23-يناير-2016

الموت يخيم على مدارس العراق (أحمد الربيعي/أ.ف.ب)

ينظر الطفل إلى جدران مدرسته قبل دخولها. لا يرى الورود، ولا صورة الطفل الذي يرتدي قبعة التخرج. حتى صورة ذلك الجندي الذي يحمل السلاح بيد وطفلًا بالأخرى، لم تعد متوفرة. تخلو أغلب جدران المدارس الابتدائية في العراق من رسوم الأمل، بعضها رُسم عليها ما يتلاءم مع طابع المدارس التعليمي، لكن لافتات الموتى التي عُلقت عليها حجبت رؤيتها، فأصبحت الجدران أشبه بجدار مقبرة وليست مدرسة.

تخلو أغلب جدران المدارس الابتدائية في العراق من رسوم الأمل، إذ تعلق على بعضها لافتات الموتى وهي بذلك تذكر بجدران المقابر

الموت الذي يحوم كثيرًا حول العراقيين لم يمنحهم وقتًا لتعليق لافتات موتاهم في أماكن غير المدارس. كثيرًا ما تُعلق هذه اللافتات في بداية شارع المتوفى. يتخذون من جدران المدارس محطة للإعلان عن القتلى. "عندما أدخل للمدرسة كل يوم، أرى صورة ذلك الشاب الذي قُتل في الحرب ضد "داعش"، وصور موتى آخرين"، يقول تلميذ في إحدى مدارس مدينة الصدر ببغداد.

رسمت الأحداث المضطربة في العراق والتي تكاثر فيها الموت، صورة غير التي يريدها أطفال العراق. فهؤلاء الراغبون بأيام وردية كبقية أطفال العالم، لا يجدون ما يساعدهم على الخلاص من واقعٍ بائس، فبالإضافة إلى الأزمة الأمنية، سيصطدمون أيضًا بأزمة اقتصادية. وسن الفتلاوي، معلمة في إحدى مدارس بغداد، تقول لـ"الترا صوت": إن "المدرسة التي أُدرس فيها أهلية، لذلك هناك اهتمام كبير بالرسوم على الجدران وكل ما يخص الأطفال، لكن المدارس الحكومية، تُعاني الكثير من الإهمال".

عند مدخل منطقة البنوك شرقي بغداد، رسمت على جدران إحدى المدارس ورود وصورة طفل وتفاصيل أخرى، باللون الأسود. يخال الجميع من النظرة الأولى أن ذلك الجدار ليس لمدرسة ابتدائية، وأن من الصعب أن يكون مكانًا يحيط بأجيال المستقبل.

في عام 2013، تسربت أنباء من داخل وزارة التربية العراقية عن وجود نية للوزارة إلى إلغاء الدروس الفنية من المدارس الابتدائية. كان هذا الخبر صحيحًا بحسب موظفين في الوزارة، لكن سرعان ما عدل المسؤولون فيها عن هذا القرار. إثر ذلك، اتخذت الوزارة قرارًا، بـ"إضافة علبتي هندسة وألوان لكل تلميذ، وتزويد المديريات العامة للتربية بهذه المواد والقرطاسية الكاملة منذ بداية شهر حزيران/يونيو إضافة إلى تسليم أغلب المديريات العامة للتربية بالكتب والقرطاسية منذ شهر نيسان/أبريل وبنسبة تجهيز 90 %"، بحسب المتحدثة باسم الوزارة سلامة الحسني.

لا يجد الطفل العراقي ما يمكنه من قضاء يوم سعيد في مدرسته. داخل المدرسة وبعيدًا عن الجدران، دورات المياه الصحية أغلبها غير صالحة للاستخدام، كما أن القاعات خالية من أبسط الخدمات مثل التكييف والنظافة.

معلمة في مدرسة ابتدائية بجانب الكرخ في بغداد، تقول لـ"الترا صوت": "المرافق الصحية في المدارس غير صالحة للاستخدام. إدارات المدارس لا تكلف نفسها عناء إصلاحها، فقط حمامات المعلمين نظيفة ويتم الاهتمام بها، بينما حمامات التلاميذ عكس ذلك". ويوجد في العراق الآن بحسب وزارة التخطيط العراقية،10779 مدرسة ابتدائية بين حكومية وأهلية، نسبة المختلطة منها 52%.

عاد تلميذ في بغداد خائبًا عندما ردّ مدير المدرسة طلبه، "طلبت منه أن أرسم لوحات لتلاميذ وأخرى عن الأمل على جدار المدرسة، وطلبت من الإدارة توفير الأصباغ فقط، لكن المدير رفض ذلك وقال: "نحن في وقت حرب والاقتصاد متدهور ولا نستطيع توفير الأموال لذلك"، هذا حال مدارس العراق وجدرانها.

اقرأ/ي أيضًا: 

العراق.. تلاميذ بلا مدارس

علماء العراق.. سيرة تشريد مستمر