14-مارس-2022
روسيا

"Getty"

بعد أسابيع من بدء الحرب الروسية على أوكرانيا، وما تلاها من عقوبات فرضتها الدول الغربية على روسيا في مختلف المجالات ، عاد الحديث مرة أخرى عن " هجرة الكفاءات " الروسية إلى الخارج نتيجةً لهذه العقوبات، والتي أعاقت قدرتهم على إجراء الأبحاث والتواصل ومع العالم، ليعود معه إلى الذاكرة والأذهان حملات هجرة العلماء والتقنيين، من الاتحاد السوفياتي إلى أوروبا والعالم إبان الحرب الباردة.

فرار العلماء والتقنيين من روسيا

صحيفة فاينانشيال تايمز نشرت مقالة تحت عنوان " التقنيون الروس يفرّون من بلادهم التي تطير إلى الهاوية "، وذكرت من خلالها أن موجة هجرة النخب الحالية التي يُتوقع استمرارها وتزايدها، ستكون لها آثارًا سلبية كبيرة على الاقتصاد الروسي، الذي يتعرض لعقوبات قاسية من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية.

 اعتبرت صحيفة بوليتيكو الأمريكية أن الطريقة الأفضل لمعاقبة بوتين تكون عبر "سرقة طلابه المتفوقين "

وبحسب التقرير، فإن الوجهة المفضلة لمعظم التقنيين كانت السفر إلى تل أبيب في الأراضي المحتلة، إسطنبول في تركيا، ويريفان عاصمة أرمينيا، بالإضافة إلى باكو وتبليسي، في ظل الحظر الجوي الذي تفرضه دول أوروبا الغربية والولايات المتحدة على روسيا.

تشير المقالة أيضًا إلى أن الاقتصاد الروسي يواجه مشكلتين كبيرتين حتى قبل فرض العقوبات على البلاد، تتمثلان بالحاجة إلى تطوير المعامل، بما يقلل الحاجة لصادرات الهيدروكاربونات والمواد الطبيعية الأخرى، بالإضافة إلى انخفاض عدد السكان المنخرطين في مجال الصناعة والتطوير، ويشير الاقتصاديون إلى أن فقدان عشرات آلاف الأيدي العاملة بسبب الحرب الحالية والعقوبات سيجعل الأمور أصعب، خاصةً مع الأخبار عن تفاقم هجرة الروس في الأيام الأخيرة، في ظل الشائعات حول نية بوتين فرض الأحكام العرفية وإغلاق الحدود وتجنيد الرجال بسن القتال في الجيش.

روسيا

وضمن السياق نفسه، ذكر موقع " ريست أوف وورد " أن تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا أدت إلى عزل البلاد عن أجزاء كبيرة من الاقتصاد العالمي، كما تسببت العقوبات المالية بإغلاق الأسواق الدولية أمام شركات التكنولوجيا الروسية، فيما يجد العاملين لحسابهم الخاص لصالح شركات ومؤسسات خارج روسيا (فريلانس ) صعوبة في الحصول على رواتبهم، بسبب العقوبات التي تعيق التحويلات المالية.

روسيا

وبالرغم من التدابير الجديدة التي أعلن الكرملين عنها مؤخّرًا لدعم شركات التكنولوجيا، من بينها تخفيض ضرائب الشركات من 3 بالمئة إلى صفر، إلا أن قطاع التكنولوجيا لا يزال يعيش في فوضى عارمة منذ بدء الغزو، وآخر الإشارات كانت تحذير كبرى شركات التكنولوجيا في البلاد " ياندكس " من احتمال عدم قدرتها على تسديد ديونها، فيما نقلت صحيفة هآرتس الإسرائيلية عن الشركة، تفكيرها بنقل 800 من موظفيها خارج روسيا بسبب الحرب، مع حديث متزايد عن قيام شركات تكنولوجيا كبرى بإغلاق فروعها المحلية في روسيا.

التخطيط لـ "سرقة الطلاب الروس"

صحيفة بوليتيكو الأمريكية اعتبرت أن الطريقة الأفضل لمعاقبة بوتين تكون عبر "سرقة طلابه المتفوقين "، وأشارت من خلال مقالة نشرتها على موقعها على الإنترنت، إلى أنه سيكون من الممكن مستقبلًا، جعل عالم التكنولوجيا الروسي " ينزف"، من خلال دعوة طلاب الهندسة الروس المتفوقين لمواصلة تعليمهم في أوروبا الغربية، مشيرةً إلى أن معظم الطلاب الروس الذين يذهبون للتخصص في أوروبا، لا يعودون أبدًا إلى روسيا.

وبحسب المقالة نفسها، فإن ما نسبته بين 10 و20 بالمئة من طلاب روسيا الجامعيين في التخصصات المرتبطة بالتكنولوجيا، يتمتعون بقدرات لامعة ويمكن أن يصبحوا مميزين في المستقبل، وبالتالي فإن الطريقة الأنجع لإضعاف نظام بوتين مستقبلًا، تكون عبر إعطاء آلاف الطلاب الروس الفرصة للذهاب إلى أوروبا الغربية، الأمر الذي ستكون تكلفته ضئيلة بالمقارنة مع تكلفة حرب عالمية ثالثة، قد تفرضها روسيا على العالم مستقبلًا. يختم كاتب المقال بالقول "هذه هي الخطوة الأكثر حسماً التي يمكن أن يتخذها الغرب لتقويض قدرة بوتين على شن الحرب وتدمير مستقبل نظامه".

روسيا

وتحت عنوان " العلماء الروس يواجهون العزلة بسبب غزو أوكرانيا "، نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية تقريرًا حول الآثار السلبية التي لحقت وستلحق بالعلماء والتقنيين الروس بسبب الحرب. التقرير عدّد المجالات العلمية التي ستشملها مقاطعة روسيا بسبب الحرب على أوكرانيا، من بينها إلغاء المؤتمرات والتبادلات الأكاديمية بين روسيا والعالم الغربي، بالإضافة إلى تغيير مكان المؤتمر الدولي لعلماء الرياضيات، الذي كان من المقرر عقده في مدينة سان بطرسبرغ خلال شهر تموز/يوليو القادم، فيما باتت برامج الفضاء الأمريكي الروسي والتي كانت متشابكة خلال السنوات الثلاثين الماضية، مهددة بالانفصال في الأيام المقبلة.

التقرير نفسه أشار إلى أن علماء وصحفيين علميين روس راسلوا موقع " تروستكي فاريانت " وهو منشور علمي مستقل في روسيا، وأعربوا عن رفضهم للحرب الروسية على أوكرانيا، على اعتبار أنه لا معنى له وهي بلا جدوى، ومع ذلك فإن العلماء يرون أن العقوبات المفروضة على روسيا، والمقاطعة الدولية لها، ستحدّ من قدرتهم بالقيام بعملهم بشكل طبيعي، ولن يتمكنوا بعد الآن بإجراء أبحاث علمية، لأن هذا الأمر لا يتم دون التعاون الكامل مع العلماء من الدول الأخرى.