ومن الاحترام لبادر بتقديم استقالته وغادر الوزارة في صمت، ولكن يبدو أنه لم يفهم بعد أن لا علاقة له بالبطولات ولا الإنجازات. المؤسف في الأمر أن كرسيًا كان يجلس عليه محمود المسعدي، بات يجلس عليه دخيل على التربية أولًا والتعليم ثانيًا؛ الناجي جلول.

اقرأ/ي أيضًا: 

طلب الزواج في الجامعة.. جرأة أم وقاحة؟

جامعي/ة في المغرب.. إذًا أنت عاطل/ة عن العمل!