04-ديسمبر-2015

الانجازات فردية حتى الآن (متن بالا/ الأناضول/Getty)

23 ذهبية و24 فضية و47 برونزية هي حصيلة الميداليات العربية في 20 دورة أولمبية مضت. هذا الرصيد المتدني جدًا من الإنجازات لـ 22 دولة والذي تجاوزته العديد من الدول في دورة أولمبية واحدة فقط يعكس الأزمة الحقيقية للرياضة العربية. فالميداليات حصدت في ألعاب فردية، فيما ما زالت الألعاب الجماعية خارج دائرة الألقاب.

في عام 1928، وقف سيد نصير ومصطفى إبراهيم يؤديان التحية للعلم المصري بعد فوزهما بأول ذهبيتين عربيتين في تاريخ الأولمبياد في لعبتي رفع الأثقال والمصارعة الرومانية. وفي الوقت الذي حققت فيه ألعاب القوى 12 ذهبية للعرب على مدى 20 عامًا، يصحّ القول إن هذه الميداليات جاءت نتيجة صدفة تواجد لاعبين موهوبين في موقعهم الرياضي المناسب. فقياس مدى التطور الرياضي يتّسم باستمرارية الإنجاز وليس بمجرد تحقيقه وبالتالي تتالي الأجيال التي تستطيع المحافظة على الحد الأدنى من الأداء. لكن في حالة الرياضة العربية فإن الوضعية أكثر فردية والنجاح يُعد فرديًا رغم رفع العلم وصوت النشيد الوطني للبطل.

في عام 1928 وقف سيد نصير ومصطفى إبراهيم يؤديان التحية للعلم المصري بعد فوزهما بأول ذهبيتين عربيتين في  الأولمبياد

إن الصورة الأكثر وضوحًا لحقيقة غياب التنظيم الرياضي العربي تظهر في الرياضات الجماعية فيصبح وصول منتخب عربي مثلًا إلى بطولة كأس العالم هو الإنجاز وليس الفوز بالكأس، ويعكس تدني الطموحات الوضعية السيئة للرياضة العربية الجماعية. ولذلك اضطر العرب للانتظار حتى عام 2014 للوصول إلى نهائي بطولة عالم في الألعاب الجماعية، وتحقق ذلك على يد المنتخب القطري في بطولة كرة اليد ولكن المفارقة أن هذا الإنجاز الذي تحقق بعد 100 عام من انطلاق أول ألعاب أولمبية.

في سياق مواز، حاول العرب تحقيق الانجازات الرياضية عبر ادارة أندية أوروبية في كرة القدم. وفي الوقت الذي يملك متمولين عرب أهم أندية العالم في إنكلترا وفرنسا وقادرين على التأثير في سياسة فرق كبيرة كبرشلونة، وجذب اللاعبين الأوروبيين إلى بعض الفرق لإنهاء مسيرتهم فيها مثل تشافي الذي التحق بالسد القطري، لا يتوافر في العالم العربي عمل حقيقي على تكوين منظومة رياضية كاملة قادرة على تحقيق إنجازات مستمرة، حتى إن منتخبات الإمارات والسعودية وقطر التي تملك أندية في أوروبا لم تستطع التأهل إلى نهائيات كأس العالم 2014، ما يحدث سجالًا كبيرًا في هذه البلاد، رغم توافر المواهب.

تاريخيًا، يعد أقصى إنجاز حققه العرب في كرة القدم كان وصول كل من السعودية والمغرب والجزائر إلى الدور الـ 16. وفي كأس العالم في البرازيل في عام 2014 ظهر ضعف المنتخب الجزائري اللياقي قبل مغادرته البطولة أمام ألمانيا، مما يؤكّد ضعف التحضير لجهة توفّر الركيزة البدنية الأساسية التي تساعد المهارة، وهو ما يُعد نقص في المنظومة الكاملة منذ الصغر.

في الوقت الذي يملك متمولون عرب أهم أندية العالم في إنكلترا وفرنسا لا يتوافر في العالم العربي عمل لتكوين منظومة رياضية

تتشابك الأسباب التي تؤدي إلى الاخفاق الرياضي العربي في الألعاب الجماعية، والحجة المادية لم تعد مهمة، إلا في بعض الدول التي لم يدخل نظام الاحتراف إليها مثل لبنان وسوريا والعراق، ولم يعد مقبولًا ضخ الأموال في اتجاهٍ خاطىء. فالتوجيه الرياضي هو كأي توجيه علمي يجب أن يبدأ منذ الصغر. وثقل الموهبة الرياضية لا يتم عن طريق احتكاكها بلاعبين أجانب كبار فقط وإنما يحتمل تكوين العقلية المهنية الرياضية وتأمين الاستمرارية المادية، والعمل البدني العلمي. ومفاتيح النجاح هذه ليست مستحيلة، فالمغربية نوال المتوكل فازت بذهبية 400 متر في أولمبياد 84 والجزائري رابح ماجر سجل هدفًا بكعب القدم في دوري أبطال أوروبا والسورية غادة الشعشاع حققت الذهبية الوحيدة لبلادها في رياضة السباعية في عام 1996. لذلك يبقى العمل هو المقياس الأساس والنجاح الفردي قابل للتعميم لكن يحكمه شرطان أساسيان الإرادة والتنظيم، والمستقبل ليس بعيدًا.


إقرأ/ي أيضًا:
رهانات على أقدام لاعبين في ملاعب بعيدة
عندما توحد كرة القدم الشعب الموريتاني