10-أغسطس-2015

العلاج النفسي بالدراما اختصاص جديد نوعًا ما (Getty)

تقف أمل على المسرح، تلقي خطابًا طويلًا عن خوفها من المستقبل وإحساسها المستمر بالذنب تجاه تجاربها الماضية. تخاطب جمهور الحاضرين كاسرةً الجدار الرابع. لا تقدم تجربة أداء لدور تمثيلي، إنما تقوم بجلسة تدريبية في السيكودراما. هي واحدة بين كثيرين، إذ يعاني معظم الشباب من الضغوطات النفسية ويبحثون دائمًا عن ملجأ يهربون إليه من يومياتهم الرتيبة ومخاوفهم، والبعض منهم وجد في "العلاج الدرامي" مساحة يمكنهم من خلالها التعبيرعما يجول في داخلهم.

التجارب على المسرح

تختلف طريقة العلاج بالدراما بما يتلاءم مع المستوى الفكري والعمري للمتلقي 

يعرّف المخرج والمعالج الدرامي عجرم عجرم السيكودراما بأنها "العلاج النفسي القائم على تفريغ مشاعر وانفعالات الفرد من خلال أدائه لدور درامي يجسده ويرتبط بطريقة أو بأخرى بتجاربه الشخصية"، ثم يستفيض "هذا النوع العلاجي بدأ يأخذ مكانته في المجتمع اللبناني، فالعديد من الأشخاص، بخاصة الشباب وطلاب الجامعات، يلجأ لمعالجة مشاكله عبر الدراما".

تصف أمل العجمي (20عامًا) تجربتها  بالغريبة والجديدة: "قمت بتجربة السيكودراما منذ فترة وجيزة، وأجد هذه التجربة من أهم وأغرب التجارب التي خضتها حتى الآن. لقد أتاحت لي معالجة الضغوطات النفسية عبر مجموعة ألعاب درامية هادفة ومسلية". لقد استطاعت من ناحية أن تتعلم السيطرة على مشاعرها الداخلية، أو ما يسمى بالمسرح الداخلي، ومن "ناحية أخرى صرت أمتلك القدرة على التعبير بثقة أكبر عن نفسي وعن مكنوناتي الداخلية".

بدوره، يقول حسن درويش، الأستاذ المدرسي، عاش تجربة مغايرة مع السيكودراما: "تجربتي علمتني كيف أفكر بطريقة إيجابية من خلال التمارين، لقد تحدثت عن مواقف معينة عشتها وعن بعض ذكرياتي في الجلسات وشعرت لأنني أصبحت بحال أفضل لأنني كشاب شرقي اعتدت على الكتمان والاحتفاظ بمشاعري". 

الدافع.. حب الاطلاع

لم يكن الأمر خيارًا إلزاميًا. تقول أمل إنها لجات الى السيكودراما بالدرجة الأولى لأنها طالبة في علم النفس، وكان لابد أن تلمّ بأكبر عدد من طرق العلاج المختلفة لزيادة خبرتها في هذا المجال... "ومن أجل تفريغ مكنوناتي بالدرجة الثانية، ولأن العلاج بالدراما جديد نوعًا ما في لبنان، دفعتني حشريتي  لمعرفة المزيد عنه". في المقابل يعتبر حسن أن السبب الأساسي للجوئه إلى السيكودراما هو "لتجربتها وتعلم تقنياتها من أجل ممارستها مع طلابه فضلًا عن حاجته للتفريغ النفسي عما في داخله". ويشرح عجرم أسباب انتشار العلاج الدرامي بين أوساط الشباب مؤخرًا بتفاؤل شديد: "الشباب لديهم حب الاطلاع وتجربة ما هو جديد، لذلك يعتبرون العلاج الدرامي ليس علاجًا نفسيًا، بقدر ما هو تجربة جديدة ومسلية"، معتبرًا أنّ "توسّع اطلاع الشباب وانفتاحهم على العالم من خلال الإنترنت عرفهم على طرق جديدة كالعلاج الدرامي لحل مشاكلهم، وبالتالي أصبح لديهم الحافز لمراجعة المعالج الدرامي".


طلاب، أطفال، ومدمنون

لا تقتصر السيكودراما على الشباب ومشاكلهم فقط، بل تطال كافة الفئات العمرية والحالات المتنوعة التي تجد زاويتها الخاصة في هذا النمط العلاجي. يتحدث المعالج الدرامي مايك أيفازيان عن الحالات المتنوعة التي يتعامل معها بشغفٍ شديد: "أعمل معظم الأوقات مع أشخاص يعانون من الإدمان، أستطيع أن أتحدث عن حالة مدمن كان لا يعرف سبب حاجته إلى المخدرات على الرغم من شفائه من الإدمان، ولذا بدأت من خلال العلاج الدرامي أبحث معه عن الأسباب، لأكتشف لاحقًا أن السبب هو شعوره بالضعف أمام أي شيء بسبب حادثة حصلت معه خلال مراهقته". عمل أيفازيان أيضًا مع الأطفال، ولكن بالطبع تختلف طريقة العلاج بما يتلاءم مع المستوى الفكري للطفل... "التعامل مع الأطفال دقيق للغاية، لأن مخيلة الطفل تختلف عن مخيلة الراشدين".  هناك طفل كان يعاني من الضغط من قبل والدته، ولكي يفرغ هذا الضغط أخبر المعالج عن قصة طفل يهرب من وحش ضخم يريد أن يلعب دوره، وأصر الطفل أن يكون هذا الوحش أنثى ليتمثل في مخيلته أنه استطاع أن يهرب، والوحش ما هو في الحقيقة سوى أمه.