23-فبراير-2024
من جلسة السيمنار

المتحدثون في السيمنار (المركز العربي)

استضاف سيمنار "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" بالدوحة، يوم الأربعاء 21 شباط / فبراير 2024، الباحث محمد أحمد صيام، باحث دكتوراه في جامعة بيروت العربية، الذي قدّم محاضرة عنوانها "حركة أَم حكومة: سياسات حكومة حركة حماس لضبط الوضع الأمني في قطاع غزة عقب أحداث الانقسام الفلسطيني عام 2007"، وهي في الأصل دراسة أكاديمية، ستُنشر في عدد خاص بدورية حكامة، تتناول موضوع الحوكمة في الدول العربية.

افتتح الباحث السيمنار بإلقاء الضوء على الظروف الأمنية والسياسية المعقدة التي عايشها قطاع غزة في أعقاب الانقسام الفلسطيني (وهي مجموعة الأحداث التي أدت إلى انقسام السلطة الفلسطينية إلى سلطة تتولى إدارة الضفة الغربية ترأسها حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، وأخرى تتولى إدارة قطاع غزة ترأسها حركة المقاومة الإسلامية "حماس") في صيف عام 2007. ثم عرَّج على الوسائل والسياسات التي اتبعتها حماس لمواجهة التحديات الأمنية الداخلية والخارجية، وكيفية تأثيرها في حياة سكان القطاع.

تعكس تجربة "حماس" في الحكم وإدارة الوضع الأمني في غزة التحديات المعقدة التي تواجه حركات المقاومة عند توليها مهمات الحكم

وأشار الباحث إلى أن حركة حماس ورثت بنية أمنية متهالكة، وأنها وجدت نفسها مضطرة إلى إعادة هيكلة الأمن في القطاع من الأساس. فتمثلت الخطوة الأولى في استبدال القوى الأمنية التي كانت تابعة للسلطة الفلسطينية، مؤكدًا على أن التشكيلات الأمنية الجديدة ضمت نسبةً من أفراد الجهاز الأمني السابق.

ومن ثمَّ، واجهت حماس تحديًا كبيرًا في السيطرة على انتشار السلاح؛ ذلك أن انتشاره، بسبب ضعف الأجهزة الأمنية وترهّلها في أعقاب استشهاد ياسر عرفات، أدى إلى حيازة عدد من العائلات والمجموعات المسلحة السلاحَ من أجل تحقيق مصالحها؛ ما نجم عنه، بطبيعة الحال، انتشارٌ لمظاهر العنف، فضلًا عن الاشتباكات الداخلية. تعاملت حماس مع هذا التحدي من خلال حملات أمنية مكثفة لجمع الأسلحة وتقويض قوة العائلات المسلحة والمجموعات المتطرفة، وهو ما أدى إلى تحسُّن نسبي في الوضع الأمني.

إضافةً إلى العائلات المسلحة، فإن حركة حماس واجهت تحدّيًا في التعامل مع التنظيمات المتطرفة التي كانت تسعى لفرض أجندتها داخل القطاع. وقد أظهرت الحركة استراتيجية حاسمة في التعامل معها من خلال مواجهات عنيفة أدت إلى القضاء على بعضها، أو تقويض قدراتها؛ بحيث تصبح غير فاعلة.

وأشار الباحث إلى أن التحديات التي واجهت حماس في تأمين القطاع لم تقتصر على الداخل، بل تعدّت ذلك إلى توترات مع إسرائيل نتجت منها عدة جولات من الصراع، وكل ذلك يُضاف إلى الضغوط الاقتصادية والسياسية الناجمة عن الحصار المستمر. وعلى الرغم من النجاحات التي حققتها الحركة في تحسين الوضع الأمني، فإن التحديات المتعلقة بالحكم والإدارة بالنسبة إلى السكان شكّلت عائقًا للحركة، خاصة أن تجربة الحكم هي تجربة كلية لدى كوادر هذه الحركة.

وختم الباحث كلامه بقوله إن تجربة حماس في الحكم وإدارة الوضع الأمني في غزة تعكس التحديات المعقدة التي تواجه حركات المقاومة عند توليها مهمات الحكم؛ فهي من جهة تحتاج إلى تأمين الاستقرار والأمان للسكان، وهي من جهة أخرى تواجه تحديًا متمثلًا في الحفاظ على مبادئها وأهدافها الأساسية، مضيفًا أنّ الوضع في غزة يظل محورًا للعديد من الأسئلة المرتبطة بالحكم والأمن والحقوق الإنسانية؛ ما يتطلب مقاربات أكثر تفصيلًا وحساسية لفهم هذا الأمر.

وقد عقّب الدكتور طارق حمود، أستاذ مساعد في جامعة لوسيل في قطر، على ذلك، مُشيرًا إلى أن أهمية هذه الورقة ليست متعلقة باستنادها إلى مجموعة من البيانات والمقابلات فحسب، بل بسبب الموقعية الخاصة للباحث من جهة أنه شاهد عليها. وأشار إلى أن الاتفاقات التي أبرمتها منظمة التحرير الفلسطينية مع إسرائيل لم تكن ذات طبيعة دبلوماسية بقدر ما كانت أمنية. ويرجع حمود بداية ضعف الوضع الأمني إلى بداية الانتفاضة. وأشار كذلك إلى أهمية تناول "الفلتان الأمني" في الفترة 2005-2007؛ أي الفترة اللاحقة لعرفات، التي أدت إلى الاختلال الأمني وتنافس بين الأجهزة الأمنية ذاتها. فالأمن قد استتب بعد انهيار المؤسسات الأمنية، وليس قبل ذلك. ويقسم الباحث الفلتان الأمني إلى مرحلتين: بعد موت عرفات، وبعد فوز حماس بالانتخابات التشريعية. وأشار الباحث أيضًا إلى أهمية البحث في توزّع انتماءات أفراد الأجهزة الأمنية في أعقاب الانقسام في قطاع غزة.

شارك في نقاش السيمنار نخبة من أساتذة معهد الدوحة للدراسات العليا وباحثي المركز العربي، وقد تناول النقاش موضوعات الحوكمة، والأمن، وتناقض الثورة والدولة، وأسئلة الحكم الرشيد.