18-سبتمبر-2015

لا يتوقف الإحتلال عن التنكيل بأراضي الفلسطينيين على حدود قطاع غزة (Getty)

تعيش المناطق الحدودية في قطاع غزة حالة توتر وجبهة مفتوحة على الرغم من التهدئة التي تم التوصل إليها بين الفصائل الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، قبل نحو عام. وسقط خلال عمليات الخروقات الإسرائيلية عدد من الشهداء والجرحى، إضافة لاعتقال العشرات من الشبان الفلسطينيين بذريعة اجتياز الحدود، وتشهد المناطق الحدودية عادةً، بين الحين والآخر، عمليات إطلاق نار متكررة. إنها حرب صامتة.

كان أحمد حماد يمتلك 15 دونمًا وكانت مصدر رزقه الوحيد ففجرفها الإحتلال

جبهة إطلاق نار مستمرة

يقول راعي الأغنام، تيسير الترابين، الذي التقيناه على بعد عشرات الأمتار من الحدود، في بيت حانون شمال قطاع غزة: "نحن هنا نقوم برعي أغنامنا وبين فترة وأخرى تطلق قوات الاحتلال من أبراج المراقبة النيران علينا وتجبرنا على الخروج من المنطقة. قبل فترة وجيزة أصيبت راعية أغنام معنا  بجروح متوسطة. نقلناها على عربة لمسافات بعيدة حتى جاءت سيارة إسعاف". يشعر تيسير بخوفٍ دائم من جيش الاحتلال، خاصةً وأنه يقطن في منطقة حدودية ويعمل ليلًا نهارًا". أحيانًا يشاهد دبابات وجرافات الاحتلال تتوغل داخل القطاع. تطلق النار وتقوم بعمليات التجريف ثم تنسحب من المنطقة. يحدث هذا دوريًا.

أما الحاجة سالمة بركة، وهي من سكان المناطق الحدودية أيضًا، فتعتبر هذه المناطق مصدر عيش لها "حيث نجمع منها الأعشاب الطبية والبرية ونقوم ببيعها في الأسواق من أجل أن نعتاش منها، لكن عمليات إطلاق النار المستمرة من قبل جيش الاحتلال حرمتنا من دخول المنطقة والاقتراب من المناطق الحدودية، لأنه إن اقتربنا فنكون عرضة للموت".

الحكاية مع الموت

بدوره، يروي محمد أبو عودة، وهو صياد طيور برية، قصته وحكاية نجا فيها من الموت. تكررت الحكاية نفسها أكثر من مرة. دائمًا، العنصر الرئيسي في القصة هو نيران جنود الاحتلال. ذات مرة اقترب من منطقة الحدود في منطقة أبو صفية، شرق جباليا، شمال قطاع غزة، على بعد 200 متر تقريبًا. بدأ بنصب  الشبكة لصيد الطيور، وفوجئ حينها بإطلاق نار كثيف من قبل جنود الاحتلال نحوه. استمر إطلاق النار لدقائق وانبطح على الأرض، حتى توقف إطلاق النار. حاول جنود الاحتلال اصطياده إذًا، فانسحب من المكان بسرعة، بعدما نجا من الموت والإصابة بصعوبة.

حسب خبرته كصياد يعبر دائمًا من هناك، أكد أبو عودة أن المناطق الحدودية على طول حدود قطاع غزة من رفح حتى بيت حانون شمالًا، هي مناطق غير آمنة، إنما جبهة حرب مستمرة قد تتعرض فيها لإطلاق النار في أي لحظة أن اقتربت من الحدود .

الأرض الزراعية مهجورة

في جولةٍ بين الحقول الزراعية في المناطق الحدودية، يتضج أن الأرض القريبة من الحدود بعمق 300 مترًا هي مهجورة. تتعرض باستمرار للاستهداف من قبل جنود الاحتلال. وطبعًا، عمليات التجريف للأراضي الزراعية مستمرة من قبل جرافات الاحتلال منذ عام 2000، حيث تحولت معظم المناطق الزراعية التي كانت عبارة عن جنة بها أصناف متعددة من الأشجار المثمرة، خاصة الحمضيات والزيتون، إلى أرضٍ قاحلة هجرها أهلها.

 المزارع أحمد حماد يمتلك 15 دونمًا بالقرب من المناطق الحدودية وقد تعرضت للتجريف والتدمير من قبل الاحتلال. منذ عام 2000 والذي اندلعت فيه الانتفاضة، لم يستطع أن يزرعها، لأن من يقترب من تلك المنطقة يكون عرضة لإطلاق النار.. "وهذه الأرض كانت مصدر رزقنا الوحيد حسبي الله ونعم الوكيل"، يقول. وتقول تقارير فلسطينية إنه منذ التوصل لاتفاق  التهدئة، قبل نحو عام في غزة، استشهد وأصيب العشرات من الفلسطينيين من المزارعين ورعاة الأغنام بنيران قوات الاحتلال  بذريعة اقترابهم من المناطق الحدودية ضمن الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة للتهدئة.

ويذكر أن  قوات الاحتلال تصر على إيجاد منطقة عازلة على طول حدود قطاع غزة بعمق 300 م، وهذا الأمر رفضته الفصائل الفلسطينية واعتبرت أنه يجب أن تكون حرية الفلسطينيين مطلقة داخل حدود قطاع غزة، بدون قيود من قبل الإحتلال. الاحتلال الذي ينتشر جنوده على طول الحدود مع القطاع، خلف أسلاك الكترونية ومزودين كاميرات مراقبة ترصد تحركات الفلسطينيين بدقة على طول حدود أرضهم وداخلها.