17-نوفمبر-2015

جامعة الجزائر(Getty)

يردد طلبة الجامعات الجزائرية نفس العبارة دائمًا على من يصفون أبحاثهم العلمية بالسطحية، بـ"لم نجد المراجع". وتحولت هذه العبارة إلى حجة الطلبة، التي يتفهمها أساتذتهم والمشرفون على رسائل تخرجهم، ويجدونها مقبولة ومقنعة، وذلك كونهم يعانون كباحثين من نفس المشكلة، في ظل التخلف الذي تعرفه المكتبات الجامعية الجزائرية في جميع التخصصات العلمية تقريبًا.

تعتبر المكتبات الجامعية الجزائرية "منتهية الصلاحية"، كونها تفتقر إلى المراجع الجديدة ولا تزال تستعمل الطرق التقليدية في التصفح والإعارة

وتعتبر المكتبات الجامعية الجزائرية بالنسبة للباحثين في مختلف الأطوار، سواء الطلبة أو الأساتذة، "منتهية الصلاحية"، كونها تفتقر إلى المراجع الجديدة ولا تزال تستعمل الطرق التقليدية في التصفح والإعارة، إلى جانب محدودية النسخ التي توفرها مقارنة بالأعداد الكبيرة من الطلبة المقبلين عليها. وتمثل المشاكل الإدارية على مستوى المكتبات الجامعية إحدى العواقب الكبيرة أمام الطلبة، مثل شروط الإعارة المحددة بفترة قصيرة تحدد أحيانًا بيومين، ومنع استخراج كتب ومذكرات الدكتوراه والمجلات العلمية والاكتفاء بالاطلاع عليها فقط، رغم أنها لا تتوفر في السوق، دون الحديث عن الاكتظاظ.

وأمام هذه المشاكل، وعدم توجه المكتبات الجامعية في الجزائر إلى "رقمنة" محتوياتها كضرورة ملحة لتسهيل البحث العلمي عن طريق تكنولوجيات الإعلام والاتصال، واقتصارها عند البعض الآخر على "رقمنة" المذكرات دون الكتب، إلى جانب العراقيل التي تفرضها كل مكتبة كلية على الطلبة من خارج  كليتها، والتي تشترط حصولهم على تصريح من إدارة الجامعة المعنية من أجل الدخول إلى المكتبة والاطلاع على المراجع العلمية المتوفرة، وجد الطلبة أنفسهم مضطرين للتوجه نحو البحث الإلكتروني في المدونات والمواقع الإلكترونية، وبعض المجلات العلمية الدولية التي توفر خدمة التحميل المجانية، كون عملية الاشتراك ودفع الرسوم إلكترونيًا غير متاحة.

"رقمنة" عشوائية لم تغير شيئًا

وكانت الجزائر قد أطلقت العديد من مشاريع "الرقمنة" على مستوى الجامعات الوطنية، أشهرها "البوابة الوطنية للإشعار عن الأطروحات"، المخصص لطلبة الدراسات العليا، إلا أنهم يعانون من مشاكل في الدخول إلى الموقع وتصفحه، بسبب تعطيل العمل بالرقم السري في كل مرة، ما يجعلهم مضطرين إلى اللجوء إلى إدارة الجامعة من أجل إعادة تفعيله، وهذا إلى جانب غياب الدراسات باللغة العربية.

كل ما سبق يؤكد ندرة المراجع العلمية في المكتبات الجامعية الجزائرية، بدليل الإقبال المعتبر على الكتب العلمية من قبل الطلبة والباحثين بالرغم من أسعارها المرتفعة، في المعرض الدولي للكتاب الذي احتضنته الجزائر مؤخرًا. ومع ذلك تبقى الكتب العلمية المتوفرة أغلبها بحوث نظرية في العلوم الإنسانية والاجتماعية في حين تنعدم في البحوث التكنولوجية والعلوم التطبيقية. وهو ما يتسبب في تأخر الطلاب في إنجاز بحوثهم ومذكراتهم.   

ولا يزال مشروع "في مكتبتي" الذي تم الإعلان عنه منذ سنوات، يراوح مكانه، بالرغم من قدرته على إحداث حركية في مجال البحث العلمي، وتضم المكتبة الرقمية المسماة "في مكتبتي" آلاف الكتب في مجالات مختلفة مثل التسيير، الحقوق، والتي يتم الدخول إليها عن طريق بطاقة ترخيص، تمنحها نقاط بيع مؤسسة اتصالات الجزائر، مقابل دفع مبلغ الاشتراك. ومع أن العديد من التخصصات العلمية في الجزائر معربة إلا أن المكتبة لا توفر مراجع باللغة العربية شأنها في ذلك شأن البوابة الوطنية للإشعار عن الأطروحات.

لم تتوجه أغلب المكتبات الجامعية في الجزائر إلى "رقمنة" محتوياتها لتسهيل البحث العلمي وكانت بعض مشاريع "الرقمنة" عشوائية وغير مدروسة

وأمام هذا التخلف التكنولوجي على مستوى المكتبات الجامعية الجزائرية، طالب العديد من الباحثين إثر الانقطاع الذي عرفته شبكة الانترنت مؤخرًا لمدة أسبوع، الدولة الجزائرية من أجل تطوير قطاع التعليم العالي والبحث العلمي عن طريق التوجه إلى "الرقمنة" وإحداث برامج خاصة من أجل تكوين الطلبة الجامعيين في مناهج استعمال آليات البحث عن الكتب والمراجع عن طريـق أجهـزة الكمبيوتـر بشكل صحيح. في حين اعتبر آخرون مشاريع "الرقمنة" التي أطلقتها الحكومة حتى اليوم، مشاريع عشوائية وغير مدروسة.

يذكر أنه توجد في الجزائر عدة أنواع من المكتبات الجامعية، تنقسم إلى مكتبة مركزية، مكتبة الكلية، مكتبة الأقسام والمعاهد، ومكتبة المخابر العلمية. ومن أكبر المكاتب الجامعية، تلك الموجودة بوهران، جامعة قسنطينة، والتي لا تزال خارج مجال "الرقمنة"، وجامعة الجزائر التي أعلنت في وقت سابق عن إطلاق مشروع لمكتبة إلكترونية تضم 1540 مذكرة ماجستير باللغة العربية و330 عنوانًا بالفرنسية، بينما وصل عدد العناوين بالعربية في الدكتوراه إلى 476 عنوانًا، وقدر عدد الكتب بأكثر من 8 آلاف كتاب.

اقرأ/ي أيضًا: 

الدروس الخصوصية تجارة مربحة في الجزائر

في الجزائر..عودة إلى الجامعات بنفس الإشكالات