سُئِل إيريك كانتونا مرة عن أهمية كرة القدم في حياة اللاعبين فأجاب "هناك لاعبون تكون الكرة غالبًا وسيلتهم الوحيدة للتعبير عن أنفسهم فلا ينمّون أي اهتمامات أخرى، لذلك عندما يتوقفون عن لعب الكرة فهم يتوقفون عن فعل كل شيء... لا يبقى لهم وجود بعد ذلك، أو على الأرجح يتنامى لديهم الإحساس بأنهم لم يعودوا موجودين".
هواية بالوتيلي هي إحراق الأشياء أما إيبرا فيصطاد الخنازير والغزلان
بعبارة أخرى، يقول أسطورة الشياطين الحمر أن كرة القدم ليست كل شيء في حياة اللاعب، ولا يجدر بها أن تكون كذلك. اللاعبون بشرٌ في النهاية، قد يستهويهم لعب الشطرنج في أوقات الفراغ مثلًا... ما المانع؟ أو قد تغريهم متعة إحراق الأشياء كماريو بالوتيلي ربما؟
بطبيعة الحال، بعض هوايات لاعبي كرة القدم قد تكون قريبة من الكرة بشكل أو بآخر. فالإسباني ميشيل سالجادو مثلًا يعشق ركوب الأمواج، فيما يهوى أسطورة ريال مدريد الأخرى دايفيد بيكام المبارزة. وللخيول حصتها كذلك، فلتربيتها حيز كبير في حياة كل من مايكل أوين وتوماس مولر، الذي بالمناسبة يعشق الجولف أيضًا... ولكن، ماذا عن تلك الهوايات الغريبة، البعيدة عن عالم الرياضة، التي يتفرغ لاعبو الكرة لإشباع شغفهم بها خارج المستطيل الأخضر؟
مواهب موسيقية لافتة
بيتر تشيك واحد من أفضل حراس المرمى في تاريخ البريميرليج بلا شك، لكن مهاراته بين الخشبات الثلاث لا تختلف كثيرًا على ما يبدو عن مهاراته في العزف على الدرامز. حارس أرسنال الإنجليزي يبرز مواهبه في العزف عبر موقع يوتيوب حيث ينشر مقاطع فيديو يؤدي فيها أغنياته المفضلة. وهو سبق أن أدى إحدى الأغنيات الشهيرة لفرقة نيرفانا مباشرة على المسرح في حفل موسيقي أقيم في التشيك قبل عامين.
من جهة أخرى، لا يخفي اللاعب السابق لنادي توتنهام الأمريكي كلينت ديمسي عشقه للراب منذ صغره. يقول أحد أصدقائه المقربين أنه قد يتصل في أي وقت ويبدأ بالغناء فورًا على الهاتف، من دون أن يلقي التحية حتى. قائد المنتخب الأمريكي سابقًا اختار "Deuce" اسمًا فنيًا له، وكان قد شارك عام 2006 في أغنية ترويجية لشركة نايكي الرياضية في حملتها قبيل كأس العالم.
هوايات مكلفة
من الطبيعي أن تفتح المبالغ الفلكية التي يتقاضاها لاعبو كرة القدم العالميين شهيتهم على ممارسة هوايات مكلفة ماديًا. سامويل إيتو واحد من هؤلاء. كيف لا وهو كان قبل أعوام قليلة اللاعب الأعلى أجرًا في العالم بعد توقيعه عقدًا بقيمة عشرين مليون يورو سنويًا لنادي أنجي الروسي؟ إيتو يعشق جمع السيارات الفارهة والهواتف الجوالة. وعلى ذمة صحيفة "ذا صن" الإنجليزية، يحتفظ في منزله بأكثر من أربعمائة هاتف محمول!
ليس فرديناند هو الآخر يمارس هواية مكلفة للغاية: قيادة المروحيات. يكشف المهاجم التاريخي لنادي نيوكاسل أن حب الطيران بدأ معه بعد انضمامه للنادي الذي عاش فيه أفضل فترات مسيرته، ليتحول بعدها إلى شغف قاده للاستحصال على رخصة قيادة مروحيات عام 2004. "عندما تكون في السماء تستطيع أن تختفي لبضع ساعات... لن يزعجك أحد"، يقول فرديناند.
فرديناند يهوى قيادة المروحيات وأندريا بيرلو يملك مزرعة لإنتاج النبيذ
أما مهاجم باريس سان جرمان زلاتان إيبراهيموفيتش فوجد ضالته في هواية كلفته أكثر من تسعة ملايين يورو. السويدي الذي يعشق اصطياد حراس المرمى يعشق كذلك صيد الحيوانات البرية كالغزلان والخنازير، ولهذه الغاية قام بشراء جزيرة كاملة حتى يتسنى له ممارسة هوايته المفضلة بعيدًا عن أصوات منظمات حقوق الحيوان التي هاجمته العام الماضي لقيامه بقتل غزال أمريكي يبلغ وزنه نصف طن، بطلقة واحدة في القلب.
من ناحية أخرى، لم يستطع الإيطالي الأنيق أندريا بيرلو كبح شغفه بالنبيذ، وهو الذي اعتاد تناوله منذ الطفولة كما يقول، إذ كانت والدته دائمة الحرص على وضع القليل منه في كوب المياه قبل تقديمه له. بيرلو يملك اليوم مزرعة لإنتاج النبيذ في شمال إيطاليا، وهو يبيع منتجاته على الإنترنت: "أحب أن أقرأ عن النبيذ، أن أفهمه، أن أتذوق أنواعًا مختلفة من أماكن أخرى".
زملاء الكازينو
يعتقد معظم محبي البرتغالي كريستيانو رونالدو أن هوايته المفضلة هي الفوز. هذا صحيح، لكن الدون لا يكتفي به على أرض الملعب، بل يبحث عنه أيضًا داخل صالات البينجو. بدأ شغف رونالدو بهذه اللعبة عندما كان في مانشستر يونايتد، حيث استخدمها في البداية كأداة مساعدة لتعلّم الإنجليزية، لكنه على ما يبدو وقع في غرامها فأدمنها منذ ذلك الحين.
بدوره زميل رونالدو السابق في مانشستر يونايتد، المدافع الإسباني جيرار بيكيه، يشارك البرتغالي حبه لزيارة الكازينوهات في مختلف أنحاء العالم كي يمارس لعبته المفضلة: البوكر. بيكيه لاعب بوكر محترف، وقد سبق له المشاركة في دورة أوروبا للبوكر عام 2013 في الجولة التي أقيمت في برشلونة، كما خرج العام الماضي من بطولة العالم للبوكر في لاس فيجاس بعد أن تمكن من جمع أكثر من سبعة وثمانين ألف دولار.
رونالدو وبيكيه زميلان لكن في الكازينو ويلعبان البينجو والبوكر
للرسم حضور أيضًا في حياة لاعبي الكرة، وبأشكال متعددة قد لا تخطر على بال أحد. فمن يتصور مثلًا أن لاعبًا كالإنجليزي جوي بارتون يعشق زيارة المتاحف والمعارض، خاصة تلك الموجودة في لندن، حيث يمارس هوايته المفضلة في تأمل اللوحات الفنية؟ "المشاغب ذو الحس المرهف" سبق له أن غرّد لمتابعيه على تويتر معترفًا بأن رسامه المفضل هو الفرنسي كلود مونيه.
في الإطار نفسه، تبرز الهواية الغريبة لمدافع ليفربول السابق الدانماركي دانيال آجر، الذي يهوى نوعًا آخر من الرسم: الأوشام. لم يكتفِ آجر بتلك التي رسمها على جسده، ومن بينها وشم مميز على مقدّم أصابع يده اليمنى يحمل الحروف الأربعة الشهيرة لشعار ليفربول "YNWA"، بل تعلم الرسم على أجساد الآخرين، لا سيما أجساد أصدقائه في ليفربول، الموعودين بوشوم مجانية من زميلهم السابق في حالة تحقيقهم للقب الدوري الإنجليزي.
بين قصص الماضي وقصص الحاضر
قد يبدو تأليف قصص الأطفال أمرًا ممتعًا للكثيرين كما هو الحال بالنسبة لنجم أرسنال الإنجليزي ثيو والكوت. يحب والكوت الأطفال وحكاياتهم، لذلك قرر إطلاق مجموعة من الكتب خصيصًا لهم كي يقرؤوا عن مغامرات "جاي تي"، المستوحاة من الأحداث الواقعية لمسيرته على درب النجومية.
زميل والكوت السابق في أرسنال، الحارس الإسباني مانويل ألمونيا، يعشق القصص أيضًا، ولكن تلك العابقة برائحة الحرب العالمية الثانية، حيث يحرص باستمرار على مشاهدة الأفلام المستوحاة من أحداثها، كما لا يوفر فرصة للسفر واللقاء بأشخاص عايشوا ذلك الحدث التاريخي الأليم.
لا بد أن الكثيرين يتساءلون عن الشغف الأكبر لنجم نجوم برشلونة ليونيل ميسي. الأرجنتيني "يتنفس كرة القدم" بكل ما للكلمة من معنى. فبعيدًا عن المستطيل الأخضر، يقضي جلاد الجلادين ساعات طويلة في لعب الفيفا أونلاين، متحديًا أشخاصا من مختلف أنحاء العالم. "أحب لعب البلايستايشن مع أناس لا يعرفون من أكون، وكثيرًا ما أتلقى رسائل الشتم، بالإنجليزية، باليابانية وغيرها..." . لا يخفي صاحب الكرات الذهبية الأربع اعتماده على أسلوب الاستحواذ حتى في البلاي ستايشن، فعندما تتعقد الأمور، يبدأ بتمرير الكرة بين المدافعين، "إنها وسيلة ممتازة لقتل الوقت"، يقول البرغوث.
اقرأ/ي أيضًا:
الإخوة الغرباء وسجال الهويّات المرِحة
حروب المدرجات في الكالشيو من روما إلى ميلانو