15-مارس-2022

تركز دعاية إدارة بايدن على أوكرانيا لتعويض التراجع في شعبيته (أ.ب)

تعكس استطلاعات الرأي الأخيرة في الولايات المتحدة تراجعًا متزايدًا في نسبة ثقة الأمريكيين في إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن وحزبه "الحزب الديمقراطي"، لكنّ إدارة البيت الأبيض وجدت في الحرب الروسية على أوكرانيا فرصة لتحسين نسبة التأييد الشعبي للرئيس الأمريكي الذي يأمل أن يحقق حزبه فوزًا في الانتخابات النصفية للكونغرس المزمع إجراؤها في تشرين الثاني/نوفمبر من العام الجاري.

وتقوم الاستراتيجية الجديدة للبيت الأبيض على تغيير وجهة الخطاب الانتخابي من التركيز على القضايا الداخلية "التضخم، الوظائف، أسعار المحروقات،.. إلخ" نحو التركيز على المسألة الأوكرانية والتهديد الروسي المسؤول وفق هذه الاستراتيجية عن كل المشاكل التي وصلت تداعياتها إلى الناخب الأمريكي، وخاضة ارتفاع أسعار المحروقات ونسبة التضخم.

وتقوم الاستراتيجية الجديدة للبيت الأبيض على تغيير وجهة الخطاب الانتخابي من التركيز على القضايا الداخلية نحو التركيز على المسألة الأوكرانية

وتُعبّر مقولة "إنها كلفة بوتين العالية" عن هذا التوجه أحسن تعبير، مع الإشارة إلى أن بايدن بدأ يجني فعليًا ثمار تلك الاستراتيجية بكسبه تأييد الحلفاء الدوليين لبلاده بالإضافة إلى تحسنات طفيفة طرأت على أرقام استطلاعات الرأي الخاصة بالتأييد الشعبي للرئيس على خلفية إدارة البيت الأبيض للأزمة الروسية الأوكرانية، ومواجهة الحرب التي يشنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أوكرانيا. لكن الحرب الروسية قد لا تكون كافية، حسب بعض المراقبين، لرفع حظوظ الديمقراطيين في الانتخابات، بل قد تأتي بنتائج عكسية تمامًا.

جامع سليمان القانوني في أوكرانيا

استراتيجية "كلفة بوتين العالية"

في اليومين الأخيرين تطرقت عدة مقالات وتقارير في وسائل الإعلام الأمريكية لتفاصيل الاستراتيجية الجديدة التي أطلقها الديمقراطيون للتأثير على الناخبين، بالتركيز على أدوار بايدن في الأزمة مع روسيا والاستفادة من تلك الأدوار إعلاميًا لأقصى حد ممكن.  وتقضي الاستراتيجية كما هو واضح من عنوانها بإلقاء اللوم على بوتين، في أزمة ارتفاع الأسعار العالمية، والقول في المقابل بأن استراتيجية بايدن "تدفيع بوتين الثمن" القائمة على فرض عقوبات صارمة على موسكو هي ردّ قوي على خطر جيوسياسي يهدد الولايات المتحدة والعالم على حد سواء.

ويأمل الديمقراطيون أن يصحح هذا الخطاب بعض الإخفاقات قبل الانتخابات النصفية، ومن بينها استمرار هبوط نسب التأييد لبايدن في استطلاعات الرأي، والاعتقاد العام السائد في الشارع الأمريكي بأن الديمقراطيين يقفون وراء الزيادة الحادة في نسبة التضخم.

تحسن طفيف في استطلاعات الرأي لصالح بايدن

أعلنت صحيفة وول ستريت جورنال يوم الجمعة الماضي عن نتائج استطلاع رأي خاص بها، أظهر أن إدارة الرئيس الأمريكي بايدن والديمقراطيين فقدوا زمام المبادرة أمام الجمهوريين حول مجموعة من المسائل تعد من الأكثر إلحاحًا لدى الناخب الأمريكي، فحوالي 57% من ما يزالون غير راضين عن أداء بايدن الرئاسي، لكن الاستطلاع أظهر تحسنًا ملحوظا فيما يتعلق باستقبال الأمريكيين لردة فعل  بايدن على الاجتياح الروسي لأوكرانيا، خاصة أنه وجد ملايين الأمريكيين ممن أصغوا لآخر خطاب له أثناء الحرب.

في ذات السياق أظهر استطلاع آخر لـ"واشنطن بوست"، أن نسبة عدم الرضا عن أداء بايدن استقرت عند حدود 52%، ما يعني حدوث تحسن طفيف بالنسبة للإدارة الأمريكية الحالية المتوجّسة من انتخابات الكونغرس النصفية نهاية العام الحالي.

وكان النائب الديمقراطي شون باتريك مالوني، الذي يقود شؤون الحملة الانتخابية للديمقراطيين في مجلس النواب الأمريكي، قد قال خلال اجتماع مغلق لنواب حزبه في الكونغرس، إن "هذه القنبلة الاقتصادية لم تكن لتنفجر داخل نظام هذا الديكتاتور في موسكو، من دون قيادة جو بايدن"، في إشارة إلى العقوبات الاقتصادية الأمريكية المفروضة على موسكو وإلى لهجة بايدن الحادة تجاه بوتين بخلاف ما كان عليه الحال في عهد الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب.

وقد لاحظ جيوف غارين، المهتم باستطلاعات الرأي أن "أحداث الأسابيع الماضية قد أعادت تأطير ردود فعل الناخبين بالنسبة للرئيس بايدن، وبشكل ما بعض النقاشات الاقتصادية التي تدور في البلاد، وفي الحالتين فإن إعادة التأطير هذه، بحسب ما أعتقد، تبدو إيجابية للديمقراطيين". مع ذلك فإنه ليس واضحًا، حسب مراقبين آخرين، إلى أي مدى بإمكان خطاب "تدفيع بوتين الثمن"، أن يسعف الديمقراطيين انتخابيًا، لاسيما بعد فترة من الخلافات الداخلية في الحزب مرتبطة بأجندة بايدن، ومنها مشاريع قوانين ما تزال معلقة في الكابيتول.

هذا فضلًا عما أشار إليه تقرير نشرته شبكة  "سي أن أن " الأحد،  الذي جاء فيه أن "الوضع لا يزال صعبًا بالنسبة للديمقراطيين، خصوصًا أن التأييد لبايدن لجهة مؤشر الوظائف، وهو أهم مؤشر في انتخابات نوفمبر المقبل، لا يزال عالقًا لأشهر بحدود الـ40 في المائة، أو ما فوق قليلاً". وأضاف تقرير "سي أن أن" أنه إذا بقي هذا الوضع على حاله حتى يوم الانتخاب، فإن الجمهوريين يملكون فرصة قوية جدًا لاستعادة السيطرة على الكونغرس.

رد جمهوري يتهم الديمقراطيين بالمغالطة

لم يبق الجمهوريون مكتوفي الأيدي أمام الدعاية الجديدة للديمقراطيين والبيت الأبيض، فقد اتهموا  بايدن بمحاولة تحميل بوتين مسؤولية مشاكل تسبق بكثير أزمة الحرب الأوكرانية، لافتين انتباه الرأي العام الأمريكي  إلى أن إدارة بايدن أخفقت في العمل على خفض أسعار المحروقات ولجم التضخم.

لم يبق الجمهوريون مكتوفي الأيدي أمام الدعاية الجديدة للديمقراطيين والبيت الأبيض، فقد اتهموا  بايدن بمحاولة تحميل بوتين مسؤولية مشاكل تسبق بكثير أزمة الحرب الأوكرانية

ويصر الجمهوريون على أنهم"ما يزالون في الربع الأول من اللعبة"، ويؤكدون أن التضخم سيزداد سوءًا مع تقدم الحرب، بعد اضطراب سلاسل الغذاء، ما سيدفع الفيدرالي الاحتياطي الأمريكي (البنك المركزي) إلى رفع الفائدة، في خطوة ستبدأ الأسبوع المقبل، وستلحقها ارتفاعات أخرى خلال الأشهر الماضية.