08-فبراير-2022

تفصيل من إناء يوناني (Getty)

اذهبِ الآنَ هِكْتور..

ولملمْ بقايا إلهكَ..

ذاكَ الإله الذي كنتَ تبني المدائحَ

والصلواتِ ليرضى عليكَ وعنكَ..

ودُرْ دورتين وأنتَ تعاقرُ سرجَ جوادكَ

حول المكان، وحول الزمان، ولا تتراخَ..

لتعلمَ من فوران هدوئكَ أنّكَ حيٌّ..

أما زلتَ حيًّا؟

ألمْ أزرعِ الرمحَ في شقّ درعكَ

يومَ التقينا اللقاءَ الأخيرَ هناك؟

لقد كنتَ سهلًا، وأبطأَ ممّا ظننتُ..

وكنتُ أنا، في تجلّي السيوف،

شَمُوسًا، وأسرعَ ممّا ظننتَ..!

أكنتَ تقاتلُ من أجل مُلْكٍ ومملكةٍ..

كنتَ تعرفُ أنّ الغبارَ المُثارَ

بفعل صليل السيوف، وخبّ الجياد

سيشهدُ موتَ الجميع..

ويبقى وحيدًا على كتف العرش؟

أم كنتَ، يا ابن الملوك، تقاتلُ

من أجل أن تشتهيكَ القصائدُ

بعد انبلاج الخلود..

ومن أجل أن يستطيرَ الكلام؟

إذًا، اذهبِ الآنَ..

واكسرْ كؤوسَ النبيذ احتفالًا..

لأنّكَ صرتَ بموتكَ حيًّا

هنا في المجاز الختاميّ..

واندمْ.. لأنّكَ قاتلتَ من أجل قومٍ

نسوكَ سريعًا.. كأنْ لم تكنْ..

*

 

آخيلُ.. لماذا أتيتَ إلى الحرب أنتَ؟

لماذا حملتَ السعيرَ على خشبٍ

هَنْدستْهُ الأكفُّ ليجرحَ لجّةَ بحرٍ

يرقّعُ هذا الخواءَ.. المليءَ..

المعلَّقَ بين السواحل؟

ثمّ، لماذا استلَلْتَ كماةً.. مرامدةً..

يهبون البواطي دماءَ الضحايا.. مكانَ الخمور؟

لأنّي خُلقتُ على شكل سيفٍ..

وخفتُ من الموت ذلًّا

على باب عرشٍ يضنُّ عليَّ بشربة ماءٍ..

وجئتُ، لأنَّ رصيدي من الصبر صفرٌ..

ولا حولَ بي لانتظار حروبٍ تجيءُ..

وقد لا تجيءُ...

لذلك.. جئتُ لأُترعَ قلبي..

وكنتُ أغنّي على فضّة الدرب:

سقّاءةٌ هذه الحربُ..

عرّافةٌ.. تنسجُ المجد والانكسار..!

وجئتُ لكي أتطهّرَ من لعنة النوم

دونَ دفاترَ تَدْفقُ منها ينابيعُ اسمي..

وجئتُ لأنّي رأيتُ بأنّ الحروبَ

تتوّجُ أبطالَها بالأغاني..

*

 

ـ لنشربْ، إذًا، نخبَ ماضٍ

يمدُّ علينا ظلالَ الحضور

وينفخُ فينا شذا الذكريات..

ـ لنرفعْ بروجَ الدموع..!

ـ لِمَنْ؟

ـ للذين قتلنا بلا سببٍ..

ـ ولْنُعلِّ تراتيلَ شكرٍ..!

ـ لِمَنْ؟

ـ للذي ألبسَ الجندَ جلدَ الحصان

فلولا الحصانُ..

ولولا الخديعةُ..

لولا اندلاعُ السلام..

لردّتْ إلى أرذلِ العُمْرِ حربي، وحربُكَ..

ـ مَنْ قالَ قد ماتتِ الحربْ؟

 

اقرأ/ي أيضًا:

عيوني كمدفأة قديمة

يانيس ريتسوس: تحت كلِّ كلمةٍ ثمة شخصٌ ميّت