06-ديسمبر-2022
لوحة لـ ثاديوس راديل/ أمريكا

لوحة لـ ثاديوس راديل/ أمريكا

بيت السمكة

 

كتقديمِ تحيةٍ

أطلبُ من شخصٍ لا يعرفك أن ينساك

في لقاءٍ عابرٍ

لأن حبّكِ يكبر بندم حصانٍ مُهان

يغدو أكثر ألمًا

وأكثر وحدةً

كما حقيقةٌ وسط فوضى

بلادك ستطردك

بلادي ستلصق بي الأمراض

والحسرات

ستجرب بي الحروبَ

والحصارات

وتبيح دمي في المزابل

والمساجد

ثم في المناراتِ سيخرج صوتًا ما خفيٌّ: أيتها الأغنيات التي تسمعنا الآن

سيفضون بكارة لحنك

لحنك المشهودُ له.. بالليلِ والرجفةِ والألم.

*

 

النهر كان مدفأةً أيضًا

لكن خللًا لغويًا

غيرَ مجرى المعنى

وصار كما نعرفه الآن: النهر بيت السمكة.

 

العالم مشغولٌ بقتلِ العالم

من أجلِ النفط

واللهو

أنا مشغولٌ بافتعال فضيحةٍ صغيرة

مثلًا أحمل اسمك

وأضعه في القصيدةِ.. مهددًا آمن حياتك بنشرها لو رفضتي

أن أفتش خزانة ملابسك

بحثًا عن لونٍ من ألوانِ فساتينك

أُنسِقُ عليه رمادَ حياتي.

*

 

علميني زراعة الموسيقى في المآتم

فلقد عرفنا الأشجار عن قربٍ

ولم تعرفنا

فتحنا أبواب النهار لسواد قلوب من أطفئوا فوانيس براءتِنا

ثم ضحكنا للعصافير

ولم تعرفنا أيضًا

قالت أنتم: غلطة

لكنها لم تقل نحن غلطةُ من!

 

في سياقِ شاعرٍ آخر

لا شيء أقسى من مدنِ الذين لم نحبهم بعد

لا شيء أوحشَ

من مدنِ الذين أحببناهم

كل المدن لها طابع الوجع نفسه

إلا زهرة عبادِ الشمس

وجعها أكبرُ من الحقلِ دائمًا.

 

قرى الملح

 

لو أن المحلات التجارية توفر

فرصًا للبيع

لاشتريتُ فرصة عمل

وفرصة أن أحبك مرةً أخرى

وفرصة إقناعهم

بأن يعطوني كل ذلك دَينًا.

*

 

قرأتُ قصيدةً كُتِبت بيدِ فلّاحٍ طموح

كان يفكر بالمحصول وبيعه

ليعترف بحبه

لامرأة مترددة لا تتولى حديثًا

أو إصغاءً

كانت تحرق المحصول كل مَرَّةٍ يقترب فيها موسم الحصاد

كي تُبعِدَ عنها نار الحب.

*

 

أحبك

لتسمع القرى القريبة خبر اكتشاف الملح

فيطلبوه منا

نظرًا لانعدام إمكانيتهم بمعرفة طعم الليالي والصباحات

أو تدارك أخطار الغزاة

لذلك عرضنا عليهم تجربة الحب

فقالوا: وكيف نصبح صيادين إذًا؟!

*

 

الصورةُ في الجدار كائن حي!؟

تشارك صاحب المنزل

الظمأ

وحر الصيف

حتى إنها ترى الباب لكن لا تستطيع فتحه

لأنّ من يطرق في الخارج الآن

دقَّ نفسه بالحائط أيضًا

 

لو كنت امرأة لأحببت الرجل الذي يبحث عن حياته

لكني بكل ندم الرجل

الذي لن يجدها

*

 

كنت أحفظ القصائد في جيبي

وحين تمرين

أدفع للريح كلَّ خبز القلب

مقابل أن توصِل إليك

حفنة كلماتٍ لا يعرف كيف يقرؤها عليك

رجلٌ يعاني التأتأة

والصّلع

والحب.

 

أحبك بهيئةٍ عادية

نعم؛

ولكنها عاديةً جدًا صدقيني.

 

  • من مجموعة شعرية صدرت حديثًا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب ضمن سلسلة الإبداع العربي بعنوان "الذين لا يملكون سوى نظراتهم ".