21-مارس-2016

عنف إثر إحدى مباريات كأس الاتحاد الأوروبي في مايو 1985(دافيد كانون/ALLSPORT)

يبدو أن الاستراتيجية التي تبناها المسؤولون المغاربة لاحتواء الشغب في الملاعب لم تفد في شيء، فمساء السبت الماضي لقي شخصان مصرعهما وأصيب 54 شخصًا بجروح في أعمال عنف شهدتها مدرجات ملعب محمد الخامس بالدار البيضاء، بعد نهاية مباراة الرجاء البيضاوي ونادي الريف الحسيمي، في مشاهد دموية تعيد للمغاربة حوادث شغب سابقة عجز الأمن عن ضبطها.

لا يقتصر شغب الملاعب على المغرب، إلا أن الخصوصية المغربية تكمن في كونه لا يحدث بالضرورة في حالة الخسارة كما يقع بين مشجعي نفس الفريق أحيانًا

وحسب التحقيقات الأولية التي نشرتها الأجهزة الأمنية في المغرب، توفي مشجعان مباشرة بعد وصولهما إلى المستشفى، أصيب أحدهما بجروح باستعمال أداة حادة، فيما لا يحمل الآخر علامات بارزة للعنف. وتم نقل بقية المصابين إلى المستشفى الجامعي "ابن رشد" ومستشفى "مولاي يوسف" بالبيضاء لتلقي العلاج الضروري، أمام هلع وصراخ وعويل أهالي الضحايا. ويبدو أن أصل المشكل يعود لشجار بين جزء من مشجعي الفريق المحلي بعد فوز فريقهم، وقد تطور الخلاف إلى أعمال عنف وتدافع في المدرجات.

اقرأ/ي أيضًا: حروب المدرجات في الكالشيو من روما إلى ميلانو

شغب الملاعب، لا يقتصر على المغرب، إلا أن الخصوصية المغربية تكمن في كون الشغب لا يحدث بالضرورة في حالة خسارة فريق معين، بل يمكن أن يقع أيضًا في حالة الانتصار أو بين مشجعي نفس الفريق. وحادثة "السبت الأسود" ليست الأولى، بل هذه الحادثة تعيد إلى أذهان المغاربة أحداث عنف أخرى، آخرها مقتل مشجعين اثنين من فريق الوداد البيضاوي عقب مباراة "الكلاسيكو" أمام فريق الجيش الملكي خلال الشهر الماضي بالعاصمة الرباط.

وحسب وسائل الإعلام المحلية، فإن الحادثة تتمثل في اصطدام حافلة كانت متوجهة نحو منطقة "تمارة" وتقل جماهير الجيش الملكي بسيارة للنقل المزدوج، كان بداخلها ضحايا هذا الحادث من مشجعي الوداد البيضاوي، حيث استحوذ مشاغبون محسوبون على مشجعي الجيش الملكي، على مقود سائق الحافلة محاولين صدم سيارة النقل المزدوج، انتقامًا من مشجعي الوداد.

انتصروا أو خسروا، الأمر ليس مهمًا لمثيري الشغب، فالمباراة مناسبة لإحداث مواجهات، واستعراض أسلحة بيضاء، وقنينات حارقة وشهب اصطناعية، والتي أصبح مكانها المفضل داخل الملاعب، مما يجعل الظاهرة خطيرة ويصعب ضبطها من طرف رجال الأمن.

اقرأ/ي أيضًا: شعب نادي النجمة.. يثور وينتصر

من جهة أخرى، أعلنت الداخلية المغربية عن سلسلة من الإجراءات الآنية لمواجهة هذه الظاهرة، وذلك في إطار استراتيجية عمل شمولية لاحتواء هذه الظاهرة، وتنخرط فيها كافة القطاعات المعنية، وذلك خلال شهر فبراير/شباط الماضي. تقول الداخلية إنها ستلتزم الحزم في تطبيق مقتضيات مدونة التأديب من طرف الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم في حق كل الأندية التي يتسبب جمهورها في أعمال شغب، بما في ذلك إجراء مباريات دون جمهور.

أعلنت الداخلية المغربية عن إجراءات لمجابهة ظاهرة العنف داخل الملاعب وأنها ستلتزم الحزم في تطبيقها حتى إن اقتضى ذلك إجراء مباريات دون جمهور

كما شرعت الحكومة المغربية في تنفيذ برنامج تجهيز الملاعب الرياضية، التي تستقبل مباريات البطولة المحترفة، بالوسائل التكنولوجية الحديثة مثل كاميرات المراقبة، مراقبة الولوج للملاعب عبر البوابات الإلكترونية وتحديث نظام بيع التذاكر وغير ذلك، لتساعد على تنفيذ البروتكولات الأمنية. وفي هذا الصدد، تقرر أن يتم الانتهاء من تنفيذ هذا البرنامج قبل نهاية السنة الحالية.

وتتجه الحكومة نحو منع القاصرين غير المرافقين من الولوج إلى الملاعب الرياضية وتحديد مسؤولية أولياء الأمور تجاه تصرفاتهم، ومنع التنقل الجماعي للجماهير خارج العمالات والأقاليم في حالة ما إذا تبين أن هذا التنقل من شأنه تشكيل تهديد للأمن العام. لكن بالرغم من هذه الإجراءات لا تزال أحداث الشغب تسيطر على الملاعب المغربية، وهو ما استنكره المغاربة وأنشؤوا عريضة إلكترونية بعنوان "أوقفوا البطولة"، إضافة إلى هاشتاغ بنفس العبارة، لما اعتبروه تحول الملاعب المغربية إلى ساحات اقتتال.

اقرأ/ي أيضًا:

الملاعب اللبنانية.. أبو خيزرانة مرّ من هنا

كان يا ما كان.. حكاية اسمها الأهلي والزمالك